بالتوازي مع خطة التهجير.. البؤر الاستيطانية طريق الصهاينة لبقاء طويل في غزة

- ‎فيعربي ودولي

في خُطة صهيونية مدعومة من الحليف الأكبر لإسرائيل، “الولايات المتحدة الأمريكية”، تهدف إلى التهجير الكامل لسكان غزة من الشمال، تتجاهل إسرائيل القوانين الدولية وتكشف نواياها الخبيثة لاحتلال القطاع بأكمله.

أفادت وسائل إعلام عبرية بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يعمل على بناء بؤر استيطانية وفتح محاور جديدة بهدف البقاء لأطول فترة ممكنة في قطاع غزة، بالتوازي مع خطة التهجير التي ينفذها الجيش.

 

ونقلت صحيفة “هآرتس” العبرية أمس الأربعاء، نقلاً عن مصادر وصور التقطتها الأقمار الصناعية، أن “جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم بفتح محاور جديدة وشق طرق واسعة في قطاع غزة”، مستندة إلى تصريحات ضباط يخدمون في القطاع المحاصر، وصور تظهر أعمال توسعة الطرق وبناء نقاط استيطانية ضخمة وبنية تحتية للاستقرار طويل الأجل.

وأشارت الصحيفة إلى أن “العمل يتقدم بأقصى سرعة، فما كان قبل بضعة أشهر مجرد سد ترابي به أنقاض المباني المدمرة، أصبح الآن موقع بناء نشط للغاية، حيث تم بناء طرق واسعة، ويجري تركيب هوائيات الهواتف الخلوية، وشبكات المياه والصرف الصحي”.

 

وأكدت أن “الهدف واضح، سواء تم التصريح عنه علناً أم لا، وهو بناء البنية التحتية للبقاء العسكري المطول في المنطقة.”

ونقلت عن مصادر دفاعية رفيعة المستوى قولها إن ما يُعرض على الإسرائيليين ليس بالضرورة ما يحدث فعلياً، مشيرة إلى أن الجيش الإسرائيلي يطالب حالياً بإخلاء القرى والمدن من سكانها.

وأفادت الصحيفة بأنه لم يتبق سوى نحو 20 ألف شخص في منطقة كانت تضم أكثر من 500 ألف من سكان غزة قبل الحرب.

 

تهجير وتدمير ثم بناء

 

ووفقاً لـ”هآرتس”، قام الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب بتهجير آلاف الفلسطينيين من شمال غزة والسيطرة على مناطق وطرق في القطاع، لكن البيانات التي حصلت عليها الصحيفة أظهرت حجم ونطاق هذه المناطق، التي تذكّر بالأيام التي سبقت انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005.

ونقلت الصحيفة عن قائد كبير خدم في غزة قوله: “في الأشهر الأخيرة، كان الشيء الوحيد المطلوب من القوات هو نقل السكان إلى الجنوب وتسوية المباني على بُعد بضعة كيلومترات من المحاور اللوجستية والمناطق التي تتواجد فيها القوات. هذه ليست مواقع تُبنى لشهر أو شهرين”.

 

وأضافت الصحيفة أن هذا الاستنتاج يتضح من خلال قراءة “الرسم البياني القتالي لعام 2025” الذي وُزع مؤخراً على الجنود والقادة المقاتلين.

كما نقلت تصريحات لجنود إسرائيليين قالوا إن الجيش بدأ قبل بضعة أسابيع “بتعرية مناطق واسعة” في القطاع، حيث دمر المباني والبنية الأساسية بشكل يمنع أي تهديدات للقوات ويجعل الحياة فيها مستحيلة، إضافةً إلى بناء الطرق واستعدادات لتشييد مرافق عسكرية دائمة.

ونقلت “هآرتس” عن ضابط خدم في إحدى البؤر الاستيطانية بالقرب من ممر نتساريم قوله: “كنا ننام في حاويات مسلحة مزودة بمنافذ كهرباء وتكييف وكل شيء، وكان مستوى المعيشة أعلى من معظم البؤر الاستيطانية التي خدمت فيها”.

وأضاف: “كان لدينا مطبخ وكنيس، وغرفة العمليات العسكرية أيضاً داخل حاوية محمية. كنا نتجول بدون خوذات وبدون سترات، ولعبنا كرة القدم داخل البؤرة، وكنا نشوي اللحوم في الخارج كل ليلة تقريباً. لم يكن هناك شعور بأننا في منطقة حرب”.

 

شمال غزة ليس المستهدف الوحيد

 

وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن شمال غزة، رغم أنه يشكل جزءاً كبيراً من الخطة الاستيطانية، إلا أنه ليس كل الصورة. وفقاً للخطة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، تسعى إسرائيل إلى الاحتفاظ بأربع مناطق كبيرة على الأقل في أنحاء القطاع المختلفة.

وأوضحت أن أحد أبرز هذه المناطق هو ممر نتساريم، الذي سيطر عليه سلاح الهندسة القتالية في بداية الحرب كمحور لوجستي للقوات، ولاحقاً استُخدم لإدخال المساعدات الإنسانية، لكنه تغير مع مرور الوقت وأصبح منطقة كبيرة خالية من المباني.

 

فرض واقع ميداني جديد

 

وقالت الصحيفة إن ما يحدث بالقرب من “كيبوتس كيسوفيم” يشير إلى أن مشروع الجيش الإسرائيلي لم ينتهِ بعد، حيث أعلن الجيش الأسبوع الماضي عن فتح طريق لوجستي من هناك إلى غزة. وأشارت إلى أن هذا الطريق، رغم أنه قصير وضيّق حالياً، قد يتحول إلى ممر دائم مشابه لممر فيلادلفيا.

وتقول “هآرتس” إن هذه الطرق تكشف كيفية تحول الاحتياجات قصيرة الأجل إلى مشاريع دائمة، كما حدث في المعبر الذي أقيم في بداية الحرب بين شمال غزة وجنوبها، والذي أصبح يبدو الآن أشبه بمعبر حدودي بين بلدين.

وقال ضابط في الجيش الإسرائيلي للصحيفة: “من الواضح أن الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من غزة قبل عام 2026، وعند النظر إلى الطرق التي تُفتح هنا، يتضح أنها ليست للمناورات أو الهجمات البرية. هذه الطرق تؤدي إلى مناطق خالية، ولا أرى نية لإعادة بناء المستوطنات فيها، لكن الجميع يدركون إلى أين يتجه الأمر”.

 

الموقف الأمريكي

 

في الوقت نفسه، صرح وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، بأن الولايات المتحدة تريد هدنة “حقيقية وممتدة” لوقف القتال في غزة، مشيراً إلى أن أفضل طريقة لمساعدة الناس هي إنهاء الحرب. وأضاف بلينكن، خلال زيارته إلى بروكسل، أن “إسرائيل، وفقاً للمعايير التي وضعتها، حققت أهدافها”.

وأكد: “ينبغي أن يكون هذا هو الوقت المناسب لإنهاء الحرب”.