روابط حقوقية فرنسية ومواطنون : العيب ليس في الإخوان بل في هوس باريس من الإسلام

- ‎فيتقارير

أثار تقرير جديد “سري للغاية” جدلاً واسعاً في فرنسا، حيث زعم أن تنظيم الإخوان المسلمين يسعى إلى “أسلمة المجتمع” الفرنسي وكشفت عن التقرير صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية وتناولته وسائل إعلام يمينية، وملحدون مصريون ومسيحيون وقنوات المخابرات العربية في الرياض ودبي والقاهرة يتحدث عن “شبكات سرية” وخطة لـ”فرض الشريعة”، مما أثار مخاوف واتهامات بتضخيم المخاطر.

إلا أنه في توقيت واحد، يتجه حزب النهضة الذي يقوده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتبني مقترح يمنع الحجاب على الفتيات الأقل من 15 سنة في الأماكن العامة، تزامنا مع التقرير الأسود حول الإخوان المسلمين، الذي جرت مناقشته قبل أيام قليلة، وتشعر فرنسا بتغلغل الإسلام السياسي الإخواني في المجتمع، وبدأت التحركات من أجل كبح تقدمهم.

وتوصل “باحث” منحاز إلى أن “فرنسا شعرت بالخطر من جماعة الإخوان المسلمين وقررت القضاء عليها بعد ظهور معلومات حول إعادة تموضع الجماعة نتيجة الأحداث في غزة” وعلى عينته كتب آخرون.

 

الإشكالية الفرنسية في الإسلام !

 

المواطن الفرنسي محمد نوري Mohamed Nouri قال: “اشكالية فرنسا مع الاسلام وليس مع الاخوان المسلمين”.

ونقل ما كتب عن أنها “استفاقة متأخرة كشف عنها التقرير الفرنسي الاخير حول “الاخوان المسلمون والإسلام السياسي” من خلال لفت الأنظار إلى خطورة التيار الوسطي او ” الإسلام المعتدل” بعد عقود من ملاحقة “التيارات الجهادية العنيفة”.

وأشار إل أن “التقرير يدعو إلى التصدي للظاهرة بكل مكوناتها ويكشف عن صورة من ” الاسلاموفوبيا” الرسمية ضد الإسلام قبل ان تكون ضد التيار الوسطي المعتدل”.

وعلق موضحا أنه “لم يبق في ساحة الاستهداف سوى التيار الصوفي او جماعات الدعوة والتبليغ وهي مجموعات هامشية في الساحة الاسلامية الفرنسية وقد يحل الدور عليها دون شك”.

 

 

وأكد أن “الإسلام” الوحيد المقبول فرنسيا هو “الانسلاخسلامية” بتعبير المفكر التونسي محمد الطالبي رحمه الله ويعني ذلك الانسلاخ من الإسلام دينا وفكرا وعبادة وسلوكا وهو ما ترمي اليه بعض التيارات الفكرية العلمانية في دول العالم الإسلامي وامتداداتهم في البلدان الغربية.”.

وساخرا باستدراك “لكن هذه الاستفاقة المتأخرة هل تعكس ضعفا فادحا في الاستشراف ام هي حلقة من حلقات الاسلاموفوبيا الفرنسية؟.. حقائق ستجيب عنها تطورات الأوضاع في السنوات وربما الأشهر القليلة  القادمة بعد إقرار التقرير وسن قوانين بمقتضاه”.

 

https://www.facebook.com/mohamed.nouri.54/posts/pfbid034J2cvbX5rbr96hvtjz2G2J5QCyB12ttEeLBqSEomV3rfGVmZUo2BNQVRVK4NsMkNl

 

بيان حقوقي فرنسي

“رابطة حقوق الانسان” اسم ضخم في المجتمع الحقوقي الفرنسي كان عنوان بيانه الأخير منصبا حول تقرير الإخوان المسلمين الصادر أخيرا، وعنوانته الرابطة بـ””كفى من الهوس ضد المسلمين”.

