“المونيتور”: تعثر خطط الخصخصة في مصر رغم تزايد الضجة

- ‎فيأخبار

قال موقع "المونيتور" إن زيارة عبد الفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية انتهت هذا الأسبوع، حيث التقى بولي عهد المملكة، محمد بن سلمان، دون أي إعلانات رئيسية. لكنه جاء في وقت تكافح فيه حكومة السيسي أزمة اقتصادية عميقة بينما يتردد حلفاؤها الخليجيون بشكل متزايد في تقديم الدعم دون شروط..

وفي الوثيقة المصاحبة للاتفاقية التي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار والتي وقعتها حكومة السيسي وصندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022، ذكرت القاهرة أنها حددت مجموعة من الشركات المملوكة للدولة التي تأمل في بيع حصتها في جمع 2.5 مليار دولار بحلول يونيو. وسيتم تخصيص الأموال لفجوة التمويل في البلاد البالغة 5 مليارات دولار.

وقبل أشهر، عندما أدى الاضطراب الاقتصادي الذي أطلقه الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تسريع هروب رؤوس الأموال الضخمة في مصر وترك البلاد في وضع اقتصادي ضعيف للغاية، تدخلت كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية، وتعهدت بضخ ما لا يقل عن 22 مليار دولار لدعم الموارد المالية للقاهرة، وذلك أساسا من خلال الاستثمارات.

ومع ذلك، بعد مرور عام على تلك التعهدات الأولية، وبعد ما يقرب من أربعة أشهر من اتفاق صندوق النقد الدولي، لم يتحقق سوى جزء بسيط من هذه الاستثمارات، بسبب الصعوبات في الاتفاق على كيفية المضي قدما، وإحجام القاهرة عن بيع الأصول والشركات الاستراتيجية والمربحة، والاقتصاد المصري شديد التقلب، ورفض حلفائها الخليجيين الاستمرار في صرف الأموال السهلة.

وقال كالي ديفيس، الخبير الاقتصادي في أكسفورد إيكونوميكس أفريكا، للمونيتور "حتى الآن، شهدت حملة الخصخصة في مصر بعض الضربات وقائمة متزايدة من الأخطاء".

وفي أبريل الماضي، استحوذ صندوق الثروة السيادية "القابضة" (ADQ) في أبوظبي على حصص في خمس شركات مصرية، بما في ذلك ثلاث شركات مملوكة للدولة، وهي أكبر شركتين في قطاع الأسمدة، وهما موبكو وأبو قير للأسمدة، والإسكندرية لمناولة الحاويات والبضائع. كما اشترت "القابضة" (ADQ) حصصا في البنك التجاري الدولي، أحد أكبر البنوك في مصر، والذي جاء جزء منه من البنك الأهلي المصري المملوك للدولة.

ثم، في أغسطس، اشترت الذراع المصرية لصندوق الاستثمارات العامة السعودي حصص أقلية بقيمة 1.3 مليار دولار في أربع شركات مملوكة للدولة مدرجة في البورصة، بما في ذلك نفس الشركات الثلاث التي دخلتها "القابضة" (ADQ)، بالإضافة إلى منصة التكنولوجيا المالية E-Finance.

وفي محاولة واضحة للحفاظ على الزخم، وافق السيسي في ديسمبر على وثيقة تحدد ملامح مستقبل وجود القطاع العام في الاقتصاد الوطني. وفي فبراير، كشف رئيس حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي النقاب عن 32 شركة مملوكة للدولة تخطط الحكومة لبيع أسهمها في غضون عام.

ومنذ ذلك الحين، تنشر الصحافة المحلية تقارير وتسريبات وشائعات شبه يومية حول تقدم برنامج الخصخصة، مدفوعة في بعض الأحيان بإعلانات جديدة من حكومة السيسي. لكن إبرام الصفقات يثبت أنه مهمة أكثر صعوبة.

ومن بين 32 شركة مخصصة للخصخصة، هناك شركتان في مرحلة متقدمة بشكل خاص، لكن الاهتمام يسبق إعلان حكومة السيسي في فبراير. الأولى – شركة الدهانات والصناعات الكيماوية – أثارت حرب مزايدة بين شركة إماراتية وشركتين مصريتين. وشركة سيدي كرير للبتروكيماويات، وهي واحدة من أكبر شركات الكيماويات في مصر، تضع عينيها على الشركة المصرية للإيثيلين ومشتقاته.

وتشمل القطاعات الأخرى التي جذبت قدرا كبيرا من الاهتمام الخدمات اللوجستية والنقل والموانئ. وهنا، هناك اثنتان من أكثر الشركات المرغوبة التي أشار إليها مجلس وزراء الانقلاب هما شركة دمياط لتداول الحاويات والبضائع، وشركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، والتي يقال إن بيعها قد جذب اهتمام المستثمرين القطريين والإماراتيين لكنهما لا يزالان متوقفين.

