المدارس خارج الخدمة بزمن الانقلاب وأولياء الأمور يدفعون الثمن للدروس الخصوصية

- ‎فيتقارير

 

 

أيام قليلة تفصلنا عن ماراثون امتحانات صفوف النقل والشهادات بجميع المراحل التعليمية، في الموسم الدراسي الأقصر والأكثر فوضى هذا العام، فقد بدأ هذا التيرم في شهر فبراير الماضي وبمجرد أن جاء شهر رمضان فوجئ أولياء الأمور والطلبة ببدء موسم الامتحانات، لتجد الأسر نفسها أمام أقصر تيرم دراسي استمر لمدة شهر واحد فقط، وخلال شهر رمضان كانت المدارس خاوية على عروشها، ليصبح المعلمون هم الرابح الوحيد من هذا الوضع، حيث استغلوا الفرصة لاستنزاف الأسر المصرية عبر تكثيف الدروس الخصوصية، بزعم إنهاء ما تبقى من المنهج، وإيهام الطلاب بالالتحاق بركب المتفوقين، بينما كان الخاسر الأكبر أولياء الأمور الذين دفعوا الثمن من ميزانياتهم المنهكة بسبب ارتفاع الأسعار بشكل عام.

 

 في هذا التقرير نرصد ردود فعل أولياء الأمورعلى بدء الامتحانات بعد فوضى المدارس خلال شهر رمضان، وعدم انتظام العملية التعليمية  وإجازة العيد وإهمال الدراسة لما يقرب من شهرين  .

 

ارحمونا

 

في هذا السياق قالت أرزاق ماضي عامر، والدة الطالب أدهم محمود في الصف السادس الابتدائي:   “منذ ثاني أيام العيد، كثف المعلمون الدروس الخصوصية، وحصة الأسبوع أصبحت ثلاثة، متسائلة: نجيب منين كل المصاريف دي؟”.

 

 وأضافت «أرزاق»  في تصريحات صحفية قبل بداية رمضان أصبحت المدارس خالية، والمدرسون لا يقومون بشرح أي شيء، وإذا ذهب أبناؤنا إلى المدرسة يعودون بعد ساعة لعدم وجود معلمين.

 

 وتابعت : الناس تنصحنا بالابتعاد عن الدروس الخصوصية، فماذا نفعل والمدارس فقدت دورها تماما، ولم يعد دور للتعليم، لذلك نلجأ للدروس الخصوصية رغم أنها تعتبر عبئا كبيرا علينا إلا أن مستقبل أبنائنا أهم.

 

وأكدت «أرزاق» أنها تدفع 60 جنيها للحصة الواحدة وابنها يحصل على دروس في خمس مواد مما يكلفها 300 جنيه في الأسبوع، ونظرا لقرب الامتحانات، فهذا المبلغ يتضاعف، لأجد ميزانية المنزل كلها موجهة للتعليم، وهذا على حساب الطعام والعلاج، فزوجي عامل باليومية ودخله لا يكفي لكل هذا .

 

 واختتمت «أرزاق» حديثها قائلة: “ارحمونا ورجعوا التعليم للمدارس”.

 

المناهج مخلصتش

 

وقال عنتر غنيم سائق توكتوك: إن “نجله في الصف الثاني الإعدادي، وقبل شهر رمضان بأسبوع أو أكثر كان يذهب   إلى المدرسة في السابعة ويعود عند العاشرة صباحا، وعندما سألته عن السبب قال، لا أحد يذهب إلى المدرسة لا معلمين ولا طلاب”.

 

 وأضاف غنيم في تصريحات صحفية، الشك ملأ قلبي وقلت الولد بـ«يزوغ» من المدرسة، وقررت أن أراقبه، ومشيت خلفه حتى دخل المدرسة، ودخلت وراءه فلم أجد سوى اثنين من المدرسين جالسين في «الحوش» على كراسي خشبية يشربان الشاي، ودخل ابني فصلا في الدور الأرضي مع عدد من زملائه، وطوال فترة انتظاري في المدرسة لم يدخل معلم للطلاب الذين راحوا يضربون بعضهم البعض، فتوجهت إلى المدرسين اللذين يجلسان في حوش المدرسة، وسألتهما: هل المدرسة في أجازة؟ فنظرا إلى بعضهما وضحكا، وقال أحدهما: «لا يا حاج ده العادي، اللي عايز ييجي ييجي واللي مش عايز ميجيش».