 

وأوضحت أنه “منذ عدة سنوات، أصبح خطاب بعض المسئولين السياسيين يوصم المسلمين، سواء كانوا فرنسيين أو مقيمين في فرنسا، فيُشتبه تارة في أنهم جزء من مؤامرة “انفصالية”، وتارة يُوصفون بأنهم “متسللون”، أو يُنسب إليهم ما هو أسوأ من ذلك.

 

وأضافت عن “تسليم تقرير رسمي بعنوان “الإخوان المسلمون والإسلام السياسي في فرنسا” إلى الحكومة بتاريخ 21 مايو 2025. أن “التقرير، الذي يستند إلى منهجية غير محددة ولا يمكن التحقق منها (إذ بُني على اختزالات وكثير من التقريبات)، يُستغل سياسيًا في إطار مزايدات معادية للإسلام.”

 

وأوضحت أن “من بين نقاط ضعفه المنهجية، أن هذا التقرير يميل أحيانًا بشكل خطير نحو نظرية المؤامرة. فالمُعدّون له لا يستطيعون تقديم أي دليل على وجود أو أهمية تنظيم الإخوان المسلمين في فرنسا – بحجة أنه تنظيم “يتخفى” – فيصرحون: “من المرجح جدًا وجود هذا التنظيم في فرنسا، لأنه موجود في كل مكان آخر في أوروبا”. أي إننا لا نعرف، ولكنهم “لابد أن يكونوا هنا لأنهم في كل مكان”… وهو غياب تام للمنهجية العلمية، ما يفتح الباب لكل الأوهام، ويضع المسلمين المقيمين والعاملين في فرنسا تحت شبهة دائمة باعتبارهم إسلاميين محتملين”.

 

المنهجية الخبيثة

واعتبرت المنظمة الحقوقية أن “منهجية الشك العام هذه أكثر خبثًا لأنها تشوه أيضًا النضال ضد الإسلاموفوبيا، إذ يُقدّم مصطلح الإسلاموفوبيا على أنه حامل لكل الشرور، ما يؤدي إلى تجريد أي انتقاد من شرعيته سلفًا.”.

وأشارت إلى أنه “وعلى الرغم من كل هذا الخلط، ما الذي يُعاب على جماعة الإخوان المسلمين في هذا التقرير؟ الكثير مما يمكن توجيهه أيضًا إلى بعض الجماعات الكاثوليكية التقليدية. فطلب إعداد تقرير كهذا يركّز فقط على المسلمين، هو بحد ذاته اختيار سياسي بامتياز.”.

 

وقالت “ومع ذلك، اجتمع إيمانويل ماكرون محاطًا برئيس الوزراء فرانسوا بايرو وعدد من أعضاء الحكومة في مجلس دفاع لاتخاذ إجراءات – بعضها سيُعلن عنه والبعض الآخر يُصنّف “سري دفاعي” – بناءً على هذا التقرير “الضبابي”. بعد وقت قصير من اغتيال أبوبكر سيسي في غراند-كومب وجمال بن جاب الله قرب دونكيرك، فإن هذا المشهد الحربي (مجلس دفاع!) لا يمكن إلا أن يزيد من تأجيج نيران الكراهية المعادية للمسلمين”.

 

تغذية الأوهام

 

وقال بيان الرابطة الحقوقية إن “..هذا التقرير والدعاية التي أُحيط بها يُسهمان في تغذية كل الأوهام التي تروّجها قنوات التضليل الإعلامي المستمر. أما التوصيات الأكثر توازنًا في التقرير (مثل الدعوة إلى تعليم اللغة العربية في المدارس والحاجة إلى توجيه رسائل إيجابية إلى السكان المسلمين) فقد تم تجاهلها لصالح قراءة أمنية بحتة. وهذه الاستغلالات السياسية تدفع بفرنسا نحو مزيد من الانقسام، والريبة، والعنصرية”.