كما كانت الحكومة منفتحة للتفاوض على بيع حصص أقلية في شركات رئيسية أخرى مثل المصرية للاتصالات (TE)، شركة الهاتف الرئيسية في البلاد، وفودافون مصر، المملوكة بنسبة 45٪ للشركة المصرية للاتصالات. وفي كلتا الحالتين، أفادت بعض التقارير أن المحادثات اجتذبت اهتماما كبيرا من قطر، لكنها لم تؤت ثمارها بعد.

ويدعي صندوق الثروة السيادية المصري، الذي يلعب دورا رائدا في برنامج الخصخصة، الآن أنه يهدف إلى البدء في تسويق الشركات المملوكة للدولة في صندوق الطرح العام قبل الأولي بعد شهر رمضان، لكن خططه تأجلت مرارا وتكرارا.

كما أن مستقبل الشركتين المملوكتين للجيش المدرجتين ضمن 32 شركة تم تخصيصها في فبراير – شركة التعبئة صافي والوطنية للبترول – غير مؤكد أيضا بعد أن قال مجلس الوزراء إن الأسهم ستطرح بحلول منتصف مارس ، وهو ما لم يحدث.

وقال ديفيس: "يبدو أن خطط الحكومة لبيع حصص في 32 شركة بحلول مارس 2024 لن يتم تنفيذها ضمن الجدول الزمني المقترح". وأشارت إلى أنه "سيتم بالفعل تفويت الموعد النهائي لبيع الحصص الأولى بحلول نهاية مارس 2023".

وأشارت إلى أن "المقاومة قد تأتي من وزارة المالية التي تحجم عن سحب استثماراتها من الشركات المدرة للنقد، وكذلك من الجيش الذي يتردد في فتح دفاتر الشركات التي يملكها وتعريض مواقع الضباط الحاليين والمتقاعدين الذين يديرونها للخطر".

ومن النقاط الشائكة الرئيسية في المفاوضات بين حكومة السيسي والمستثمرين الخليجيين حجم الحصص المعروضة للبيع حيث تفضل القاهرة بيع حصص أقلية بينما يسعى المستثمرون الخليجيون إلى مزيد من السيطرة. كما يثبت تقييم الشركات أنه نقطة خلاف.

وقال مصطفى شافعي، كبير محللي الأسهم في "عربية أونلاين"، وهي شركة وساطة محلية، ل"المونيتور". "التضخم وأسعار الفائدة وسعر الصرف هي من العناصر الأساسية التي تتحكم وتؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على تقييم الشركات"، من الممكن أن تستغرق المفاوضات مزيدا من الوقت في ظل الظروف [الحالية]".

وفي الحالات التي ينظر فيها إلى دخول المستثمرين الأجانب على أنه أكثر حساسية، مثل قناة السويس الاستراتيجية والبحر الأحمر، كان جزء من جهاز الدولة المصري مترددا أيضا في تقديم تنازلات، وفقا لموقع "مدى مصر" الإخباري المستقل.

وأشارت السلطات إلى نقص الدولار في القاهرة كسبب آخر يبطئ تدفق المستثمرين الأجانب، لأنه يحد من خياراتهم للخروج من السوق. ويقال إن دول الخليج تنتظر استقرار الجنيه قبل المضي قدما في المزيد من الاستثمارات.

وقال هاني أبو الفتوح، الخبير المصرفي ومدير شركة الراية الاستشارية، ل"المونيتور". "يفضل المستثمرون الخليجيون والأجانب انتظار استقرار سعر الصرف"، وأضاف أن "سعر صرف الدولار الأمريكي يشهد فجوة كبيرة بين السعر الرسمي في المصارف مقابل السعر السائد في السوق السوداء"، مبينا أن "هناك توقعات بانخفاض إضافي في قيمة الجنيه".

بالإضافة إلى زيارة السيسي المستمرة، زار أعضاء آخرون في حكومة الانقلاب الدوحة والرياض في الأسابيع الأخيرة في محاولة لكسر الجمود الحالي وطمأنتهم على التزامهم بالإصلاحات. ومن العاصمة السعودية، ذهب وزير المالية بحكومة السيسي محمد معيط إلى حد القول إن القاهرة ستدعم "كل ما هو مطلوب لزيادة الاستثمارات السعودية"، بحسب الوزارة.

وعلى الرغم من الجمود الحالي، يعتقد أبو الفتوح أن القاهرة ستمضي قدما في خططها هذه المرة. "ضغوط صندوق النقد الدولي قوية بشكل خاص. ومن أجل تجنب فقدان المصداقية مع المستثمرين والمنظمات الدولية، من غير المرجح أن تخالف الحكومة التزامها".

 

https://www.al-monitor.com/originals/2023/04/egypts-privatization-plans-stall-despite-growing-buzz