يعيد تحميل تجربة فشله في غزة .. اليوم الثامن: الاحتلال يجبر “جنين” على النزوح بعد تفجير وحرق المنازل

- ‎فيعربي ودولي

 

 

قالت القناة 14 العبرية: إن “جيش الاحتلال دمر حوالي 31 منزلا في إطار عمليته العدوانية المستمرة لليوم الثامن على مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، بعد أن دفع الاحتلال للمخيم وقراه وبلداته بمزيد من الجنود”.

 

وأجبر الاحتلال الصهيوني بحرقه للمنازل وتفجيرها مستخدما سلاح الجو الصهيوني في العملية، المئات من الفلسطينيين على النزوح من جنين، في حين وفرت قوات السلطة المسلحين غطاء أمنيا للاحتلال باعتقال قادة المقاومة، ومنهم قائد كتيبة جنين من المستشفى أثناء تلقيه العلاج من إصابة برصاص الاحتلال.

 

وتتمكن المقاومة من رفع كلفة العدوان على منازل جنين بإعطاب آلياته وناقلات الجنود والمدرعات، التي تستهدفها بالعبوات الناسفة محلية الصنع أو بإيقاع أكبر خسائر بشرية له بالاشتباكات المتواصلة.

 

 

وكانت دراسة بعنوان “العملية العسكرية الإسرائيلية علي الضفة الغربية: الأهداف و التداعيات” رصدت 5 نتائج واستنتاجات من العملية العسكرية الموسعة لجيش الاحتلال في الضفة الغربية.

 

وخلصت الدراسة التي نشرها موقع “الشارع السياسي” إلى أن المقاومة المسلحة تظل هي العائق الأبرز أمام عمليات الكيان الصهيوني العسكرية في الضفة الغربية رغم قلة امكانياتها وحصرها إلى حد بعيد في الشمال دون الوسط و الجنوب.

 

العائق الأبرز

 

وقالت: إنه “لا تزال المقاومة المسلحة العائق الأبرز أمام تحقيق هذه الأهداف الإسرائيلية، علي الرغم من قلة إمكانياتها ومواردها التسليحية، وحصرها في شمال الضفة دون وجود فعال لها في الوسط و الجنوب، بفضل العمليات العسكرية الإسرائيلية و الملاحقات الأمنية من قبل السلطة الفلسطينية”.

 

شعبية تتزايد

 

النتيجة الثانية أن “شعبية المقاومة عمومًا وحماس خصوصًا تتزايد بصورة كبيرة في الضفة الغربية، خاصة في صفوف الشباب، حيث تُعتبر معيدة للكرامة الفلسطينية من خلال حربها ضد إسرائيل، وتجدر الإشارة إلى أن سكان مخيمات اللاجئين وطلاب الجامعات هم الأكثر استعدادًا للانضمام إلى الحركة كمقاتلين في صفوفها. في حين تقتصر مساعدة غالبية الجمهور الفلسطيني في الضفة علي الدعم اللوجستي مثل إخفاء الأشخاص المطلوبين، أو التبرع بالأمو ال”.

 

الانتفاضة الشعبية

 

واستبعدت الدراسة “اندلاع انتفاضة شعبية لعدة أسباب، أهمها حالة الاستنزاف التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني، و التي تمنعه من خوض مواجهة شاملة مع إسرائيل بعد عشرة أشهر من الحرب في غزة، و التي قدمت مثالًا لمصير الضفة الغربية في حال اندلاع مواجهات شاملة، وبخاصة أن إسرائيل لن تتوانى عن نقل نموذج التدمير الواسع لمدن قطاع غزة إلى الضفة الغربية”.

 

 

ومن مثبطات الانتفاضة رأت الدراسة أن أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية لها دور في منع اندلاع مثل هذه الانتفاضة، وللتذكير فإن انتفاضة عام 2000 كانت مدعومة من السلطة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات، فضلًا عن أن انتفاضة عام 1987 كانت مسنودة من منظمة التحرير الفلسطينية”.