 

ودعت “رابطة حقوق الإنسان (LDH) الحكومة إلى التراجع عن هذا النهج، وقطع الطريق أمام كل ما يُغذي الإسلاموفوبيا في بلدنا. فعلى الرغم من عيوبه، يشير التقرير إلى أن المصدر الأساسي للانغلاق الطائفي هو “الشعور بوجود ‘إسلاموفوبيا’، والذي يميل لأن يتحوّل إلى اعتقاد بوجود ‘إسلاموفوبيا دولة’ لدى جزء لا يُستهان به من المسلمين الفرنسيين”. والحال أن الإسلاموفوبيا هي قبل كل شيء واقع حقيقي، يتجلى في تزايد أعمال التمييز والاعتداءات، ما يُغذي الخوف وانعدام الثقة، ويُعززه قانونيًا (مثل قانون “الانفصالية” أو مقترح قانون “العلمانية في الرياضة”) وخطاب سياسي شديد الوصم.

وخلصت إلى انه “قد آن الأوان لوضع حد لذلك! لنعمل معًا على إعادة نسج مجتمع أخوي ومتساوٍ، كما تعد به الجمهورية في جوهرها.”.

 

https://www.facebook.com/adel.dorcas.5/posts/pfbid02BfG1vewb4uy4cHmwvAN2gZa3gmTRCdwyNG6qXSwwcWzbuetuSozi95zayW86cDWNl

 

 

الجميع متهم

 

الكاتب التونسي سليم حكيمي أوضح سبب تقرير “ماكرون” وكتب بعنوان “فرنسا وتقرير ماكرون :حرب على الاسلام أمْ “الاخوان المسلمين”.” أن وزير الداخلية (Bruno Retailleau)  انتخب رئيسا لحزب الجمهوريين اليميني(LR)، فهرول”ماكرون” لتوضيح انه لا يُعلى عليه في مقاومة التطرف، سدا ضد كل ما يزعج اليمين، ويمين الوسط”.

 

وأضاف أن ماكرون  أطلق مع وزير داخليته السابق “جيرارلد درامان” تقريرا حول الاخوان، ونفخ في كير الفتنة “التجمع الوطني (RN)” اليميني المتطرف، حزب”مارين لوبان”، متوعدا بحظر الجماعة، وغلق  139 مسجدا، وطرد الأئمة الأجانب”.

 

 

وأضاف “احصى التقرير عددًا جمعيات عدَّها قريبة من الاخوان، واحصى الجوامع والائمة والطلاب واليافعين والمدارس والجمعيات الخيرية وجمعيات قرآن وتعليم اللغة العربية القريبة من المساجد..  متهما اياها باتخاذ تعليم اللغة ذريعة لتعليم الدين. ورد فيه  انه من بين 7 ملايين مسلم في فرنسا، يوجد مائة الف اخواني، يرومون استراتيجيا تغيير بنية المجتمع الفرنسي وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وتهديد وحدته برفضهم الهوية الفرنسية والاوربية. واعتبر ان “الاسلام السياسي” يتراجع عربيا فكيف يتقدم فرنسيا”.

 

مكافحة الإسلام

 

وأوضح أن “الحقيقة، لم يكن تقريرا عن مكافحة التطرف بل مكافحة الاسلام ديناً كبُر عليهم مقامه في الغرب، تمثّل حركة “حماs” نسخته العسكرية في النهاية، بدليل غلقه المساجد ومنع تحفيظ القران وتعليم اللغة، ومنع مرافقة الامهات المحجبات ابنائهن للمدارس باعتبارها فضاء تابعا للمؤسسة..أمور لا علاقة لها بالتسيس، بل بمقومات التعبد. فلم يعد المسلمون قادرين على تعليم ابنائهم وفق تعاليم الاسلام. ويجب ان يتركوا انتماءهم عند عتبة فرنسا والتأقلم مع مفهوم  لقيم جمهورية لا يعني سوى التخلي عن دينهم ويقينهم”.

 

واستشد “حكيمي” بما كتبه فرنسي في كتاب (L’Archipel français) وأن باحث الاجتماع (Jérôme Fourquet) لم ير من سبب لتمزّق البلد وتحوله الى جزر بشرية متنافرة سوى غربة النخب عن الواقع، والتفاوت الفادح بين المدن المعولمة والضواحي المهمشة. ولم يذكر الاسلام خطرا على المجتمع الفرنسي.

