في ظل غياب أي دور للمجتمع الدولي صادقت حكومة الاحتلال الصهيوني على توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة في الوقت الذي فشلت فيه قوات الاحتلال طوال نحو 18 شهرا في تحقيق أي هدف من أهداف هذه الحرب الإجرامية، سواء القضاء على حركة حماس أو تحرير الأسرى الصهاينة، وهو ما آثار خلافات داخل دولة الاحتلال.
كان بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال قد قرر الدفع باتجاه توسيع العمليات البرية والجوية، زاعما أن المرحلة المقبلة من الحرب ستكون أكثر كثافة، ولن يتم التخلي عن الأراضي التي يتم دخولها داخل غزة .
وأعلن نتنياهو أن جيش الاحتلال سيواصل الهجوم بقوة على القطاع، وأنه تقرر تنفيذ عملية عسكرية موسعة تهدف إلى القضاء على حماس، مؤكدًا أن هذا المسار سيساعد في استعادة المختطفين وفق تعبيره.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال لن تنسحب من الأراضي التي تدخلها في غزة، بل ستبقى فيها، وأن نقل السكان من مناطق الاشتباك سيتم بهدف حمايتهم بحسب زعمه .
الأسرى
في المقابل، حذر إيال زمير رئيس أركان جيش الاحتلال من خطورة هذه الخطة، محذرا من أن توسيع العمليات العسكرية في غزة قد يؤدي إلى فقدان الرهائن بالكامل.
وقال زمير: “في حال تنفيذ مناورة عسكرية واسعة، قد لا نتمكن من الوصول إلى الرهائن، ويجب وضع هذا الاحتمال في الاعتبار”.
وأكد أن هدفي الحرب – القضاء على حماس واستعادة الرهائن – قد يتعارضان عمليًا، مشيرًا إلى أن هناك إشكالية في تحقيق كلا الهدفين في آن واحد.
ناقوس خطر
في سياق متصل أصدر منتدى عائلات الأسرى الصهاينة بيانًا عاجلًا اعتبر فيه أن تصريحات رئيس الأركان تمثل ناقوس خطر حقيقي.
وقال المنتدى: “تحذير زمير يجب أن يُبقي كل صهيوني مستيقظًا طوال الليل، مشيرا إلى أن الغالبية العظمى من الصهاينة تدرك أن الانتصار لا يتحقق دون إعادة المختطفين إلى ديارهم، وفقدانهم يعني هزيمة دولة الاحتلال”.
وشدد على أن الأمن القومي والاستقرار الاجتماعي في دولة الاحتلال يعتمدان على عودة جميع المختطفين، دون استثناء.
الضغط على حماس
فيما كشف مسئول صهيوني اسمه أن دولة الاحتلال تحاول استغلال الظروف السياسية والدبلوماسية، بما في ذلك استدعاء قوات الاحتياط، للضغط على حماس من أجل الرضوخ لشروطها.
وأكد المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه أن واشنطن تنسق مع دولة الاحتلال بشأن توسيع العمليات في غزة، مؤكدا أنه في حال وافقت حماس على الشروط، فإن بقية الأسرى سيتم إطلاق سراحهم وستنتهي الحرب، على حد قوله.
وأشار إلى أنه لا توجد خطط حالية لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدولة الاحتلال ، لكنه قد يقرر ذلك بشكل مفاجئ .
دورة الفشل
من جانبها اعتبرت حركة حماس أن مصادقة حكومة الاحتلال على قرار توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة، هو قرار صريح بالتضحية بالأسرى الصهاينة .
ودعت حماس في بيان لها اليوم الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى التحرك الفوري للجم حكومة الاحتلال، وكبح جرائمها بحق شعبنا والعمل على تقديم قادتها للعدالة الدولية .
واكدت أن خطط توسيع العمليات العسكرية الصهيونية في غزة، هوإعادة إنتاج دورة الفشل التي بدأها جيش الاحتلال قبل 18 شهرًا، دون أن ينجح في تحقيق أي من أهدافه المعلنة.
قوات الاحتياط
وقال الخبير العسكري العقيد حاتم كريم الفلاحي: إن “توسيع العملية البرية الإسرائيلية في قطاع غزة يواجه جملة من التحديات، خاصة على مستوى جيش الاحتلال، وقد يؤدي إلى التنازل والتضحية بملف الأسرى المحتجزين”.
وأوضح الفلاحي في تصريحات صحفية أن توسيع العملية الصهيونية يرتبط باستدعاء قوات الاحتياط، مما يعني أنها ستأخذ مزيدا من الوقت لكي تكتمل هذه القوات.
وأشار إلى ان استدعاء قوات الاحتياط يخلق إشكالا كبيرا لدى جيش الاحتلال، إذ يعني الهجومُ على نطاق واسع ضرورة تجزئة القوات، وهذا الأمر يتطلب قوات كبيرة، في وقت تعاني فيه دولة الاحتلال من نقص على مستوى القوة القتالية.
تكتيكات المقاومة
وأضاف : وفق إعلان سابق لجيش الاحتلال تتمركز الفرقة 143 في حي تل السلطان والشابورة في رفح ومحيط خان يونس، في حين تنتشر الفرقة 36 في منطقة رفح وعلى طول محور موراج، وتعمل الفرقة 252 في الشجاعية وبيت لاهيا شمالا، مؤكدا أن جيش الاحتلال غير قادر على مواجهة تكتيكات المقاومة، وهناك إخفاق صهيوني كبير على مستوى التكتيكات المستخدمة ضد المقاتلين أو التقليل من الخسائر.
ولفت الفلاحي، إلى أن هناك تضاربا على مستوى أهداف الحرب، إذ يقتضي توسيع العملية زيادة الجهد العسكري، وتقدُّم القطاعات إلى أماكن لم تصل إليها من قبل وفي هذه الحالة، فإن الأمر يتطلب استخدام قوة نارية كبيرة قد تؤدي إلى مقتل كثير من الأسرى الصهاينة، إلا إذا قررت القيادة العسكرية التنازل عن هذا الملف .
وبشأن العمليات التي أعلنت كتائب القسام عن تنفيذها شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، قال: إنها “تشكل تحديا أمنيا كبيرا لقوات الاحتلال التي تسيطر على المنطقة وتطوّقها بشكل كامل، مؤكدا أن هذه العمليات أثبتت قدرة المقاومة على تنفيذ هجمات معقدة ونوعية في بيئة يجب أن تكون تحت سيطرة كاملة لجيش الاحتلال، مما يؤثر سلبا على معنويات جنود الاحتلال، ويرفع من معنويات المقاومين في تلك المنطقة”.