“وول ستريت جورنال”: الجيش يتعرض لضغوط لتخفيف قبضته على الاقتصاد

- ‎فيأخبار

قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن “عبدالفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري، لا يظهر سوى القليل من العلامات على تفكيك المصالح التجارية للجيش، على الرغم من ضغوط صندوق النقد الدولي وداعمي الخليج العربي”.

وبحسب تقرير نشرته الصحيفة، فإنه خارج محطة رمسيس التاريخية للسكك الحديدية، وهي واحدة من أكثر التقاطعات ازدحاما في القاهرة، يبيع أكثر من عشرة أكشاك للطعام ومتاجر صغيرة مجموعة متنوعة من السلع، مثل الكرواسون والفول السوداني والفواكه الطازجة واللحوم، وراء هذا القطاع من الأعمال الجيش المصري.

وأضاف التقرير أنه في عهد السيسي، وهو جنرال سابق، توسع دور القوات المسلحة في القطاع الخاص بشكل كبير منذ توليه السلطة قبل ما يقرب من عقد من الزمان، جزئيا للحفاظ على السيطرة السياسية ولكن أيضا لأنه يعتبرها الطريقة الأكثر فعالية لبناء رؤيته لمصر الحديثة.

وأوضح التقرير أن الجيش يمتلك، اليوم، مئات الكيانات والوكالات التي تمس الحياة اليومية لملايين المصريين، بما في ذلك محطات الوقود، وسلاسل الوجبات السريعة الشعبية، وحتى المزارع السمكية، هناك مصانع أسمنت مملوكة للجيش وكيانات تشرف على البناء. وتظهر الأرقام الواردة في منشور للجيش المصري على فيسبوك أن الجيش يدير نحو 1500 كشك، مثل تلك الموجودة خارج محطة رمسيس، وبعضها يحمل لافتات عسكرية.

لكن الآن، يضغط دور الجيش المتضخم في الاقتصاد على القطاع الخاص في العديد من الصناعات، مما يزيد من الأزمة الاقتصادية البطيئة، ويقول الاقتصاديون إنه “يثير قلق أكبر الداعمين الماليين للسيسي، صندوق النقد الدولي وممالك النفط في الخليج العربي، الذين يضغطون عليه لتحقيق تكافؤ الفرص”.

وأشار التقرير إلى أن صندوق النقد الدولي يضغط على حكومته للحد من البصمة الاقتصادية للجيش وتفصيل الإعفاءات الضريبية الممنوحة للشركات المملوكة للجيش كجزء من خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار لمنع البلاد من التخلف عن سداد جبل من الديون التي تم سحبها لدفع تكاليف طفرة البناء التي استمرت سنوات.

وفي الوقت نفسه، يحث حلفاء السيسي الإقليميون في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على توفير مساحة أكبر للشركات الخاصة، كما يقول أشخاص مطلعون على الوضع، إنهم يحجمون عن استثماراتهم في مصر حتى تظهر صورة أوضح، كما يقول الناس.

ومع ذلك، لم يظهر السيسي سوى القليل من علامات التراجع، مراهنا على أن الدائنين الأجانب سيستمرون في دعم مصر، لأنهم يرون أن أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان أكبر من أن تفشل، كما يقول المحللون، لا أحد منهم يريد أن يرى تكرارا للثورة المصرية عام 2011 واحتجاجات الربيع العربي في الشوارع التي انتشرت في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وحتى الآن، عرضت حكومة السيسي بيع حصص في 32 شركة تسيطر عليها، اثنتان فقط مملوكتان للجيش.

ونقلت الصحيفة عن يزيد صايغ، المحلل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، قوله إنه “من غير المرجح أن يقلل السيسي من النفوذ الاقتصادي للجيش لأن السيسي يعتقد أن نظام القيادة على المستوى المركزي هو وحده الذي يمكنه تسليم الأشغال العامة بسرعة”.