وعلق على ما كتبه “جيرموه” قائلا: “إن الخطر الحقيقي على نسيج الاجتماع هو عجز دولة لم تحر جوابا للحيرة الاجتماعية العميقة التي يعيشها الفرنسيون ازاء وضعهم الاجتماعي، وثقافة الجريمة المستفحلة في الأحياء من مخدرات ودعارة وشذوذ وسلب ونَهب في رابعة النهار، وجنوح احداث لأسر العائل الوحيد (monoparentale) بسبب استفحال الطلاق (130 الف حالة سنة،2023 ، 50 بالمائة) لم تجد له السلطة حلا سوى المقاربة الامنية العاجزة. ففي رقم صادم، يُسخّر 75 بالمائة من التدخل الامني لفض العنف بين الازواج في باريس عاصمة الحب و الرومانسية.”.

 

 

واكد أن ” كل الخطر في انتقال الطبقة السياسية من وصم التيارات السلفية الجهادية بالتطرف الى وصم الحركات الاسلامية المعتدلة به. مما يعني  تفوق اليمين على اليمين المتطرف استئصالا .لأن الاخوان يقبلون بالديمقراطية سبيلا وحيدا للشرعية،أي ايمانهم  بجوهر القيم العلمانية الفرنسية في جانبها السياسي التي تقوم على الحرية والديمقراطية والتناوب السياسي وحياد الدولة.”.

 

الحضارة لا تشجع على قتل أطفال

 

وأوضح أن التقرير في سياق “الاسلاموفوبيا” والذي يعد مصطلحا يجمع  فيه جميع المسلمين دون تفرقة. وإن كان الاسلام الحركي قد تراجع لدى العرب فليس بسبب ضعف طرحه، بل بعزم صليبي على استئصاله بالطُّغيان والبهتان. ولا يمكن لعاقل ان يحترم حضارة تشجع مجازر ضد الاطفال في فلسطين ناهيك عن الايمان بدينها”.

وشدد على أن محاربة فرنسا لكل ما هو اسلامي اصيلة. فلا يجب ان يكون الدين عندها مرئيا، بل شأن خاص و حميمي، ينتبذ صاحبه مكانا قصيا للتعبّد، ولا يحفل به كما وقع في صلاة عيد الفطر الاخيرة في ساحاتها. ان كانت تحارب الاخوان في فرنسا بذريعة حسب زعمها ، فما ذريعتها في محاربتهم في بلدانهم؟؟ “.

 

وعن الحرب التي لا تعرف الحضارة خلص إلى أنه “انتخب الجزائريون الجبهة الاسلامية للانقاذ بنسبة 80% ، فقال وزير الخارجية الفرنسي:” لم يقل الجيش الجزائري كلمته بعد”.  متسائلا :” ما علاقة الجبهة بالمجتمع الفرنسي ؟ ثم انتخب الاسلاميون في تونس وانقلبت عليهم باغتيالين، ووصف ماكرون الاسلاميين بانهم يرون فرنسا عدوا”.

 

 ثم قصفت مع مصر قوات “المؤتمر الوطني” في ليبيا القريبة من الاسلاميين التي لم يبق لها سوى عشرين كم لتحرر بنغازي من الميلشيات. فما حدث وشيجة بفرنسا حروب الفرنجة، والاستعمارية بواجهة التبشير، ونتيجة استقطاب حاد بين احزاب اليمين يلعب على ورقة التطرف الديني لكسب الاصوات، وتحريض صهيوني اماراتي. ولا يمكن للمسلمين ان يدرأوا الضّيم الاّ بارتقاء وعيهم للمشاركة السياسية، والتصويت لمن ينتصرون لمفهوم المواطنة على قاعدة المساواة. لم يقف ضد الاسلاموفوبيا سوى يسار محترم حزب “ميلنشون (LFI)، الذي اعتبر  الطبقة السياسية تقود البلاد الى الانهيار بالتمييز العنصري….أما القدرة على حلّ الاخوان فلا تعني القدرة على حلّ الفكرة.، بحسب سليم حكيمي.