تواجه شركات الأسمدة حالة من التخبط والارتباك بعد أن تلقت إخطارات من حكومة الانقلاب بوقف أو تقليل إمدادات الغاز للمصانع لمدة 15 يوما بسبب تراجع كميات الغاز الإسرائيلى الموردة لمصر.
يُشار إلى أن حكومة الانقلاب بدأت استيراد الغاز من دولة الاحتلال للمرة الأولى في 2020، في صفقة قيمتها 15 مليار دولار بين شركتي نوبل إنيرجي وديليك دريلينج.
ويمثل الغاز الطبيعي المسال أحد المدخلات الرئيسية لصناعة الأسمدة النيتروجينية بنسبة تصل إلى 60% من تكلفة إنتاج الطن، وليس في عمليات تشغيل خطوط الإنتاج فقط، وتبلغ احتياجات قطاع صناعة الأسمدة والبتروكيماويات ما يصل إلى 35-40% من إجمالي استهلاك القطاع الصناعي من الغاز البالغ 1.6 مليار قدم مكعب يوميا.
الغاز الطبيعي
وكشفت مصادر إن 3 مصانع أسمدة توقفت عن الإنتاج على خلفية نقص توريد الغاز الطبيعي، مؤكدا أن كل المصانع التي تملك خط إنتاج واحدا توقفت عن العمل، وهي الإسكندرية للأسمدة وكيما أسوان، وحلوان للأسمدة.
وقالت شركتا أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية ومصر لإنتاج الأسمدة "موبكو" في بيانين للبورصة المصرية إنهما تتوقعان انخفاض الإنتاج بنسبة 30% خلال فترة انخفاض الإمدادات.
وأضافت المصادر أن الخطابات الحكومية لشركات الأسمدة عزت خفض توريدات الغاز الطبيعي إلى وجود أعمال صيانة دورية في أحد خطوط تصدير الغاز من دولة الاحتلال، وأكدت أن الخفض مستمر لأسبوعين كاملين.
وتوقعت أن تمتد فترة نقص إمدادات الغاز لأكثر من أسبوعين، خاصة وأن الخفض بدأ تدريجيا منذ يوم 10 مايو الجاري بنسب تتراوح بين 20-30%، ثم ارتفع إلى أكثر من 50% حاليا، وهو ما دفع بعض المصانع للتوقف عن العمل نهائيا.
الأسمدة المدعمة
من ناحية أخرى قدر مصدر بوزارة زراعة الانقلاب إجمالي توريدات الأسمدة المدعمة المطلوبة من مصانع الأسمدة شهريا بنحو 220 ألف طن، لكن الوزارة تتوقع أن تستقبل نحو 100 ألف طن على أقصى تقدير خلال الشهر الجاري.
وقال المصدر ان الوزارة لديها مخزون يبلغ نحو 300 ألف طن من الموسم الشتوي، ستعتمد عليه في تلبية الاحتياجات ومواجهة أي عجز يظهر مع تراجع التوريدات الجديدة، لحين إشعار آخر.
وأضاف أن الجمعيات التعاونية الزراعية بدأت توزيع مخصصات محاصيل الموسم الصيفي ومستمرة في عملية التوريع ولا يوجد نقص كبير حتى الآن في مختلف المحافظات، محذرا من أن استمرار انخفاض توريدات الغاز أكثر من 15 يوما سيؤثر على مستويات المعروض من الأسمدة النيتروجينية في السوق، سواء المدعمة من قبل حكومة الانقلاب التى توزع في الجمعيات التعاونية، أو الكميات التي تطرحها الشركات في السوق الحرة.
الاستيراد المباشر
التخبط الحكومى دفع شركات الأسمدة إلى العمل بمفردها من أجل تأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي من خلال الاستيراد المباشر، وذلك في ظل الانخفاض المؤقت في الكميات الموردة من دولة الاحتلال، وفي محاولة للحفاظ على الطاقة الإنتاجية وتلبية الطلب التصديري المتزايد.
وقالت مصادر في عدد من شركات الأسمدة إنه عقب اخطار حكومة الانقلاب بعض المصانع بتقليص إمدادات الغاز لمدة 15 يومًا بسبب أعمال صيانة في أحد خطوط التصدير الإسرائيلية أعلنت شركتا أبو قير للأسمدة ومصر لإنتاج الأسمدة (موبكو) عن خفض الإنتاج بنسبة تصل إلى 30% مؤقتًا.
وأشارت المصادر إلى أن الشركات تدرس في الوقت الراهن خيار الاستيراد المباشر للغاز الطبيعي من الأسواق الدولية، لتفادي أي توقف محتمل في الإنتاج مستقبلًا، خصوصًا أن الأسمدة تعتمد بشكل رئيسي على الغاز كمادة خام رئيسية.
وكشفت أن تقليص امدادات الغاز يتزامن مع طفرة في الطلب الخارجي على الأسمدة المصرية، خاصة من دول أوروبا والهند، ما يعزز من أهمية استمرار الإنتاج بكامل الطاقة.
وقالت المصادر ان شركات القطاع تستهدف رفع صادراتها من نحو 3 مليارات دولار حاليًا إلى 10 مليارات دولار سنويًا خلال الفترة المقبلة، مع الحفاظ على تغطية احتياجات السوق المحلي.
تعليق القرار
فى المقابل كشفت مصادر ان حكومة الانقلاب علّقت تنفيذ خطة خفض إمدادات الغاز الطبيعي لمصانع الأسمدة والبتروكيماويات.
وأكدت المصادر أن عدداً من الشركات المدرجة في بورصة مصر كانت قد أعدّت إفصاحات للإبلاغ عن وقف الإمدادات، لكنها تراجعت عن تقديمها بعد صدور قرار التعليق.
وأشارت إلى أن الشركة المصرية للغازات الطبيعية «جاسكو» كانت قد أخطرت الشركات العاملة في هذا القطاع بنيتها تقليص إمدادات الغاز لمدة أسبوعين، إلا أنها عادت وتراجعت عن القرار، وأبلغت المصانع بتعليق التنفيذ.
وذُكرت المصادر بأن العام الماضي شهد توقفاً مؤقتاً في عدد من مصانع الأسمدة والبتروكيماويات نتيجة انقطاعات في إمدادات الغاز الطبيعي بسبب تراجع الإنتاج المحلي، ما أدى إلى توقف العمليات التشغيلية بالكامل في بعض المصانع لعدة أيام.
وأوضحت أن هذا التخبط جعل أرباح أكبر ست شركات عاملة في قطاع الأسمدة والبتروكيماويات والمقيدة في البورصة المصرية تتراج بأكثر من 57% خلال الربع الأول من العام الحالي على أساس سنوي، لتبلغ نحو 7 مليارات جنيه، رغم ارتفاع المبيعات بنسبة تقارب 24.5%. ويُعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى فروق العملة وتأثيرات قرار تحرير سعر الصرف خلال الفترة المقارنة.
وقالت المصادر ان مصانع القطاع تعمل حالياً بطاقة تشغيلية تبلغ نحو 85%، وكان من المتوقع، في حال تنفيذ قرار خفض الإمدادات، أن يتراجع الإنتاج بنسبة تصل إلى 30%.