العاملات بالزراعة..معاناة وتهميش وإهدار لحقوقهن القانونية والمالية بزمن العسكر

- ‎فيتقارير

 

على عكس ما كان يردده ويعتنقه ويعمل له الرئيس الشهيد محمد مرسي،  بأنه يريد الحفاظ على البنات والنساء والأولاد،  تستعر ظروف الحياة في عهد السيسي بنيران مشتعلة تلتهم الفتيات والنساء وعموم المرأة المصرية، التي يقع عليها همّ تدبير معيشة أبنائها، وأسرهم،  وفوق كل ذلك، تتكاثر الهموم على قطاع كبير من العاملات الريفيات  بالزراعة  والأنشطة التجارية والاقتصادية المجتمعية، التي تنتشر بالأرياف.

 

وتضطلع كثير من النساء المصريات بالعمل والإنفاق على الأسر، بسبب الظروف الاقتصادية  التي باتت تضرب عموم المجتمع المصري، وسط الغلاء والفقر المدقع، وتزايد تكاليف المعيشة.

 

وتزداد معاناة النساء العاملات بالزراعة في ربوع مصر، حيث مصاعب في النقل والانتقال لمكان العمل، وغياب التأمين ونزيف الحوادث وتحمل مشاق العمل في ظروف شديدة الصعوبة.

 

ويمثل القطاع الزراعي، بحسب البنك الدولي، ما يُقدّر بحوالي 19% من إجمالي مجموع العاملين في مصر لعام 2022، فيما تُشّكل النساء 45% من القوى العاملة في القطاع الزراعي، بحسب الدكتورة شريفة شريف، المدير التنفيذي للمعهد القومي للتنمية المستدامة (الذراع التدريبي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية).

 

أنشطة زراعية تقوم بها المرأة

 

ووفق شهادات لعاملات بمحافظات عدة، تشارك العمالة الزراعية من النساء بشكل كبير في المهام الكثيفة مثل الحصاد ومكافحة الآفات اليدوية، وأيضا إزالة الحشائش الضارة، إضافة إلى ذلك، فإن 94% من الحصاد في صعيد مصر تقوم به النساء و67% في الوجه البحري، وذلك بحسب المعهد القومي للتنمية المستدامة.

 

كثير من النساء يعملن في الزراعة منذ بلوغهن سن السادسة؛ لمساعدة أسرهن، وأصبحت بعض النساء العائل الوحيد لأسرهن.

 

ومن بين 25.8 مليون أسرة في مصر، 4.4 مليون أسرة، بنسبة 17% من إجمالي عدد الأسر المصرية تعولها امرأة، وفقا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في اليوم العالمي للأسرة في عام 2023.

 

مخاطر كبيرة

 

وبحسب دراسة للباحثة في دراسات النوع الاجتماعي منى عزت، تحت عنوان “العاملات الزراعيات، حقوق ضائعة”، فإن العاملات الزراعيات في مصر تتعرضن لأنواع مختلفة من العنف والمخاطر أثناء عملهن، حيث لا تتوفر لهن وسائل نقل آمنة، فيتم نقلهن في عربات غير لائقة ويتعرضن للخطر الذي يصل في بعض الأحيان إلى الموت أثناء ذهابهن إلى الحقول والمزارع، وكذلك لدى عودتهن، وفي حالة الإصابات التي تسبب العجز أو الوفاة تفقد الأسرة بذلك أحد معيليها (الرجال- النساء) من دون الحصول على أي تعويض ملائم، كما تشير الدراسة إلى تعرض الكثير من المزارعات للتحرش وهن في طريقهن إلى الحقل وأثناء عودتهن، وكذلك لدى تواجدهن في الحقل.

 

ويكشف تقرير لمركز الأرض بعنوان “العمال الزراعيين في مصر والمستقبل المجهول” عن مقتل 79 عاملا زراعيا ما بين عمال وعاملات بالغين وفتيان وفتيات وإصابة 190 آخرين، بسبب حوادث طرق لسيارات ومعديات متهالكة غير صالحة للاستخدام، وحوادث أخرى ناجمة عن تسمم غذائي في إحدى المزارع أو نشوب حريق.

  

أجور أقل

 

وإلى جانب الأزمات والمشاكل التي تواجهه النساء العاملات بالزرعة، جاء قطاع الزراعة في المرتبة الرابعة من ثمانية قطاعات تحصل فيها الإناث على متوسط أجور أقل من الذكور، وفقا لتقرير المنظمة الدولية للعمالة المنشور في 2020 بعنوان”اختيار القطاع والتقييم السريع للسوق في قطاع الأعمال الزراعية في مصر”.

 

ووفق خبراء فإن المستوى التعليمي للنساء والفتيات العاملات بالزراعة، قد يكون أحد الأسباب الرئيسية للعمل بالزراعة، على الرغم من علمهن بافتقار حقوقهن، وأيضا وعلى الرغم من إدراكهن الكامل لغياب الحماية القانونية والرعاية الصحية، فيضطرون للعمل بمبالغ صغيرة بدلا من عدمها.  

 

مسئولية السيسي

وإلى جانب دور نظام السيسي في إفقار المصريين، فقد استثنى قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 النساء العاملات في الزراعة البحتة من فصله المتعلق بتشغيل النساء، وبالتالي لا يعترف بهن ضمن نطاقه، حيث تنص المادة رقم 97 من القانون على: “يستثنى من تطبيق أحكام هذا الفصل العاملات في الزراعة البحتة”.

 

ويأتي الاستثناء المضاد لحقوق النساء العاملات الزراعيات من أحكام القانون، إلى اعتبار أن طبيعة عمل المرأة في الريف يأتي على سبيل المساعدة التي تقدمها في الأعمال المنزلية، كشيء تكميلي لدورها في أعمال الرعاية المنزلية، أي أنها تساعد الرجل في الزراعة، ما يعتبر إجحافا صريحا بحق النساء الريفيات، واستغلال من الزوج أولا ثم الوسيط القائم على استقطاب النساء للأعمال الزراعية، حيث يلجأون إلى الاستفادة من اليد العاملة النسائية، سعيا وراء فجوة الأجور بين النساء والرجال.

 

علاوة على إشكالية حقيقة في غض بصر القانون المصري عمدا عن النساء العاملات بالزراعة، ما يترتب عليه حرمانهن من أية حقوق وضمانات.

 

مهام منزلية

تلك المعاناة التي قد لا يتحملها رجال، تنضاف عليها هموم العمل المنزلي وتربية الأبناء وإعداد الطعام وغيره، ما يجعل العاملات الريفيات ضحية مكتملة الأركان للمجتمع والنظام، الذي لا يوفر أي حماية قانونية أو ملاذات اقتصادية تقي النساء الفقر وصعوبات العمل.