4 حالات انتحار في يوم واحد.. الشعب يفضّل الموت على الحياة تحت حكم العسكر

- ‎فيتقارير

شهدت مصر لأول مرة في تاريخها “4” حالات انتحار في يوم واحد، هو أمس الجمعة 6 ديسمبر 2019م، الحالة الأولى لطالبة في الصف الثاني الثانوي، بإحدى قرى مركز تلا بمحافظة المنوفية، إثر تناولها قرص حفظ الغلة السامة، وفي ذات اليوم أقدمت ربة منزل «منى. م. أ» من مواليد 1998، على التخلص من حياتها، بالانتحار «شنقًا» داخل غرفة نومها بمنزل أسرتها بإحدى قرى فاقوس بمحافظة الشرقية، إثر تعرضها لأزمة نفسية سيئة.

الواقعة الثالثة لشاب في العقد الثاني من العمر، أقدم على الانتحار شنقًا داخل منزله بمدينة بني سويف، حيث تلقت مديرية أمن بني سويف بلاغًا من “ب.ع” بعثوره على ابنه “عبد الرحمن” 16 سنة، جثة هامدة مشنوقًا بحبل ومعلقًا من رقبته داخل غرفته بمنزل العائلة، وأقر بانتحار نجله لمروره بأزمة نفسية سيئة.

والحالة الرابعة لرجل خمسيني يدعى “علي.ر”، أقدم على الانتحار بـمحافظة كفر الشيخ، عبر تناوله “الحبة الفوسفورية” المستخدمة في منع تسوس محصول القمح، والمعروفة كذلك باسم “حبوب حفظ الغلال”، نتيجة مروره بحالة نفسية سيئة، من جراء عدم قدرته على تجهيز ابنته للزواج، في ضوء الارتفاع المتصاعد في أسعار السلع والمستلزمات الأساسية.

وشهد يوما السبت والأحد الماضيان خمس حالات انتحار، أشهرها لشاب في كلية الهندسة قام بإلقاء نفسه من أعلى برج القاهرة الذي يبلغ ارتفاعه 187 مترًا، الأمر الذي أثار الرأي العام في الداخل والخارج، بعد أن قام أحد الأشخاص بتصوير عملية الانتحار ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

مصر الأولى عربيًّا في معدلات الانتحار

وتكشف مصادر حكومية، عن أن هناك اتجاهًا من قبل الحكومة إلى التخفيف من نشر أخبار الانتحار من خلال وسائل الإعلام المختلفة، خاصة بعدما أزعجت معدلات ارتفاعها المصريين، ودفعت الرأي العام إلى إدانة الحكومة والنظام، باعتبارهما السبب الأول في زيادة عمليات الانتحار، خاصة بين الشباب، نتيجة حالة البطالة والفراغ القاتل، والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الكثيرة والمتعددة.

لهذا السبب لا توجد فى مصر إحصائيات رسمية حول هذه الظاهرة، ولكن ما تنشره وسائل الإعلام من فترة لأخرى يشير إلى ارتفاع وتيرة الانتحار فى البلاد خاصة بين الشباب، وذكر تقرير نسبه موقع “فرانس 24” لمنظمة الصحة العالمية، أن مصر تفوقت على الدول العربية التي تشهد نزاعات مسلحة وحروبًا أهلية، حيث شهدت 3799 حالة انتحار في عام 2016، وتجاوز عدد الرجال المنتحرين أعداد النساء المنتحرات (3095 مقابل 704).

 

أسباب الانتحار

وأشار المركز إلى تزايد حالات الانتحار في مصر، لأسباب مختلفة، في مقدمتها تردّي الوضع الاقتصادي والاجتماعي، الأمر الذي يؤدي إلى أزمات نفسية تصيب الشخص وتدفعه إلى الانتحار. وأكد المركز أن المحافظات الحضرية الكبرى وهي القاهرة والجيزة والإسكندرية سجلت معدلات صعود في معدلات الانتحار أكثر من باقي المحافظات الأخرى.

ويؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، الدكتور سعيد صادق، أن الفقر والبطالة والعنوسة يعد “ثالوثًا مدمرًا” للانتحار في مصر، مشيرا إلى أنه “لو تم البحث في حالات الانتحار التي حدثت في مصر خلال الأشهر الماضية، خاصة بين الشباب، فلن تخلو أسباب الانتحار من هذا الثالوث، وهي حالات تعد مظاهر اعتراض وغضب ورسائل موجهة إلى الحكومة، بعدما افتقد أصحابها إلى العمل والأمل”، مشيرا إلى أن “المنتحر يريد التخلص من الصراعات التي بداخله ومن الألم إلى الأبد، ويرى أن الذهاب إلى الله أفضل من البقاء بين الناس، في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها”.

من جهته، يرى أستاذ علم النفس بجامعة حلوان، الدكتور محمد حسن، أن الانتحار يأتي بعدما يصل المنتحر إلى ذروة اليأس، مؤكدًا أن المرض النفسي أصبح موجودا بين طائفة كبيرة من المواطنين، أكثرهم من الشباب.

أما الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة الأزهر، الدكتور حاتم القرنشاوي، فيشدد على أن “العوامل الاقتصادية لها دور كبير في عملية الانتحار، حيث يواجه الملايين من الشباب أزمة البطالة وقلة العمل والتوظيف، وعدم قدرة الشركات والقطاع الخاص على استيعاب الخريجين، سواء من الجامعات أو الدبلومات الفنية. إضافة إلى الأزمات الاجتماعية مثل حالات الطلاق، والتي سببها الرئيسي البطالة والتوقف عن العمل بعد الزواج والتسريح من العمل، وهو ما يؤدي في النهاية إلى حالة من الإحباط والتفكير الجدي في الانتحار”.

ويلفت إلى أن هروب الشباب والمخاطرة بحياتهم عبر البحار، فيما يعرف بـ”الهجرة غير الشرعية” إلى أوروبا، هو نتيجة حالة البطالة الموجودة بينهم.