الاقتصاد المصري يواجه أزمات غير مسبوقة في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي بسبب تزايد الديون وتراجع قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وانخفاض الواردات الدولارية وعجز البنوك عن توفير احتياجات المستوردين ووقف الاستيراد واحتجاز شحنات البضائع ومستلزمات الإنتاج في الموانئ، ما أدى إلى توقف أكثر من 8 آلاف مصنع وإغلاق أبوابها وتسريح ملايين العمال، وبالتالي نقص المعروض من السلع المختلفة في الأسواق والارتفاع الجنوني في الأسعار والذي عجز معه ملايين المصريين عن الحصول على احتياجاتهم الضرورية، بل وأصبح أكثر من 70 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي .
تصنيف سلبي
كانت " وكالة موديز" قد وضعت تصنيف إصدارات مصر بالعملتين الأجنبية والمحلية عند B3 قيد المراجعة بهدف الخفض.
وأرجعت "موديز" هذه الخطوة إلى بطء اجراءات نظام الانقلاب في بيع الأصول المملوكة لدولة العسكر خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي، مشيرة إلى أن نظام الانقلاب يواجه صعوبة كبيرة في تدبير احتياجات العملة الأجنبية.
وأشارت إلى أن وضع إصدارات دولة العسكر بالعملتين الأجنبية والمحلية قيد المراجعة بهدف الخفض يرجع إلى مخاطر تكتنف خطط التمويل المصرية.
وقالت الوكالة: إن "التقدم البطيء في استراتيجية بيع الأصول تضعف سيولة النقد الأجنبي وتقوض الثقة في العملة المصرية، موضحة أن بيع الأصول يعد جزءا رئيسيا من اتفاق نظام الانقلاب مع صندوق النقد الدولي.
فى سياق متصل خفضت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، في ٦ مايو الجاري، تصنيف دولة العسكر درجة واحدة من "بي +" إلى "بي" مع تحويل نظرتها المستقبلية إلى سلبية، ما يؤشر إلى أنها قد تخفض التصنيف أكثر في الأشهر المقبلة، بسبب المشاكل الاقتصادية في البلاد .
وحذرت الوكالة في بيان لها من ازدياد مخاطر التمويل الخارجي في ضوء الاحتياجات التمويلية المرتفعة، وتشديد شروط التمويل الخارجي، لافتة إلى أن حصول مزيد من التأخير في الانتقال إلى سياسة مرونة أسعار الصرف، سيؤدي إلى تدهور إضافي في الثقة، وربما أيضا إلى تأخر تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي .
فيما أعلنت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرد آند بورز" في أواخر أبريل الماضى، أنها أعادت النظر في تقديراتها لدرجة آفاق الدين المصري من "مستقر" إلى "سلبي" بسبب "الحاجات الكبيرة لتمويلات خارجية" تتوقعها بشأن المالية العامة.
8 آلاف مصنع
حول التداعيات السلبية لهذه الأوضاع اعترفت لجنة الصناعة ببرلمان السيسي أن ما يقرب من 8 آلاف مصنع توقفت عن الإنتاج خلال الفترة الماضية، وكشف مصدر مسئول باتحاد الغرف التجارية أن 6 آلاف مصنع منها توقفت خلال هذا العام.
وحذر خبير اقتصادي من أن ظاهرة المصانع المغلقة سوف تتزايد خلال العام المقبل بسبب عدم وجود خطة من حكومة الانقلاب تضمن من خلالها تقديم تسهيلات لأصحاب المصانع لضمان استمرار دوران عجلة الإنتاج.
وكشف الخبير أن المصانع المتعثرة ارتفع عددها بصورة كبيرة وأن المناطق الصناعية في المدن الجديدة تئن في الوقت الحالي نتيجة عدم قدرتها على تحمل رواتب العمال، في وقت توقفت فيه عجلة الإنتاج بشكل كبير.
وأشار إلى أن أرقام المصانع المتوقفة مزعجة في ظل أزمات اقتصادية خانقة تعانيها البلاد، مؤكدا أن حكومة الانقلاب عاجزة عن انقاذ هذه المصانع لأنها لا تستطيع توفير العملة الصعبة.
وأكد الخبير أن قوائم الانتظار الطويلة لدى البنوك من جانب المستثمرين للحصول على الدولار تزايدت بشكل كبير خلال الشهرين الماضيين، موضحا أن حكومة الانقلاب فشلت في سد الفجوة الكبيرة بين السوق الموازية والأسعار الرسمية في البنوك.
