هل تفضل أجهزة السيسي وجود أكثر من كومبارس في مسرحية الرئاسة؟

- ‎فيتقارير

هناك صراع داخل الحركة المدنية العلمانية من أجل الفوز بمباركة الحركة للترشح في مسرحية الرئاسة المرتقبة التي أعلنت ما تسمى بالهيئة الوطنية للانتخابات الإثنين 25 سبتمبر، إجراءها في أيام (10 و11 و12 ديسمبر 2023) على أن تعلن النتيجة وتنشر في الجريدة الرسمية في 18 ديسمبر؛ وفي حالة الإعادة تجرى الانتخابات في أيام (8 و9 و10 يناير 2024) على أن تعلن النتيجة بحد أقصى في 18 يناير وتنشر في الجريدة الرسمية.

الجنرال عبدالفتاح السيسي وأجهزته المخابراتية والأمنية يفضلون جميعا تقليل الفترة الزمنية للانتخابات؛ لأنه تمثل موسم فضيحة للنظام وأجهزته وانكشافا لحقيقة الوضع في مصر؛ فالانتخابات مجرد مسرحية معلومة النتائج مسبقا؛ جرى الإعداد لها في دهاليز وغرف المخابرات والأمن الوطني، لكن هذه الأجهزة تريد لهذه المسرحية في 2023 أن تكون أكثر حبكة وإخراجا من فضيحة 2018 التي نافس السيسي خلالها أحد مؤيديه في مشهد مخز ليس له مثيل في العالم، بعدما داخت أجهزة المخابرات والأمن الوطني سبع دوخات من أجل البحث عن كومبارس مناسب؛ فلم تعثر إلا على موسى مصطفى موسى الذي أعلن بمجرد ترشحه لأداء الدور المرسوم أنه سوف يصوت للسيسي!

 

مؤشران سلبيان

الحركة المدنية العلمانية (شريك الدولة العميقة في الانقلاب) أبدت في بيان لها الإثنين معارضتها للجدول الزمني للمسرحية لأنه لا يمكن الراغبين في الترشح من استكمال التوكيلات وتحقيق النصاب القانوني لجمع نحو 25 ألف توكيل في 15 محافظة مختلفة بحد أدنى ألف توكيل في المحافظة الواحدة، خلال فترة قصيرة من 25 سبتمبر إلى 14 أكتوبر، وقالت إن ذلك فترة قصيرة للغاية واعتبرت ذلك رسالة جلية ومحاولة لتعجيز المرشحين ومنعهم من جمع التوكيلات الشعبية المقررة.

وتقضي المادة 142 من الدستور بأنه “يشترط لقبول الترشح لرئاسة الجمهورية أن يُزكّي المترشحَ عشرون عضواً على الأقل من أعضاء مجلس النواب، أو أن يؤيده ما لا يقل عن خمسة وعشرين ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة منها”.

فيما رأي البرلماني السابق ورئيس حزب العدالة والتنمية، محمد أنور السادات، استبعاد الهيئة الوطنية للانتخابات جمعية السادات للتنمية والرعاية الاجتماعية، التي يرأسها النائب من المشاركة في متابعة والإشراف على الانتخابات الرئاسية المرتقبة مؤشرا غير مطمئن؛ وقال في بيان له الاثنين 25 سبتمبر إن «اسبتعاد جمعية السادات للتنمية من مراقبة الانتخابات بداية غير مطمئنة ولا مبشرة لنتائج محسومة» للانتخابات الرئاسية. وأكد البيان أن الاستبعاد جاء رغم استيفاء الجمعية الشروط والمعايير الخاصة بالتسجيل لدى «الوطنية للانتخابات» لمتابعة الانتخابات، «وصدور خطاب رسمي بذلك من وزارة التضامن الاجتماعي لسابق خبرتها وأهليتها ومشاركتها في متابعة الاستحقاقات الانتخابية منذ تأسيسها في عام 2004». وأضاف البيان أن الموافقات أُعطيت فقط «للجمعيات والمجالس الصديقة والمتعاونة».

اسبتعاد جميعة السادات يؤكد أن ما تسمى بالهيئة الوطنية للانتخابات هي مجرد تابع للسلطة التنفيذية تترجم أوامرها وتوجهاتها في هيئة قرارات نافذة على الفور؛ فالسيسي لا يزال يضمر شيئا ما للسادات الذي أعلن في مارس 2023 عن مرشح المفاجأة والذي اتضح أنه رئيس الأركان السابق وصهر السيسي الفريق محمود حجازي. ورغم أن كثيرين طرحوا اسم حجازي مؤخرا مثل رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات أو غيره، ورغم أن كثيرا من النخب التي دعمت انقلاب السيسي وتحركت شرقا وغربا لتسويقه؛ كسرت أسوار الخوف ودعت صراحة لعدم ترشح السيسي مجددا، ورغم أن الحركة المدنية التي تمثل عدة أحزاب من معسكر 30 يونيو أعلنت صراحة أن مصر لا تحتمل فترة ثالثة للسيسي، إلا أن بيان عماد جاد الذي حرص على توقيعه بصفته الشخصية يحمل دلالات أكبر مما سبق، فهو معروف بعلاقات مع الأجهزة الأمنية وخاصة المخابرات، وبالتالي قد يفهم البعض أن بيانه ربما كان تعبيرا عن أصوات من قلب الدولة العميقة، بخلاف علاقات الوثيقة للغاية برأس الكنيسة الأرثوذوكسية بوصفه قبطيا رغم تطرفه العلماني الذي لا نراه إلا ضد الإسلام.

