مع اقتراب الشهر الكريم ..موجات الغلاء تحرم المصريين من شنط رمضان وموائد الرحمن

- ‎فيتقارير

 

 

 

مع اقتراب شهر رمضان يتطلع الفقراء وأعدادهم بالملايين، حيث يعيش أكثر من 70 مليون مصري تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي إلى موائد الرحمن وشنط رمضان التي يقيمها ويوزعها بعض الأغنياء وبعض الجمعيات الخيرية في الشهر الكريم، لكن مع التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه مصر في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي وإغلاق آلاف المصانع والشركات، تراجعت أعداد موائد الرحمن في السنوات الآخيرة بصورة لافتة، ولم يعد يوزع شنط رمضان إلا عدد قليل، وهو ما تسبب في زيادة أعباء الفقراء الذين لا يجدون أي حنية من المنقلب.

والأكثر من ذلك أن هذه الأعمال مهددة الآن بالتوقف بسبب الحالة الاقتصادية التي يعاني منها الجميع، حيث سقطت شريحة كبيرة من الطبقة الوسطى تحت خط الفقر، ليمتنع هؤلاء عن توزيع الشنط والمشاركة في موائد الرحمن، وهو ما يهدد بتوقف أعمال الخير التي كان ينتظرها الفقراء من عام لآخر.

ويتزامن مع موائد الرحمن شنط رمضان التي كان يحرص الكثيرون على إعدادها وتوزيعها على الفقراء، حيث كان المقتدرون يقومون بتوزيع هذه الشنط أو الكراتين على الفقراء والمحتاجين سواء بأنفسهم أو من خلال الجمعيات الأهلية أو المساجد التي تتولى هذه المهمة، وأصبحت هذه الظاهرة من أهم المظاهر الرمضانية كل عام، لكن مع موجات الغلاء وارتفاع الأسعار والأزمات الاقتصادية تأثرت هذه العادات الخيرية كثيرا، وتراجعت حصة إعداد شنط رمضان وموائد الرحمن التي ينتظرها الفقراء وعابرو السبيل والمساكين، ويهرول إليها فاعلو الخير.

 

يشار إلى أن موائد الرحمن كانت من أهم مميزات الشهر الفضيل، وهي أحد صور التكافل الاجتماعي بين المصريين في رمضان، ويرجع تاريخ أول مائدة رحمن في مصر إلى عام 880م حينما أقامها أحمد بن طولون في السنة الرابعة لولايته، وأخبر الجميع بأن تلك المائدة سوف تستمر طوال أيام شهر رمضان الكريم.

وبعد مرور فترة من الزمن اختفت موائد الرحمن، وعادت مرة أخرى في عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله، والذي أقام مائدة يبلغ طولها حوالى 175مترا، وكان يُخرج من قصره 1100 قدر من جميع أنواع الطعام لتوزيعها على الفقراء، وسميت في ذلك الوقت «دار الفطرة»، ثم عادت للاختفاء مرة أخرى، لتعود من جديد في القرن العشرين.

 

شنط رمضان

 

في محاولة للتغلب على ارتفاع الأسعار طرح سالم فتحي أحد التجار أفكارا جديدة لإعداد شنطة رمضان، لمساعدة المساهمين في فعل الخير بأسعار مناسبة تمكنهم من استكمال جهودهم، في ظل موجات الغلاء وارتفاع الأسعار التي تسببت في عزوف الكثيرين عن أعمال الخير.

ونصح «فتحي» في تصريحات صحفية المقبلين على إعداد شنط رمضان، بضرورة اتباع عدد من المعايير وتحديد الميزانية الخاصة بالشنط أثناء تجهيزها خلال الأيام المقبلة، موضحا أنه يفضل وضع بروتين نباتي إن لم تسمح الإمكانات بوضع الحيواني، فالجسم خلال شهر رمضان يحتاج لتنوع العناصر، ويمكن وضع أصناف قليلة من السلع لكن بكميات كبيرة، كما يجب شراء المكونات الجافة من أرز وحبوب وبقوليات، ومعرفة أن الأرز أفضل في التوزيع من أكياس المكرونة، ولكن لا بأس من وضع كيسين أو ثلاثة منه في كل شنطة، لتكفي احتياجات الأسرة.

