نشر موقع "ميدل إيست آي" مقالا للمحلل السياسي خليل العناني، تطرق خلاله إلى هرولة الديكتاتوريين العرب إلى مصافحة المستبد بشار الأسد بزعم تقديم الدعم لضحايا الزلزال الذي أثر على شمال غرب البلاد.
وقال الموقع إن "المسؤولين العرب توافدوا، في الأسابيع الأخيرة، إلى سوريا ليس لتقديم الدعم لضحايا الزلزال الذي أثر على شمال غرب البلاد، مما أسفر عن مقتل حوالي 6000 شخص، ولكن بدلا من ذلك لإعادة الانخراط وتطبيع العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد.
وأضاف أنه في 27 فبراير، وصل وزير خارجية السيسي سامح شكري إلى دمشق في أول زيارة يقوم بها مسؤول مصري رفيع المستوى منذ بدء الانتفاضة السورية في عام 2011. وقبل ذلك بيوم، زار وفد من المشرعين العرب برئاسة رئيس برلمان السسي، حنفي الجبالي، دمشق والتقى الأسد ومسؤولين سوريين آخرين.
وأوضح انه في وقت سابق من الشهر الماضي، بعد أيام فقط من الزلزال، زار وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد العاصمة السورية وحضر اجتماعا مع الأسد. وبعد أيام، زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي دمشق في أول رحلة من نوعها يقوم بها مسؤول أردني كبير منذ بدء الانتفاضة السورية.
وقام الأسد نفسه بزيارته الرسمية الثانية فقط منذ عام 2011 الشهر الماضي إلى سلطنة عمان، البلد الذي لم يقطع علاقاته مع دمشق، حيث استقبله السلطان هيثم بن طارق.
وقد برر هؤلاء المسؤولون هذه الزيارات في سياق تقديم الدعم والتضامن للشعب السوري بعد الزلزال. لكن هذا التبرير لا أساس له من الصحة، ويكشف مدى حرص هذه الدول على استعادة علاقاتها مع نظام الأسد، وسط حرب مستمرة أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشردت أكثر من 12 مليونا ودمرت البلاد.
ومن المفارقات أن الزلزال لم يضرب دمشق، بل أثر بشكل أساسي على مدن مثل حلب وحماة واللاذقية وإدلب، وبعضها لا يخضع لسيطرة الحكومة السورية.
قبل الزلزال
وأشار الموقع إلى أن عملية تطبيع العلاقات وإعادة تأهيل الرئيس السوري بدأت، في الواقع، قبل وقوع الزلزال بوقت طويل، قدمت الإمارات العربية المتحدة الدعم لفترة طويلة من الزمن وكانت أول دولة عربية تعيد فتح سفارتها في دمشق، وفي العام الماضي، أصبحت أيضا أول دولة عربية تستقبل الأسد منذ اندلاع الحرب السورية.
وتحدث محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي مع الأسد هاتفيا من وقت لآخر، وكانت الإمارات من بين الدول القليلة التي حافظت على علاقة مفتوحة مع الرئيس السوري في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، أفادت بعض التقارير أن الإمارات قدمت دعما ماليا لنظام الأسد، وأرسلت ملايين الدولارات لتعزيز موقفها الداخلي، ويمكن تفسير هذا الدعم جزئيا بالعداوة بين أبو ظبي وتركيا في السنوات الأخيرة، قبل تقاربهما على مدى العامين الماضيين. كما تحرص أبو ظبي على إبعاد سوريا عن تحالفها مع إيران، التي ينظر إليها على أنها تهديد محتمل للأمن القومي الإماراتي.
أما بالنسبة لنظام السيسي، فمنذ استيلاء الجيش على السلطة في منتصف عام 2013، تتحسن علاقته مع نظام الأسد باستمرار من خلال الدعم السياسي والدبلوماسي، خاصة فيما يتعلق بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، التي علقت عضويتها في أواخر عام 2011.
كما كانت هناك تقارير عن تقديم مصر مساعدات عسكرية لنظام الأسد، وأكد عبد الفتاح السيسي دعمه للجيش السوري في عهد الأسد في مقابلة مع منفذ إعلامي برتغالي في عام 2016. كما تحدث السيسي مع الأسد بعد الزلزال، في أول مكالمة هاتفية رسمية بين الزعيمين.
يمكن تفسير دعم حكومة السيسي لنظام الأسد بعدة عوامل تشابه النظامين من حيث الوحشية والقمع في التعامل مع المعارضين، وجهة نظرهم المشتركة بأن الربيع العربي كان مؤامرة خارجية وتهديدا وجوديا يجب مواجهته والقضاء عليه، وتحالفاتهم الفردية مع روسيا، وهو ما يعني التضامن مع مشروع موسكو في منطقة الشرق الأوسط.
ابتزاز الولايات المتحدة
ونوه الموقع بأن ما يلفت النظر هو أن تلك الدول التي تطبع العلاقات مع نظام الأسد هي من بين أهم الحلفاء الاستراتيجيين للولايات المتحدة في المنطقة. لقد رفضت الولايات المتحدة، على الأقل في الوقت الحالي، التطبيع مع الأسد، ويبدو أنها ليست لديها مصلحة في إعادة تأهيل النظام السوري إقليميا أو دوليا.
من الواضح أن هذه الدول ترى أن إدارة بايدن ضعيفة ومهتزة، ومن غير المرجح أن تتخذ إجراءات ضد الدول التي اختارت تطبيع العلاقات مع نظام الأسد. إنهم يستغلون الانشغال الأمريكي بحرب روسيا على أوكرانيا من جهة، والصراع الأميركي مع الصين من جهة أخرى، من أجل انتهاج سياسة خارجية شبه مستقلة تعزز مصالحهم الذاتية.
وأخيرا، قد يحاول البعض استخدام قضية التطبيع كوسيلة ضغط سياسية أو استراتيجية أو اقتصادية على الولايات المتحدة.
باختصار، لا ينبغي أن يكون مفاجئا أن تقوم بعض الأنظمة العربية بتطبيع العلاقات مع الأسد، لأنها تظهر سمات مماثلة من الاستبداد والقسوة، وبالتالي فإن تأييدهم للنظام السوري الحالي يتماشى مع قيمهم وممارساتهم السياسية.
ومن المرجح أن تستمر عملية التطبيع هذه في المستقبل المنظور، مما قد يؤدي إلى إعادة قبول سوريا في جامعة الدول العربية بعد سنوات من الاغتراب، وعلى الرغم من استمرار العنف والنزوح للسكان السوريين، فإن مؤيدي نظام الأسد سيبررون بالتأكيد تأييدهم تحت ذريعة مساعدة الشعب السوري.
https://www.middleeasteye.net/opinion/syria-arab-dictators-assad-rehabilitate-rushing-why