السفير عبد الله الأشعل يكتب : رسالة إلى الشعب الإسرائيلي
من السفير عبد الله الأشعل المُحب للسلام فى المنطقة والتعايش بين صاحب البيت والضيف.
أزجي النصيحة الآتية إلى كل سكان فلسطين من الصهاينة والعرب: يهمني أن أنقذكم مما يخبئه لكم المستقبل، كما أصارحكم بالحقائق التي قد لا تدركونها خلال القرنين الأخيرين.
أولاً: فلسطين عربية فلسطينية، وأهلها أحق بها، وقد رأيتم الفرق بين صاحب البيت الذي يتمسك به ويموت من أجله وبين اللص الصهيوني القادم أو الذي تم توظيفه ضمن مؤامرة كبرى لسرقة فلسطين وإبادة أهلها.
ثانياً: أهل إسرائيل صهاينة يتسترون باليهودية، وهي منهم براء، ولا يزالون يفترون، كما قال القرآن الكريم، على الله بغير الحق. وأنتم، يا أهل إسرائيل وأهل فلسطين، ضحية مؤامرة كبرى دبرها الغرب ويتفرج على مآسيكم وصراعاتكم. سكان إسرائيل وقعوا ضحية النصب والاحتيال في المشروع الصهيوني، وحاولوا عبثاً إيجاد علاقة كاذبة بينهم وبين أرض فلسطين، لقد عبث الغرب بعقولهم، فأقنعهم أن سبب اضطهادهم من الشعوب الأوروبية هو أنهم عباقرة بين شعوب غبية. في الحقيقة، أراد الغرب التخلص منهم والزج بهم في أتون عذاب متصل لا تستقر به حياة ولا تهدأ النفوس. فكلكم، صهاينة وفلسطينيون، ضحايا هذه المؤامرة.
ثالثاً: بني مشروعكم الصهيوني على أساس أن فلسطين كانت ملكاً لليهود وأنكم صهاينة لا يهود منذ آلاف السنين. وأنها أرض مقدسة وأرض الميعاد، وأن الله وعدكم بها، ولكن الله سبحانه لا يستعدي بعض خلقه على البعض الآخر، كما أن الأرض ملك لله ومقر لكل مخلوقاته. وليس صحيحاً أن الله يقوم بتخصيص الأرض لمخلوقاته، ولا يفضل أحداً على أحد إلا بالتقوى.
رابعاً: الأطراف الضالعة في المؤامرة هي بريطانيا وأمريكا وألمانيا. أرادت أمريكا ألا تكون وحدها في التاريخ في إبادة الشعوب في أمريكا الشمالية، بل أرادتكم أن تقوموا بنفس المهمة في فلسطين.
خامساً: هذه الدول يهمها إحراق الصهاينة والعرب، وتسخير صهاينة إسرائيل لخدمة مصالحها. أرادت واشنطن أن يجتاز الصهاينة نفس الطريق الذي سلكته أمريكا في إبادة سكان البلاد الأصليين. ولذلك يستحيل تقديم تفسير منطقي للعلاقات بين إسرائيل وأمريكا. التفسير الأقرب إلى الصحة هو أن أمريكا تريد أن تورط إسرائيل في أعمال الإبادة في فلسطين، وإذا كان ذلك يصلح في نهاية القرن الخامس عشر، فإنه انكشف في عصر التقدم التكنولوجي.
سادساً: معنى ذلك أن الصهاينة والفلسطينيين هم ضحايا المؤامرة، عاشوا طويلاً في صدام دام راح ضحيته الكثير منهم، ولكن الغرب شجع الصهاينة على المضي في برنامجهم لإبادة الفلسطينيين وإفراغ فلسطين من سكانها حتى تخلو لهم، كما حدث في الولايات المتحدة.
سابعاً: الحل يكمن في تفكيك إسرائيل. يجب على العرب التعاون مع الغرب بتمويل عربي خليجي لنقل الصهاينة إلى البلاد التي جاءوا منها. أما من فضل البقاء من الصهاينة في فلسطين، فإن العرب والغرب يقدمون ضمانات لبقائهم مواطنين لهم كل الحقوق والواجبات مثل الفلسطينيين، بشرط ألا يسترجعوا تاريخ الصراع وأطرافه. لأن النتيجة المتصورة هي أن يكفر الفلسطينيون بالعروبة ويعلون شأن الإسلام. من الطبيعي أن تزدهر الحركة الإسلامية وتتراجع الحركة القومية، لأن الأمة العربية والانتماء لها جلبا تواطؤ بعض الحكام العرب مع إسرائيل تاريخياً. ومعنى ذلك أن الفلسطينيين المنتصرين في حرب مفتوحة سوف يستعلون على الجنس العربي، ولهم كل الحق. ولكن لا بد أن ينشط المثقفون بعد النصر لكي يصوغوا علاقات جديدة بين الفلسطينيين والشعوب العربية التي لن تفلت من عقاب الله وعقاب التاريخ.
ثامناً: لا بد أن نسجل أن الولايات المتحدة نجحت نجاحاً باهراً في أمرين:
الأمر الأول: دفع الصهاينة فوق ما يطيقون لإكمال مشروع الإبادة، وهي في المقدمة.
الأمر الثاني: تسخير البيئة العربية لخدمة إسرائيل. وما فعلته مصر وقطر لا يتعدى الوساطة بين الطرفين. ومصر بالذات تستحق الإشارة لأن المشروع استهدف مصر في الأساس. موقف مصر من الصهاينة والإسرائيليين ليس وجهة نظر، وإنما ضرورة انحياز مصر لمصالحها القومية والأمنية. ولنذكر أن الجيش المصري لم يحارب التتار في القرن الثالث عشر على الأراضي المصرية، وإنما حاربهم وهزمهم في جنين بفلسطين.
تاسعاً: المنطقة بحاجة إلى الهدوء والاستقرار وتعاون الجميع للنهوض بها. لا تحتمل هذه المهزلة التي بدأت منذ قرنين وهي الصهيونية.
من الأفضل لإسرائيل أن تتوحش على أراضي الغرب وضد الغرب، لا أن يطلق الغرب الوحش الصهيوني ليعبث بالمقدرات العربية، وهو الذي فرض عليها التخلف، إسرائيل ضامنة لهذا التخلف.
عاشراً: التبس على الحكام العرب، خاصة في مصر بعد عزل الملك فاروق، الحقائق، كانت مصر الطرف الأهم الذي ركزت المؤامرة عليه، قبل العرب قرار التقسيم، وهو فرصة لبقاء إسرائيل، لكن الغرب شجع الصهاينة على الاستحواذ على كل فلسطين.
حادي عشر: أركان المشروع الصهيوني قد زلزلت أمام إصرار أصحاب الحق، وحيث إن إسرائيل تكونت بالهجرة الطوعية، فإنه يستحيل قسمة فلسطين بعد اليوم.
لقد أضعتم فرصة ذهبية، ولكن الشعب الفلسطيني يقبل بمعاملتكم كمواطنين بضمانات سياسية ودستورية داخلية ودولية.