 

كم كومبارسا؟

خلال هذه الأثناء، هناك ثلاثة مرشحون داخل الحركة العلمانية يتنافسون من أجل القيام بدور الكومبارس هم فريد زهران، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الذي ينتمي له حازم الببلاوي أول رئيس وزراء لحكومة الانقلاب في 17 يوليو 2013م والذي جرت في عهده معظم المذابح الوحشية المروعة في رابعة والنهضة وغيرها. زهران متطرف علماني قح؛ لم يعرف له موقف نبيل أو إنساني تجاه الانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان في مصر على مدار سنوات الانقلاب، ولم يعرف له انحيازا للديمقراطية واحترام إرادة الشعب الحرة؛ فتطرفه العلماني أعماه عن الانحياز للحق والإنسانية؛ وهو لا يمانع من اعتقال المصريين وتعذيبهم وبقائهم في السجون في محاكمات جائرة ما داموا ينتمون إلى التيار الإسلامي، وقد ساند زهران الانقلاب العسكري بكل جرأة ووقاحة؛ كما حرض وصفق للمذابح الوحشية ولا يزال حتى اليوم على سمته المشين وضلاله المبين دون بارقة من إنابة.

هناك أيضا السيدة جميلة إسماعيل، رئيس حزب الدستور، والتي أعلنت ترشحها في مسرحية الرئاسة؛ وهناك أيضا النائب السابق أحمد الطنطاوي الرئيس السابق لحزب الكرامة الناصري. ولا ننسى أن هناك رئيس حزب الوفد عبدالسند يمامة والذي يتنافس مع القيادي بالحزب فؤاد بداروي من أجل الحصول على مباركة الحزب للقيام بدور الكومبارس.

 

زهران ويمامة

من بين كل هؤلاء قد يسمح النظام وأجهزته لفريد زهران وعبد السند يمامة بالترشح لأداء دور الكومبارس، أحدهما او كلاهما؛ لماذا؟

زهران هو رئيس حزب صغير “المصري الديمقراطي”، يحتاج زهران إلى تزكية 20 عضواً في مجلس النواب حتى يمكنه الترشح لأداء دور الكومبارس رسمياً، فيما يمتلك حزبه 7 نواب فقط، ويسعى للحصول على تزكية نواب حزبي التجمع والعدل في البرلمان، وعددهم 8، بالإضافة إلى 5 آخرين من المستقلين. وتنقل صحيفة “العربي الجديد” اللندنية عن مصدر برلماني مطلع أن «زهران أخطر قيادات الحزب، في الاجتماع الأخير الذي جمعهم قبل إعلان ترشحه، بأنه “حصل على تطمينات من جهاز سيادي في الدولة بشأن إجراءات ترشحه، وجمع تزكيات النواب اللازمة لذلك، حتى يكون ممثلاً للمعارضة في الانتخابات الرئاسية، في حال استبعاد المرشح المحتمل ذي التوجه الناصري أحمد الطنطاوي من السباق”. ورجح المصدر عدم حصول الطنطاوي على تزكية 20 نائباً في البرلمان، أو جمعه 25 ألفاً من التوكيلات الشعبية من 15 محافظة على الأقل للترشح، مستطرداً بأن “زهران قبل بلعب دور ممثل المعارضة في انتخابات الرئاسيات مقابل وعود من جهاز نافذ في الدولة بإمكانية زيادة عدد ممثلي الحزب في البرلمان المقبل”.

أما عبدالسند يمامة فإنه رئيس لحزب كبير له تاريخ حافل؛ ويمتلك الحزب نحو “39” مقعدا في مجلس النواب بوصفه صاحب الترتيب الثالث في البرلمان بعد حزبي “مستقبل وطن 320 نائبا”، و”الشعب الجمهوري بـ50 نائبا”. وبالتالي فترشح يمامة لأداء دور الكومبارس هو بلا شك أفضل حالا من مصطفى موسى في مسرحية 2018م. علاوة على ذلك فإن يمامة لا يمتلك أي كاريزما يمكن أن تهدد السيسي.

أما السيدة جميلة إسماعيل فإن فرصها في الترشح ضعيفة؛ وقدرتها على تجميع التوكيلات أو الحصول على تفويض من 20 نائبا قد يكون شبه مستحيل؛ لأن حزبها “الدستور” ليست له أي هيئة برلمانية داخل مجلس النواب من جهة وليس له قاعدة جماهيرية عريضة من جهة ثانية. لكن قد ينحاز جناح داخل السلطة وأجهزتها الأمنية نحو تقدم امراة للترشح للتباهي بذلك أمام الغرب رغم اليقين المطلق بأنها لن تمثل خطرا على النظام ولا على جنرال الانقلاب المتشبث بالسلطة لأبعد مدى ممكن؛ العائق الوحيد أمام هذا السيناريو هو ما تتمتع به إسماعيل من شيء من الجرأة في تصريحاتها الإعلامية والتي قد تغضب النظام حال ترشحها؛ لذلك فإن فرص إسماعيل للقيام بدور الكومباس قد تكون شبه معدومة.