تشهد حلوى المولد النبوي الشريف هذا العام ارتفاعًا جنونيًا في الأسعار، ما دفع المواطنين إلى العزوف عن الشراء أو تقليل الكميات التي يشترونها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبد الفتاح السيسي.
ورغم أن حلوى المولد النبوي تعد أحد الطقوس الشعبية الهامة لدى المصريين، لأنها تُدخل الفرحة على الأسر المصرية، إلا أن تراجع القدرة الشرائية وتوجيه الأموال لشراء المستلزمات المدرسية، بسبب تزامن المولد النبوي مع بداية العام الدراسي تسبب في ضعف كبير في شراء الحلوى مقارنة بالأعوام الماضية.
مستلزمات الإنتاج
من جانبه، أكد مدحت الفيومي، رئيس شعبة الحلويات بغرفة الدقهلية التجارية، أن أسعار حلوى المولد قَفزت بشكلٍ كبير هذا العام بنسبة تصل إلى 70% مقارنةً بالأعوام السابقة.
وأوضح الفيومي في تصريحات صحفية أن زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج مثل السكر والسمسم والفول السوداني والعسل الخام تسببت في ارتفاع أسعار المنتج النهائي، بالإضافة إلى التغليف، إذ ارتفعت أسعار الورق بنسبة 100%.
وأشار إلى أن سعر برميل العسل الخام زنة 370 كيلوجرامًا ارتفع من 4200 جنيه إلى تسعة آلاف جنيه خلال ستة أشهر فقط، مُعربًا عن تخوف التجار من عدم إقبال المستهلكين على الشراء خلال موسم المولد النبوي الحالي بسبب ارتفاع الأسعار.
وقال الفيومي: “إن أسعار حلوى المولد هذا العام تأثرت بطبيعة الحال بارتفاع أسعار كل المنتجات الأخرى”، موضحًا أن أسعار الخامات المستخدمة في تصنيع الحلوى ارتفعت بنسب كبيرة تخطت 100%.
وأضاف أن سعر كيلو حلوى المولد ارتفع نسبيًا عن العام الماضي؛ إذ كان سعر الكيلو من الحلوى العادية يبدأ من 70 جنيهًا، وفي هذا العام يبدأ أقل سعر للكيلو من 120 جنيهًا، لافتًا إلى أن صنف الملبن هو الأقل سعرًا داخل علبة الحلوى المشكل.
وأكد الفيومي أن الكميات المطروحة من حلوى المولد لم تتأثر بارتفاع الأسعار، ولم ينقص المعروض عن المواسم السابقة، مشيرًا إلى أن المصنعين عادةً ما يقومون بضخ كميات من الحلوى لعرضها في السوق، والكميات الفائضة يتم تخزينها لعرضها مرة أخرى في الأشهر المقبلة.
وذكر أن ارتفاع الأسعار أثر بشكلٍ كبير على إقبال المواطنين على شراء حلوى المولد هذا العام، إذ تشهد الأسواق حالة “شبه ركود”، لافتًا إلى أن كثيرًا من المواطنين عزفوا عن الشراء، والباقي يشترون كميات أقل من التي اعتادوا على شرائها في السنوات السابقة، فمن كان يشتري 4 كيلوجرامات من الحلوى، على سبيل المثال، أصبح يكتفي بكيلو واحد أو اثنين.
وتابع الفيومي: “المواطن مثقل بالأعباء، ويتزامن الاحتفال بالموسم مع بداية العام الدراسي وشراء مستلزماته، لذا هناك أولوية للأبناء وشراء احتياجاتهم قبل بدء الدراسة”، متوقعًا أن يتزايد الإقبال على شراء الحلوى بشكل طفيف مع اقتراب يوم الاحتفال بالمولد.
غلاء المعيشة
ووصف الحاج رمضان إبراهيم، أحد تجار حلوى المولد بالقاهرة، إقبال المواطنين على شراء حلوى المولد خلال هذه الفترة بـ”الضعيف”، مقارنة بالأعوام السابقة، مُعربًا عن أمله في أن يتزايد الإقبال خلال الأيام المقبلة مع اقتراب يوم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
وأرجع إبراهيم في تصريحات صحفية سبب الإقبال الضعيف إلى حالة الضغط التي يعيشها المواطن المصري بسبب غلاء المعيشة، إضافة إلى شراء مستلزمات المدارس التي تأتي على رأس أولويات معظم الأسر في الوقت الحالي، نظرًا لتزامن الاحتفال بالمولد مع بدء العام الدراسي الجديد.
وكشف أن هناك تباينًا في الأسعار؛ إذ يتراوح سعر كيلو الحلوى المشكل ما بين 90 إلى 120 جنيهًا بالنسبة للأصناف الشعبية، بينما ترتفع الأسعار عن تلك المعدلات بالنسبة للأصناف الفاخرة والخاصة من المحال الشهيرة.
المتطلبات الضرورية
وقال حسن الفندي، رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات: “إن أسعار حلوى المولد ارتفعت بنسبة تقارب 40% مقارنة بالعام الماضي، وذلك لارتفاع أسعار معظم الخامات.”
وأضاف الفندي في تصريحات صحفية أن سعر طن السكر، الذي يعد مكونًا أساسيًا في صناعة الحلوى، سجل في بداية العام 16 ألف جنيه، ويتجاوز سعره الآن الـ30 ألف جنيه، مشيرًا إلى أن هذا أثر بشكلٍ كبير على أسعار المنتجات، إضافة إلى عدة عوامل أخرى تسببت في تلك الزيادة، منها انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، وتدني القوة الشرائية، علاوة على الأحداث العالمية المتعاقبة وارتفاع التضخم.
وأشار إلى أن الإقبال على شراء حلوى المولد هذا العام منخفض، مثله مثل باقي المعاملات والسلع، مقارنة بالسنوات السابقة، مشددًا على أن المواطن أصبحت لديه أولويات أخرى متمثلة في توفير المتطلبات الضرورية.
وأكد الفندي أن ثقافة الشراء تغيرت، فأصبح من كان يشتري كميات كبيرة من الحلوى يكتفي الآن بشراء قطع مجزأة منها.
مقاطعة
ودعا محمود العسقلاني رئيس جمعية “مواطنون ضد الغلاء” المصريين إلى مقاطعة حلوى المولد هذا العام بعد الارتفاع الجنوني في أسعارها، مشيرًا إلى أن أسعار بعض العبوات لامست حدود الـ10 آلاف جنيه.
وأشار العسقلاني في تصريحات صحفية إلى أن الأسعار تضاعفت بنسبة 100 في المئة خلال 2024 في وقت يعاني فيه المواطن من ارتفاع أسعار الأغذية، بجانب قرب بدء الدراسة التي تتطلب توفير ملابس وغذاء ملائم للطلاب ونفقات توصيل ورسوم مدرسية، وهي نفقات ذات أولوية ومقدمة على شراء حلوى المولد.
وأكد أن ظروف المواطن المصري سيئة للغاية هذا العام، مطالبًا تُجار الحلوى بطرح الكميات المخزنة لديهم بأسعار مخفضة وبالحد الأدنى للكلفة والربح أيضًا لسرعة بيعها خلال الموسم الحالي منعًا من تخزينها لأعوام مقبلة، لأن الأولوية لدى رب الأسرة للبصل والطماطم والأرز لا حلوى المولد.