أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام مجلس نواب الشعب أمس الخميس أن بناء سد النهضة قد اكتمل بنسبة 100%.
وقال آبي أحمد إن اكتمال البناء لن يسبب أي ضرر لدول المصب، مصر والسودان، مؤكدًا التزام إثيوبيا بمواصلة العمل لتحقيق طموحاتها التنموية دون إلحاق الضرر بأحد.
هل اكتمل البناء حقاً؟
ورداً على ذلك، قال الخبير الدكتور عباس شراقي إن السد اكتمل خرسانياً بنسبة 100% بالفعل، لكنه غير مكتمل مائيًا.
وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن التخزين الأقصى المستهدف وهو 60 مليار م3 قد تحقق فعلاً، لكن من الناحية الكهربائية، تم تركيب 4 توربينات فقط من إجمالي 13 توربينًا، وقد توقفت جميعها خلال الشهرين
الماضيين لأسباب فنية.
وأشار شراقي إلى أن الهدف الرئيسي من بناء السد هو إنتاج الكهرباء، وبالتالي ما زال 70% من التوربينات في حاجة للتركيب، مما يعني أن إثيوبيا قد تحتاج عامًا إلى عامين لتتمكن من توليد الكهرباء من السد.
وأوضح شراقي أن تصريح آبي أحمد له أغراض سياسية، وأن إعلان اكتمال السد بنسبة 100% يأتي كاستجابة لتأخر البناء، حيث كان من المقرر اكتماله في 2017، وطال انتظار الإثيوبيين لتحقيق ذلك.
وأضاف أن الاكتمال الحقيقي للسد يتحقق بتشغيل كامل التوربينات وليس بإتمام البناء الخرساني فقط.
سد النهضة دون تطورات جديدة منذ أغسطس
أكد الدكتور شراقي أنه لم يطرأ أي تغيير على سد النهضة منذ 24 أغسطس الماضي، حيث لم تُضاف أي كمية مياه جديدة ولم تُركب توربينات إضافية، موضحاً أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد
بشأن اكتمال ملء السد هي تصريحات سياسية تهدف لطمأنة الشعب الإثيوبي وإبراز الإنجاز المحلي، وليس لها تأثير فعلي على وضع السد.
حجم المياه المحجوزة وتأثيرها على الزراعة
وأشار شراقي إلى أن سد النهضة قد امتلأ بالكامل هذا العام، حيث تم حجز نحو 19 مليار متر مكعب من حصة مصر المائية. وقد تم تعويض هذا النقص من خلال المخزون المائي في السد العالي، لكن حجز
هذه الكمية أدى إلى تقليص مساحة الأراضي المزروعة بالأرز في مصر، وزيادة الاعتماد على مشروعات تحلية مياه البحر وترشيد استهلاك المياه لمواجهة هذا العجز.
المياه المحجوزة "مياه مصرية"
واختتم الدكتور شراقي تصريحاته بالتأكيد على أن المياه المحتجزة في سد النهضة هي فعليًا مياه مصرية مخصومة من حصة مصر المائية السنوية، مشيراً إلى أن هذه المياه، في حال تشغيل التوربينات، يمكن أن
تعود إلى مصر، مما يخفف من التأثيرات السلبية على القطاعات الزراعية والمائية.
مناورة سياسية
وبإعلان غير مسبوق من رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، عن دعم مصر والسودان "مائيًا" في حال حدوث شحّ في الإمدادات بسبب "سد النهضة" الذي تقيمه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، أُثيرت
تساؤلات حول مدى جديته، خاصةً أنه يتزامن مع زيارة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، لأوغندا ضمن تحركات متصاعدة من جانب القاهرة بعد دخول اتفاقية "عنتيبي" حيز التنفيذ رغم معارضة مصر.
ويرى السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ومستشار رئيس هيئة مياه النيل، أن هناك أهمية لتحويل تلك التصريحات، التي تهدف لاسترضاء الجانب المصري بعد 13 عامًا من المفاوضات
غير المُجدية، إلى موقف قانوني ملزم يترجم الشعارات إلى واقع حتى لا تبقى في النهاية مجرد مناورة لا تحظى بأي اهتمام.
ويعتقد أن قضايا المياه لا يُعتمد فيها على التصريحات والنوايا الحسنة، بل يجب الوصول إلى اتفاق ملزم يحفظ حق إثيوبيا في التنمية وحق مصر في الحياة وحماية شريان المياه الرئيسي.
يأتي هذا الإعلان الإثيوبي دون التوصل إلى أي اتفاق مع مصر والسودان، بعد أن انتهت آخر جولة من المفاوضات في أديس أبابا دون جدوى في ديسمبر الماضي.