تخبط في قرارات ” البنك المركزي ” وسط ضغوط صندوق النقد وفشل السياسات الاقتصادية

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يعكس ارتباك صناع القرار النقدي بمصر، يعقد البنك المركزي مساء اليوم الخميس اجتماعًا حاسمًا للجنة السياسة النقدية، وسط ترجيحات بخفض جديد لأسعار الفائدة، رغم استمرار التضخم وتراجع قيمة الجنيه، في خطوة يرى مراقبون أنها تأتي استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي، وتكشف عمق الأزمة التي يواجهها الاقتصاد المصري تحت حكم المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي.

وبحسب استطلاعات رأي لمؤسسات مالية، يتوقع أغلب المحللين خفضًا جديدًا للفائدة يتراوح بين 100 و200 نقطة أساس، بعد خفض كبير بمقدار 225 نقطة في أبريل الماضي، رغم أن التضخم السنوي لا يزال مرتفعًا، إذ بلغ 13.9% في أبريل مقارنة بـ13.6% في مارس، بعيدًا عن مستهدفات المركزي.

ويرى مراقبون أن استمرار "دورة التيسير النقدي" ليس خيارًا اقتصاديًا بقدر ما هو محاولة يائسة لتحريك اقتصاد راكد وفقدان الثقة بالعملة المحلية، بعدما وصلت أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة (25% للإيداع و26% للإقراض). ويؤكد الخبير هاني جنينة أن التخفيض بات متوقعًا رغم تباطؤ التضخم، مرجّحًا خفضًا بـ150 نقطة، في وقت تعتبر فيه آية زهير أن أي توقف عن خفض الفائدة قد يُربك الأسواق ويعكس تخبطًا في السياسة النقدية.

بين أوهام الاستقرار وضغوط المؤسسات الدولية

رغم ترويج النظام لتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي، مثل ارتفاع الاحتياطي الأجنبي إلى 48.1 مليار دولار وتحسن ميزان المدفوعات، إلا أن هذه المؤشرات لا تعكس واقع معاناة الاقتصاد الحقيقي، الذي بات معتمدًا على الدعم الخليجي وصفقات الخصخصة، وسط إشراف مباشر من صندوق النقد على السياسات الاقتصادية، بما في ذلك توجيه أسعار الفائدة وسعر الصرف.

ويرى محللون أن المركزي يواجه ضغوطًا من الصندوق للمضي في خفض الفائدة بغرض تشجيع الاستثمار وتقليص تكلفة الدين، لكن هذه السياسات قد تُعمّق الفجوة الاجتماعية، إذ أن خفض الفائدة يُقلّص العوائد على المدخرات بالجنيه، ما يدفع المصريين نحو الدولار أو الذهب، ويزيد من هشاشة العملة المحلية.

في المقابل، يحذر خبراء مثل هاني أبو الفتوح وعمرو الألفي من التسرع في خفض الفائدة، نظرًا لاستمرار التضخم، مؤكدين أن تثبيت الفائدة مؤقتًا سيكون أكثر أمانًا لتقييم تأثير الإجراءات الأخيرة.

مؤشرات خارجية لا تخفي التدهور المحلي

رغم الحديث عن استقرار سعر الصرف وزيادة إيرادات قناة السويس وارتفاع الاستثمارات الأجنبية، إلا أن هذه المؤشرات تبدو سطحية في ظل استمرار هروب الاستثمارات الإنتاجية، وغياب ثقة القطاع الخاص، وهي نتائج طبيعية لاقتصاد تسيطر عليه المؤسسات العسكرية ويعاني من فساد إداري وهيكلي.

وتعكس تصريحات محللة الاقتصاد الكلي هبة منير، التي توقعت خفضًا بواقع 200 نقطة أساس، تركيز صناع القرار على المؤشرات الشكلية، في تجاهل متعمد للواقع المعيشي المتدهور، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطنين، وهي نتائج مباشرة لفشل منظومة السيسي الاقتصادية التي فاقمت من الاعتماد على القروض والتمويل الخارجي دون خطة تنموية حقيقية.