وقال صايغ “السيسي مقتنع بأن الجيش هو أفضل شيء بالنسبة له، مما يجعله في المقدمة بطريقة لم يفعلها أي حاكم آخر”.

لم يستجب مكتب الرئاسة ووزارة الدفاع المصرية لطلبات التعليق.

وقال السيسي للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في فبراير إن “حكومته تتطلع إلى إدخال إصلاحات لتعظيم دور القطاع الخاص في الاقتصاد” ودفع صندوق النقد الدولي سلطات الانقلاب لإصلاح الاقتصاد منذ أن بدأ إقراض البلاد في عهد السيسي في عام 2016 لكن حكومة السيسي دخلت في أزمة اقتصادية كاملة بعد أن ضربت جائحة كوفيد-19 صناعة السياحة فيها وأدت الحرب في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، ومع توتر المستثمرين في الاقتصاد وانسحابهم من الأصول المصرية، انخفض الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي، تاركا البلاد تكافح لدفع ثمن واردات سلع مثل القمح والإلكترونيات والسيارات.

ورفض صندوق النقد الدولي التعليق على المناقشات مع حكومة السيسي، لم تستجب حكومتا الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لطلبات التعليق.

وأشار التقرير إلى أن المشاكل الاقتصادية في مصر تعزى جزئيا إلى مزاحمة الجيش للقطاع الخاص، الذي يشهد تراجعا منذ أكثر من عامين، وفقا لمؤشر ستاندرد آند بورز جلوبال لمديري المشتريات في مصر الذي يستطلع 450 شركة خارج صناعة النفط في مجالات التصنيع والبناء والتجزئة والخدمات.

ولفت إلى أنه منذ إطلاقها في عام 2015، استثمرت الشركة الوطنية للاستزراع المائي السمكي التابعة للقوات المسلحة مئات الملايين من الدولارات الأمريكية في أحواض الأسماك والروبيان، بما في ذلك واحدة من أكبر المرافق في الشرق الأوسط الواقعة بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط، وفي الوقت نفسه تقريبا، ألغت سلطات الانقلاب الإعانات الحيوية للمزارع الخاصة والمفرخات لإدارة أعمالها، مما جعل من الصعب عليها المنافسة.

وفي مجال الأسمنت، واجهت المصانع الخاصة في السنوات الأخيرة الإفلاس، وناشدت حكومة السيسي المساعدة بعد أن أطلقت شركة أسمنت العريش التابعة للجيش أكبر مصنع للأسمنت في البلاد في عام 2018، مما تسبب في زيادة العرض.

ووعد رئيس حكومة السيسي، مصطفى مدبولي العام الماضي ببيع حصص في الوطنية للبترول، وهي سلسلة محطات وقود، وكذلك الشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه، التي تبيع مياه الشرب وزيت الزيتون، وقدمت سلطات الانقلاب وعودا مماثلة منذ أكثر من عامين، دون أن تؤتي أي عملية بيع ثمارها.

وقال شخص مطلع على خطط بيع أصول الوطنية إن “الجيش أدار الشركة دون أي من الأوراق الحكومية اللازمة، بما في ذلك أذونات ملكية الأراضي والتراخيص المتعلقة بالبيئة والمرور والسلامة، وقال الشخص إن العناية الواجبة من قبل المشترين المحتملين بدأت للتو لأن الشركة جمعت دفاترها أخيرا”.

ونوه التقرير بأنه، من خلال مركزية السيطرة على الاقتصاد تحت إشراف الجيش، يضمن السيسي قدرته على توجيه تدفقات الأموال في مصر، مما يمنحها دورا رئيسيا في تحول البلاد الذي يغذيه البناء، مما يمكنها من إنشاء طرق سريعة وجسور ومدن جديدة، بما في ذلك عاصمة جديدة مبهرجة في شرق القاهرة.