 

 

وأشارت إلى أن معوقات الانتفاضة “أن إسرائيل تغيرت بعد السابع من أكتوبر، وسيكون ردها أشد مما كان عليه عام 2000، كما أن ما حصل في قطاع غزة لم يؤد إلى تحرك إقليمي ودولي جدي لوقف عمليات الإبادة في القطاع، و التخوف أن الانتفاضة الواسعة لن تجلب مصالح سياسية فلسطينية في ظل غياب الضغط على إسرائيل وفرض حلول سياسية عليها”.

 

السحب الاقتصادي

 

وعن الضغط الاقتصادي على فلسطينيي الضفة الغربية لاسيما العمال منهم الذين يتجهون إلى داخل الكيان، فقالت الدراسة:  “بجانب استمرار إسرائيل في شن عمليات عسكرية موسعة بين الفينة و الأخرى من أجل استئصال المقاومة في الضفة، فمن المتوقع أن تتجه إلي تشديد التعامل الأمني مع دخول العمال الفلسطينيين إلي إسرائيل، خاصة الذين يدخلون بشكل غير قانوني، فوفقًا للسلطات الإسرائيلية، كان آخر تعداد يومي حو الي 40,000”.

 

ورأت الدراسة أنه الكيان سيتجه لإغلاق “معظم الفجوات التي يتسللون من خلالها، وأن غلاف القدس مرشح لسرعة استكمال الحاجز الأمني، سواء من خلال البناء السريع أومن خلال نقل القوات إلى هناك من مواقع أخرى”.

 

وأشارت إلى أن الكيان سيتراجع ربما عن حجب عائدات الضرائب عن السلطة الفلسطينية، ـ  سواء بصورة كلية أوجزئية – لتشجعيها للقيام بمهامها الأمنية في ملاحقة المقاومة.

 

وخلصت في هذا النقطة إلى أن إسرائيل ” قد تعمل على تشجيع الاستثمار الاقتصادي الإقليمي في الضفة الغربية من قبل دول مثل الإمارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية؛ لجعل الفلسطينيين ينشغلون بأحوالهم المعيشية و الاقتصادية بدرجة أكبر من تركيزهم علي قضية التحرير و المقاومة”.

 

 

سيطرة وتحكم

 

الهدف الأبرز للصهاينة من خلف عمليتها العسكرية الموسعة في الضفة الغربية هوبحسب الدراسة(إعادة السيطرة و التحكم).

 

وهنا قالت: إن “الأهداف العملية من السيطرة و التحكم، هو ضرب الحاضنة الشعبية وإضعافها ودفع الفلسطينيين إلى الهجرة الطوعية”.

 

ولفتت إلى أن الاحتلال يعتبر أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين أنها تمثل خزانًا بشريًا يحافظ على التفوق الديموجرافي الفلسطيني بالضفة، نتيجة للبيئة التي تشكل بها المخيم، و الروابط التي يتمتع بها سكانه، و التماسك المجتمعي فيه، وارتباطهم بحق العودة.

 

وأوضحت أن المخيمات تمثل عنوانًا ونموذجًا للحاضنة الشعبية الأكثر تمسكًا بالمبادئ و الهوية الوطنية، التي تعزز مفهوم المقاومة، لذا يهدف الاحتلال الإسرائيلي من خلال عملية التدمير الممنهج للمخيمات، وتحويلها إلى أماكن غير قابلة للحياة، إلى دفع سكانها نحو الهجرة.

 

وأضافت أن الهجرة تسهم بتغيير الواقع الديموجرافي بالضفة، إما بعمليات نزوح داخلية، أو الدفع بهجرة طوعية إلى خارج فلسطين، وهذا ما عبرت عنه، وبشكل واضح، القيادات السياسية و العسكرية الإسرائيلية منذ اليوم الأول للعدوان، ويترجم من خلال ما تقوم به الجرافات من عمليات تدمير كاملة للبنية التحتية، ومن خلال عمليات إحراق المنازل ونهبها من قبل جنود الاحتلال، وهذا يتلاقى إلى حد بعيد مع ذات السياسة التي يتبعها الاحتلال في قطاع غزة.

 

من التحكم و السيطرة بحسب الورقة “إضعاف فرص إقامة الكيان السياسي الفلسطيني”.