وأضاف، يفضل وضع علب الفول كونه الطبق الرئيسي للسحور في رمضان ووضع بعض الكماليات كالملح والدقيق والتوابل بها، بالإضافة لوضع علب من الأجبان لأنها وجبة يعتمد عليها الكثيرون، فوجودها في شنط رمضان يزيد من فرحة الفقراء .

واقترح فتحي أن تحتوي الشنطة على المكونات الجافة الآتية، ٤ كيلو أرز – كيلو فاصوليا – كيلو عدس – زجاجة زيت – ٢ كيس ملح – كيلو بلح – كيلو سكر» أما بالنسبة للبروتين “اللحوم أو الفراخ” فيمكن استبدالها بمبلغ من زكاة المال يوفر للأسر بروتينا ويغطي جزءا لا بأس به من احتياجاتهم.

 

وجبات مغلفة

 

وقال الحاج محمد زكي صاحب أحد محلات الجملة في منطقة السيدة زينب إنه "اعتاد تجهيز مائدة رحمن لإفطار الصائمين منذ ما يقرب من 10 أعوام، لتصبح عادة ينتظرها الجميع في شهر رمضان في نفس المكان".

وأكد زكي في تصريحات صحفية أنه رغم ارتفاع الأسعار إلا أن أهل المنطقة حريصون كل الحرص على تنظيم هذه المائدة لتقديم خدمة للناس والتقرب إلى الله.

وأشار إلى أن المائدة لم تتوقف منذ بدايتها إلا بسبب تفشي وباء كورونا خلال العامين الماضيين، إلا أنها ستقام مرة أخرى هذا العام ويحرص الجميع على إقامتها بنفس المستوى، بمشاركة مجموعة من الشباب لتتسع لأكبر عدد من الأشخاص وتحتوي الوجبات على لحوم ودواجن وحلويات بدعم من أهل الخير.

وأضاف زكي أنه سيتم تجهيز وجبات مغلفة للناس البسيطة غير القادرين أو الممتنعين عن الحضور بسبب الخجل وإرسالها إليهم في أماكنهم.

 

ارتفاع الأسعار

 

حول أهمية شنط رمضان وموائد الرحمن قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إن "شنطة رمضان وموائد الرحمن تشعر الفقراء بأن الأغنياء أو القادرين مهتمون بأمرهم، فهي تشبع احتياجاتهم نفسيا ومعنويا وماديا وتنمي شعورا بالانتماء والمحبة داخل المجتمع، وتنمي الروابط الاجتماعية بين الجميع".

وأكدت د.سامية في تصريحات صحفية على دور الإعلام في توعية المواطنين للتبرع وزيادة أعمال الخير خلال شهر رمضان في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار الذي بات متفشيا في الآونة الأخيرة، موجهة كل فاعل خير بتحديد عدد الأسر التي يُرغب في إهدائها شنط رمضان لترتيب الأمر وتحقيق الهدف المنشود .

وأشارت إلى أن الصدقة من أجمل الأعمال الخيرية في شهر رمضان، فهي تدفع البلاء عن الشخص الذي يحرص عليها، لذلك يجب على الجميع المشاركة في تجهيز هذه الحقائب وتنظيم مثل هذه الفعاليات.

ووجهت د.سامية بضرورة أن تحتوي الشنطة على كميات كافية ونوعيات مطلوبة من السلع، بمعنى أن تشتمل على الأسآسيات بالدرجة الأولى مثل الأرز, المكرونة, السمن والزيت, والسكر, وإذا كانت هناك سعة من الرزق فليكن هناك بعض اللحوم أو الدواجن، لمساندة الفقراء الذين يعانون بسبب ارتفاع الأسعار.