وتابع “في السنوات الأخيرة، بدأ الجيش في الانتقال إلى مساحات البيع بالتجزئة. على طول المساحات الشاسعة من الطرق السريعة الجديدة في مصر، تدعو اللافتات الحمراء والزرقاء اللامعة سائقي السيارات إلى محطات “Chill Out” التي تقدم البنزين الرخيص بالإضافة إلى القهوة والكعك والوجبات الخفيفة الأخرى، مثل امتياز 7/11. غالبا ما تحتوي الفروع على ماكدونالدز ودانكن دونتس وسيركل كيه، وهي كثيرة جدا لدرجة أن اثنين يجلسان أحيانا على طول الطريق بجانب بعضهما البعض”.

ويقول محللون إن “الجيش الآن راسخ بعمق في الاقتصاد، وهو يعمل من خلال شبكة واسعة من الشركات التي يديرها ضباط سابقون وكذلك المشاريع المشتركة مع الشركات الخاصة والكيانات الأخرى التي تسيطر عليها على الورق، وقد تأسست الذراع الرئيسية لصنع الأعمال العسكرية، والتي تسمى منظمة مشاريع الخدمة الوطنية ، في 1970s وليس مطلوبا منها الكشف عن جميع أنشطتها بالتفصيل”.

ويقول خبراء اقتصاديون إن “صندوق النقد الدولي يكافح لمعرفة أين يبدأ الدور الاقتصادي للجيش وأين يتفاعل في الغالب مع البنك المركزي ورئيس الوزراء بدلا من الجنرالات على الرغم من كونه أحد أكبر دائني مصر”.

ويقدر صايغ من كارنيغي أن حوالي 80 شركة فقط يدير الجيش المصري أعماله من خلالها مسجلة رسميا، وأضاف أن عدة مئات من نوادي ومنتجعات الضباط وكذلك فروع الأشغال العامة ليست كذلك ، حيث تحقق الأخيرة أكبر قدر من الإيرادات.

ومن بين المشروعات التي يديرها الجيش والتي تنطلق هذا العام مجمع للأسمدة على طول ساحل البحر الأحمر، ومصانع الألبان والبسكويت في شمال مصر، ومصنع لمعالجة النفايات وإعادة تدويرها في جنوب مصر، وفقا لما ذكرته تصريحات رئاسة الانقلاب.

وأكمل التقرير “لم يكن الجيش محصنا ضد الأزمة الاقتصادية، ويقول أصحاب أعمال خاصة إن التعاون بين الجيش والمقاولين من القطاع الخاص توقف مع انخفاض قيمة الجنيه المصري إلى النصف تقريبا في العام الماضي وفرضت السلطات قيودا على الاستيراد في محاولة للحفاظ على العملة الأجنبية”.

وأردف “مع ذلك، تتمتع الشركات العسكرية بميزة الالتفاف على الضرائب والجمارك، والحصول على الأراضي مجانا بموجب مرسوم رئاسي، في مجال البناء، يمكن للجيش تنفيذ رؤية السيسي بسرعة إلى حد كبير لأنه يمكن أن يتجاوز الوزارات الحكومية ويخترق الروتين”.

وواصل التقرير “كما انتقلت للسيطرة على كل شيء من الإنتاج إلى البيع بالتجزئة في بعض القطاعات، في متاجر البقالة والمتاجر التي تحمل علامة “صن مول” والتي يبلغ عددها الآن العشرات، يبيع الجيش المياه المعبأة في زجاجات والروبيان المجمد ولحم البقر والأسماك، بالإضافة إلى معكرونة السكر والمعكرونة الخاصة به”.

واختتم التقرير ” حتى لو أراد السيسي الحد من سلطة الجيش، فقد يواجه مقاومة كبيرة من داخل المؤسسة، كما يقول المحللون السياسيون، يقول رجال أعمال مصريون إن عائلات كبار ضباط الجيش جمعوا ثروات كبيرة من خلال مزاياهم في عالم الأعمال، مضيفين أنهم سيكرهون التخلي عن ذلك”.

 

https://www.wsj.com/articles/egypts-military-is-under-pressure-to-loosen-its-grip-on-economy-b77d935d