3 مؤسسات
وقال الخبير الاقتصادي إلهامي الميرغني: إن "حكومة الانقلاب كانت تتفاخر بأن مؤسسات تصنيف الإئتمان الدولية تعطي دولة العسكر تصنيفا مرتفعا منذ عام 2014بدعوى أن هذا التصنيف هو الذي تعتمد عليه مؤسسات التمويل الدولية في إقراض السيسي كما أن هذه التصنيفات تعد مؤشرا لتوجيه الاستثمارات في العالم موضحا أن رؤوس الأموال الدولية تتحرك بناء على هذا التصنيف".
وأضاف الميرغنى في تصريحات صحفية كنا نحذر من أن هذه التصنيفات سوف تورط البلاد في المزيد من الديون والتي توسع فيها السيسي خارجيا وداخليا، لافتا الى أنه بعد أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية، و بدأ موسم حصاد نتائج السياسات الاقتصادية الفاشلة التي يطبقها السيسي منذ 2014، كشفت هذه المنظمات عن وجهها الحقيقي وخفضت تصنيف مصر الإئتماني لمراحل متدنية بما يحول دون حصول السيسي على قروض جديدة إضافة إلى إحجام المستثمرين عن ضخ استثمارات جديدة وهروب الاستثمارات القائمة حتى من المصريين كما جاء في تصريحات الملياردير سميح ساويرس.
وأشار إلى أن هناك ثلاث مؤسسات دولية كبرى لتقييم الائتمان الدولي هي مؤسسة موديز، ووكالة فيتش، وستاندر أند بور، موضحا أن موديز كانت قد أعلنت خفض تصنيفات حكومة الانقلاب طويلة الأجل للعملات الأجنبية والمحلية من(B2) إلى(B3) ، وغيرت النظرة المستقبلية من “مستقرة” إلى “سلبية”، في وقت تحدث فيه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بشكل إيجابي عن توقعاته للاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، وزعم البعض أن هذا التصنيف هو تصنيف سياسي وأن مصر مستمرة في جذب الاستثمارات وقادرة على سداد التزاماتها المالية.
الاستثمارات
وأوضح الميرغني أن وكالة فيتش للتصنيف الإئتماني قامت بتغيير تصنيف مصر الإئتماني في الفترة الأخيرة من +B إليB إي وضع مالي متقلب وغيرت النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري من مستقرة إلي سلبية.
وأكد أن مؤسسة ستاندر أند بورز خفضت النظرة المستقبلية لآفاق الدين المصري من “مستقرة” إلى “سلبية”، في حين أبقت على تصنيف الدين المصري الطويل الأجل عند (B/B). وأعلنت الوكالة، أنها أعادت النظر في تقديراتها لدرجة آفاق الدين المصري بسبب الحاجة الكبيرة إلى تمويلات خارجية تتوقعها بشأن المالية العامة، وبررت الوكالة توقعاتها بحاجة حكومة الانقلاب إلى تمويل كبير في 2023 وكذلك 2024، يُقدر بـ17 مليار دولار و20 مليارا على التوالي.
وحذر الميرغنى من أن خفض التصنيف الائتماني لأي دولة يؤثر بشكل مباشر وسلبي على صورتها وسمعتها، ويقلل كثيراً من قدرتها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات، كما يزيد هذا الإجراء من تكلفة التأمين على ديونها، ويجعل السندات السيادية غير جذابة للأسواق نظراً لارتفاع المخاطر، موضحا أن خفض التصنيف وعدم القدرة على إصدار السندات يدفع دولة العسكر إلى اللجوء لاحتياطاتها النقدية، أو توجهها إلى الاستدانة بصورة مباشرة بما يفاقم الأزمة.
وأعرب عن اندهاشه من أنه رغم كل التغيرات في تصنيف مؤسسات الائتمان الدولية لوضع الاقتصاد المصري تزعم حكومة الانقلاب أن الاقتصاد المصري بحالة جيدة، ولكنه يواجه مجرد تأثير الأزمات الدولية مثل تداعيات حرب روسيا وأوكرانيا، مؤكدا أن حكومة الانقلاب لا تعترف بوجود أسباب داخلية للأزمة مثل أهدار عشرات المليارات علي مشروعات غير ملحة وغير إيرادية وعندما حل موعد السداد ظهرت الأزمة.