 

وتابع  غنيم، بذلك تأكدت أن ابني لم يكذب عليّ، فعلا لا توجد مدرسة ولا مدرسون ولا غياب ولا أعمال سنة، التعليم في مصر في ذمة الله، والمناهج مخلصتش.

 

الساعة البيولوجية

 

ورغم هذا الوضع الفوضوي من المقرر أن تبدأ الامتحانات خلال أيام، لذلك قدمت الدكتورة ولاء شبانة، خبير تربوي، نصائح لأولياء الأمور لإعادة تأهيل وتحفيز الطلاب على المذاكرة بعد انتهاء شهر رمضان وإجازة عيد الفطر، خاصة أن الامتحانات على الأبواب .

 

وشددت « ولاء شبانة» في تصريحات صحفية على ضرورة ضبط الساعة البيولوجية للطلاب، فعدم تنظيم عدد ساعات النوم أمر كارثي يؤثر على نسب التركيز والصحة العامة، ويسبب توترا شديدا للطالب، مطالبة بضرورة ضبط ساعات النوم، مع الاهتمام بالأغذية الصحية للأطفال التي تزيد من مستويات التركيز وترفع معدل الذكاء والانتباه لديهم، مثل الفاكهة والخضراوات والبعد عن المأكولات الدهنية الدسمة وشرب المياه بكثرة، وتحفيز الطالب لمراجعة دروسه بسبب قرب مواعيد الامتحان، وبث كلمات تحفيزية في نفوس الطلاب والابتعاد عن المقارنات الزائفة مع الغير.

 

وحول  تكثيف الدروس الخصوصية لطلبة الثانوية العامة قبل  الامتحانات بدعوى إنهاء المنهج ، ما من شأنه إنهاك ميزانية الأسرة، قالت: “المراجعات المجحفة لدروس الثانوية العامة مرفوضة تماما من الناحية النفسية والتربوية، فمن المفترض أن يكون لدى الطالب وقت كاف للتحصيل، حيث إنه يأخذ دروسا طوال العام الدراسي، فلا داعي للاستنزاف المادي، مؤكدة أن مراجعات ما قبل الامتحانات عبء ثقيل على كاهل رب الأسرة وعلى عقلية الطالب الذي يجهد عقله ويضيع وقته ومجهوده هباء”.

 

ثقة مغلوطة

 

ولفتت « ولاء شبانة» إلى أن  الموضوع محتاج عدم استسهال من أولياء الأمور وتركيز من الطلاب أنفسهم،  وبالتالي تم تدريب أولياء الأمور والطلاب على الدراسة عن بعد، ويمكننا الآن الاستفادة من هذه التجربة.

 

وأشارت إلى وجود ثقة مغلوطة لدى ولي الأمر، بأن الدروس الخصوصية هي المفيدة للطالب، ولكن على العكس تماما الكتاب المدرسي أكثر فائدة، خاصة أن من يضعون المراجعات الرسمية والنهائية الموجودة في الكتب، هم أنفسهم الأساتذة الذين يضعون الامتحانات.

 

وأكدت « ولاء شبانة»، أن العملية التعليمية  تواجه حربا ثقافية مع ولي الأمر نفسه، لأن فكرة الرقابة على مراكز الدروس الخصوصية يجب أن تنبع من الأسرة، فإذا قامت الجهات الرقابية بمنع هذه المراكز،نجدها تنتقل إلى المنازل، وليس من المنطق أن تقتحم تعليم الانقلاب بيوت الأهالي، مشيرة إلى أن المسألة تحتاج إلى تغيير ثقافة أولياء الأمور أنفسهم، ولابد أن يتفوق الطالب بمجهوده، ومجهود مدرس المدرسة، و لذلك لابد من   إلزام   الطلبة  بالتواجد في المدارس، على أن تلتزم المدرسة بتوفير المعلمين، فالمسألة مرهونة باهتمام ولي الأمر بتواجد الطالب داخل المدرسة.