 

وأبانت أن نتنياهو وأقطاب حكومته اليمينية المتطرفة رفضوا إقامة كيان سياسي فلسطيني، أو السماح بتشكل نواة لبناء دولة فلسطينية مستقبلية، وقد عزز ذلك من خلال قتل عملية التسوية السياسية، وتحجيم مكانة السلطة الفلسطينية وأدوارها، و العمل على إضعافها بشكل متكامل، ابتداء من مصادرة أمو ال المقاصة، ووصولًا إلى سحب الصلاحيات، وتوج ذلك من خلال  قرار صدر بغالبية أصوات الكنيست الإسرائيلي يرفض قيام دولة فلسطينية في مايو2024، وتبعه بقرارات أخرى صادقت عليها حكومة الاحتلال بعد أن قدمها وزير المالية سموتريش، و التي تقضي بالسيطرة على الأراضي المصنفة (ب)، وتحويل مسؤولية إدارتها للإدارة المدنية التابعة للاحتلال. وبذلك سعى الاحتلال إلى قتل الحلم الفلسطيني في إقامة كيان سياسي فلسطيني مهما كان شكله وحجمه، و الآن يأتي العدو ان العسكري على محافظات شمال الضفة ترجمة لهذه الخطوات، التي يمكن أن تنسحب على كامل محافظات الضفة. ويعتقد الاحتلال الإسرائيلي، وفي مقدمته تيار الصهيونية الدينية الذي يسيطر على مفاصل الحكم داخل الكيان، أن التوقيت الآن بات مناسبًا و الفرصة مواتية، لفرض برنامجهم في ظل حالة الانسياق التام، و الغطاء الذي توفره الولايات المتحدة، إلى جانب حالة الصمت و العجز العربي و الإقليمي لما يحدث بحق الفلسطينيين.

 

 

هاجس صهيوني

 

الدراسة أشارت إلى بعد تاريخي في السيطرة و التحكم ظهر بعد عام 2022 وظهور المجموعات المقاومة تحت مسمى “الكتائب” أو”المجموعات” في شمال الضفة، وخشية الاحتلال من تطور هذه النماذج إلى حالة إلهام، قد تمتد وتتطور من عمل مقاوم بسيط يعتمد على الخبرة القليلة، إلى بنية متكاملة من شأنها أن ترفع نسبة التحدي و الخسائر لدى الاحتلال، وبالتالي إمكانية إخراج الضفة عن سيطرة الاحتلال.

 

وأعادت إلى الأذهان الرغبة الإسرائيلية في إنهاء خطة فك الارتباط التي أقرها شارون في العام 2005، و التي تم بموجبها الانسحاب من قطاع غزة ومن عدد من مستوطنات شمال الضفة الغربية، إذ سارعت حكومة نتنياهو إلى إلغاء القانون، وعمل وزير جيش الاحتلال يوآف جالانت، على البدء بتطبيق قرار الحكومة الإسرائيلية، وهوما يعني إمكانية عودة الاستيطان لمحافظات الشمال، وفرض السيطرة الأمنية و العسكرية بشكل أوسع، ووفقًا للمنظور الإسرائيلي، فإن تحقيق ذلك لن يكون سهلًا في ظل تحدي وجود مقاومة فلسطينية في هذه المناطق.

 

رعب المخيمات

 

إلا أنه ومع العملية العسكرية التي شنها الاحتلال في 28 أغسطس 2024، بشكل مكثف على 3 محافظات شمال الضفة الغربية ومخيمات اللاجئين فيها، شملت جنين ومخيمها، وطولكرم ومخيمي نور شمس وطولكرم، ومدينة طوباس ومخيم الفارعة، تحت عنوان القضاء على مجموعات المقاومة فيها، إلا أن  العملية العسكرية، التي أطلق عليها الاحتلال اسم “المخيمات الصيفية” وصفتها المقاومة ب”رعب المخيمات”، بأنها الأوسع و الأكثر كثافة منذ عملية “السور الواقي” واجتياح الضفة عام 2002، إذ تشارك فيها فرقة عسكرية كاملة من جيش الاحتلال، وبغطاء كامل من وحدة المظليين و الطائرات العسكرية و المسيرات، إضافة إلى الجرافات ووحدات خاصة من حرس الحدود و الجيش.

 

https://politicalstreet.org/6864/