دعوة مقاطعة البضائع والسلع الأميركية أصبحت مطلباً شعبياً، يجب أن يظهر بوضوح في صورة دعم مباشر للموقف الرسمي للدولة، وبتأييد واضح من كل النقابات والأحزاب وطوائف المجتمع بالجامعات والأزهر والكنيسة والأندية، ليظهر أمام الرأي العام الأميركي والدولة، وحدة الشعب في مواجهة التخريب الاقتصادي والسياسي ضد مصر ودول المنطقة.
ويمكن للحكومة رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأميركية، وتغريم السفن الأميركية المارة في قناة السويس برسوم أعلى من المعدلات التفضيلية التي تمنح للدول الصديقة، والانضمام إلى الدول المتضررة من حرب الجمارك، كالصين وكندا والبرازيل والاتحاد الأوروبي لإجبار ترامب على العودة طواعية عن قراراته المستنفرة للتضخم والمستفزة للفورات السياسية بالمنطقة.
كما يمكن مشاركة اتحادات النقابات المهنية والعمالية والغرف التجارية والصناعية والسياحية العربية والدولية في حركة المواجهة الشعبية لسياسات ترامب، مع البحث عن زعامة عالمية قادرة على التنسيق بين تلك الجهات والدول المتضررة، لتفعيل العقوبات الاقتصادية التي تسعى الشعوب لفرضها على الولايات المتحدة .
تتصاعد دعوات مقاطعة السلع الأميركية في مصر رداً على إعلان الرئيس دونالد ترامب رغبته في احتلال بلاده قطاع غزة، وتهجير سكانه إلى مصر والأردن، وتحويل القطاع إلى “منتجع سياحي” مملوك لأميركا، وكذلك إصداره قرارات بمنع تمويل وكالات المعونة الأميركية التي تضخ مئات ملايين الدولارات سنوياً في مشروعات حكومية وتابعة للقطاع الخاص، فضلاً عن وكالات غوث ودعم اللاجئين المقيمين على الأراضي المصرية، الذين يقدر عددهم رسمياً بنحو تسعة ملايين نسمة.
شهدت مناطق متفرقة في شمال سيناء، والنقابات المهنية عدة مظاهرات على مدار الأسبوع الماضي، حيث رفع متظاهرون شعارات “لا لتهجير الشعب الفلسطيني” ولا لتصفية القضية الفلسطينية، وصفها قيادات التيار المدني بأنها “رسالة احتجاج واضحة ضد مخططات ترامب الظالمة التي تهدد استقرار المنطقة وتنتهك القانون الدولي”.
وتتزايد ضغوط ترامب منذ تنصيبه في العشرين من يناير الماضي، إذ طاولت تهديداته مجموعة دول “بريكس” التي تقودها الصين وروسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل والهند، وانضمت مصر إليها عام 2024، بفرض رسوم جمركية عليها بنسبة 100%، محذّراً إياها من استبدال الدولار واعتباره عملة احتياطية.
تعكس الدعوات رفضاً رسمياً للقيود التي يضعها ترامب على توجه مصر بالبحث عن عملة بديلة للدولار، تخفف وطأة الطلب على العملة الأميركية، التي يقدرها خبراء بنحو 80% من حجم تعاملات مصر الدولية، الأمر الذي يدفع إلى تدهور مستمر في قيمة الجنيه، بينما جاءت الدعوات الشعبية مقرونة بموجة غضب واسعة من قيادات رسمية وحزبية ونقابية، رافضة لأي طرح لمقاطعة البضائع الأميركية أصبحت مطلباً شعبياً على حساب السيادة المصرية وحقوق الشعب الفلسطيني.
في حين تبدي مؤسسات الأعمال قلقها من تصعيد المواجهة مع الولايات المتحدة، بدعوة المواطنين إلى مقاطعة المنتجات الأميركية، في وقت يفرض فيه ترامب حروباً جمركية على الدول المخالفة لسياساته الحمائية، مشيرة إلى استفادة الشركات المصرية من دخول الملابس الجاهزة والصناعات الغذائية والهندسية والكيماوية، إلى السوق الأميركية من دون جمارك أو سقف للحصص الإنتاجية، خاصة المسجلة ضمن اتفاقية “الكويز” التي تسمح بوجود نسبة من مكونات الإنتاج من دولة الاحتلال الإسرائيلي بنسبة 10.5%. وتتجاهل الغرف الصناعية والتجارية وجمعيات رجال الأعمال، الدعوات الشعبية لمقاطعة البضائع الأميركية، بينما لجأ اتحاد المستثمرين الذي يضم نخبة من كبار رجال الأعمال وممثلي المناطق الصناعية في المحافظات، إلى إصدار بيان أكد فيه تفويض رئيس الجمهورية، في اتخاذ ما يراه مناسباً للحفاظ على الحقوق المصرية.
ويسير مجتمع الأعمال على حبل مشدود في ظل اقتصاد هش يعاني صعوبات مالية شديدة، مستمرة منذ أعوام، مع ندرة المنتجات القابلة للتصدير، تدفع إلى وجود عجز دائم في الميزان التجاري لصالح الدول الكبرى مثل الصين والولايات والمتحدة، والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول الخليج، وحاجة المستثمرين إلى تنويع الأسواق للواردات التي توفر نحو 70% من مكونات الإنتاج المحلي و80% من السلع الغذائية الأساسية.