بلا خبر واحد أو مجرد إشارة في أي من وسائل الإعلام المصرية المقروءة أو المرئية أو المسموعة، والتي تديرها أجهزة المخابرات المصرية التي أصبح دورها حماية كرسي السيسي فقط، جرى تسليم السيسي نهائيا لجزيرتي تيران وصنافير للسعودية بشكل نهائي، بعد أن كان قد دب الأمل في قلوب بعض المصريين بإمكانية التراجع عن بيع الجزيرتين، على خلفية قضية تركيب القوات متعددة الجنسيات كاميرات مراقبة للمر المائي الجديد، الذي بات دوليا بعد أن كان مصريا، قبل بيع الجزيرتين للسعودية.
ونشرت السعودية يوم 11 سبتمبر الجاري، الخريطة الرسمية للمملكة بالحدود الدولية المعتمدة، وكان من اللافت أنها تتضمن جزيرتَي “تيران وصنافير” اللتين تنازل عنهما عبد الفتاح السيسي عام 2017، مما أثار جدلا واسعا بمصر.
وقالت وكالة الأنباء السعودية “واس”: "أعلنت الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية بوصفها الجهة الوطنية المسؤولة؛ عن إنتاج الخارطة الرسمية للمملكة بالحدود الدولية المعتمدة وتزويدها لكافة الجهات الحكومية والقطاع الخاص والقطاع الأكاديمي والأفراد ووسائل الإعلام”.
أضافت أن الخريطة الرسمية تتوفر باللغتين العربية والإنجليزية، وبعدد من الصيغ الرقمية من خلال الموقع الإلكتروني للهيئة.
كما أوصت الهيئة التي شاركت الخريطة الرسمية للمملكة، أن على الجهات الحكومية التي تمثل المملكة في المنظمات والملتقيات الدولية أهمية تزويد منظمي تلك المناسبات -بالطرق المناسبة- بخرائط رسمية محدّثة للمملكة بحيث تكون حدودها الدولية البرية والبحرية والجزر موضحة عليها بشكل صحيح.
كما دعت الجهات الحكومية إلى “عدم نشر أي خارطة للمملكة على المواقع الإلكترونية وغير ذلك من الوسائل الإعلامية والكتب والنشرات للجهات الرسمية للمملكة وغيرها خلاف الخريطة الرسمية للمملكة”.
بحسب الخريطة الرسمية المعلنة، فإن جزيرتي “تيران وصنافير” باتتا من ضمن الحدود السعودية، ومن اللافت أن اسمهما وفق الخريطة ذاتها تغير إلى “صنافر وثيران” بدلا من صنافير-تيران.
خلاف على التسليم
ووفق تقرير لموقع أكسيوس الأمريكي ، في 2 ديسمبر الماضي، فقد عطلت مصر تنفيذ اتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، بسبب إيقاف الولايات المتحدة الأمريكية جزءا من مساعداتها المالية السنوية للقاهرة.
وطبقا لكاتب التقرير الصحفي الإسرائيلي باراك رافيد، تعتبر واشنطن الصفقة التي تضمن تفاهمات بين مصر والسعودية وإسرائيل، تمهيدا لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وهو ما سيعد نصرا سياسيا لإدارة الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط.
وكان من المفترض أن تسحب واشنطن قواتها بالجزيرتين الواقعتين بالبحر الأحمر بنهاية شهر ديسمبرالماضي.
إلا أن أكسيوس نقل عن مصادر إسرائيلية قولهم: إن "مصر أظهرت تحفظات ذات طبيعة فنية، بما في ذلك المتعلقة بتركيب كاميرات مراقبة بالجزر وهو ما ورد ضمن اتفاقية نقل الجزيرتين على أن تراقب القوات متعددة الجنسيات الوضع بهما من داخل شبه جزيرة سيناء عبر تلك الكاميرات".
وقالت مصادر إسرائيلية لأكسيوس: إن "مصر تعطل تنفيذ الصفقة بسبب خلافات حول المساعدات العسكرية الأمريكية للقاهرة".
وكانت إدارة الرئيس بايدن قد جمدت في مناسبتين ما قيمته 10% من 1.3 مليار دولار أمريكي من المساعدات العسكرية التي تخصصها واشنطن سنويا لمصر، بسبب مخاوف حول سجل القاهرة لحقوق الإنسان.
كذلك منع السناتور الديمقراطي باتريك ليهي موافقة الكونغرس على 75 مليون دولار من المساعدات لمصر في وقت سابق من العام الجاري.
تجويع بن سلمان للسيسي
وكانت السعودية حجبت مساعداتها لنظام السيسي طوال العام 2023، وأعلن ابن سلمان مرارا أن السعودية لن تقدم أموالا ولا مساعدات لمصر، وإنما ستكون استثمارات في مشاريع وفق حسابات المكسب والخسارة، وكان السيسي يراهن على دعم السعودية بمليارات الدولارات، إلا أن السعودية رفضت أكثر من مرة.
ويبدو أن الموقف السعودي كان عقابا للسيسي على التأخير في تسليم الجزيرتين للسعودية، وهو ما نجح فيه على ما يبدو مؤخرا، دون ضجيج إعلامي أو احتفالات سعودية قد تحرج السيسي.
خيانة السيسي
يُذكر أنه رغم الاحتجاج الشعبي في مصر على قرار نقل تبعية الجزيرتين، وافق البرلمان ، في يونيو 2017، والمحكمة العليا بالبلاد، في مارس 2018، على اتفاق نقل سيادة الجزيرتين إلى السعودية.
وتبعد جزيرتا تيران وصنافير عن بعضهما بمسافة نحو أربعة كيلومترات في مياه البحر الأحمر، وتتحكم الجزيرتان في مدخل خليج العقبة، وميناء العقبة في الأردن، وإيلات.
ويعبر موقف السيسي، عن منطق التاجر، وليس منطق الحاكم الخائف على وطنه، فقد قدم الجزيرتين ابتداء من أجل الأموال والمساعدات، وحينما قلت المساعدات ، لجأ للمناورة والتلكؤ ، ثم قام بتسليم الجزيرتين والإقرار للسعودية نهائيا في سرية تامة، حماية لمصالحه الشخصية فقط بتفادي تزايد الغضب الشعبي ضده، قبيل مسرحية الانتخابات المقبلة، وهو منطق يدخل في إطار الخيانة العظمى لمصر وللمصريين.