الإفلاس يقترب والخاسر هو المواطن ..صندوق النقد يشترط تخارج الجيش والسيسى عاجز عن تقليص نفوذه ؟

- ‎فيتقارير

 

تواجه حكومة الانقلاب مأزقًا جديدًا في مسارها الاقتصادي، بعد تعثر المفاوضات مع بعثة صندوق النقد الدولي بشأن الشريحة الخامسة من قرض الـ8 مليارات دولار، وسط تحفظات متزايدة من الصندوق على استمرار هيمنة الجيش على مفاصل الاقتصاد، وعجز السلطة التنفيذية عن إجراء إصلاحات حقيقية.

صندوق النقد يشترط تخارج الدولة.. لكن الجيش يبسط سيطرته

بحسب مصدر رفيع بوزارة المالية بحكومة الانقلاب  ، فإن البعثة الفنية لصندوق النقد أبدت استياءً من بطء الحكومة في تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، والتي تنص على انسحاب الحكومة من عدد من القطاعات لصالح القطاع الخاص، مؤكدة أن استمرار توسع الدولة، خاصة الجيش، في الأنشطة الاقتصادية "يقوّض فرص استعادة الثقة" ويضعف جاذبية السوق المصري للمستثمرين.

المصدر أضاف أن الوفد الدولي طالب الحكومة بإجراءات واضحة وشفافة لتقليص الإنفاق العام وخفض الدين، عبر إعادة هيكلة شاملة للهيئات الاقتصادية، إلا أن الرئاسة المصرية، وفق مراقبين، تتردد في المساس بإمبراطورية العسكر الاقتصادية خوفًا من تداعيات سياسية وأمنية.

السيسي بين فكي العسكر والصندوق

الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق المعتقل بسجون السيسى قال في تصريحات سابقة  إن "السيسي لا يستطيع إخراج الجيش من الاقتصاد حتى لو أراد، لأنه ببساطة بات رهينة للمنظومة العسكرية التي جاءت به إلى الحكم، وأي محاولة للمساس بمصالحها قد تُفسّر داخل المؤسسة كتهديد مباشر لمكتسباتها".
ويضيف: "ما يحدث الآن يؤكد أن الجيش تحول إلى سرطان ينهش في جسد الاقتصاد الوطني، ويمنع أي إصلاح حقيقي".

ويتفق معه الخبير الاقتصادي ممدوح الولي في تصريحات صحفية ، أن المفاوضات الجارية "لا تُعالج جوهر الأزمة، لأن المشكلة ليست في برنامج الطروحات أو دمج الهيئات فقط، بل في أن الجيش يرفض التخلي عن مزايا تجارية هائلة دون رقابة أو شفافية، وهذا ما يراه صندوق النقد عائقًا كبيرًا".

تقارير دولية: هيمنة الجيش تُفرغ الخصخصة من مضمونها

وفي تقرير صدر مؤخرًا عن وكالة "بلومبرغ"، حذر محللون من أن مشاركة الجيش في بعض الشركات المطروحة للبيع، حتى إن تمت الخصخصة شكليًا، ستظل تحول دون دخول استثمارات حقيقية، مؤكدين أن "القطاع الخاص لن يغامر بأمواله في اقتصاد تهيمن عليه المؤسسة العسكرية التي لا تخضع لقواعد السوق ولا تتحمل المخاطر كباقي المستثمرين".

وتشير بيانات رسمية إلى أن الحكومة عرضت على بعثة الصندوق خطة لإعادة هيكلة 59 هيئة اقتصادية، تشمل دمج بعضها وتحويل أخرى إلى هيئات عامة وتصفية الباقي، كما وعدت بطرح 11 شركة وبنكًا أمام المستثمرين خلال الشهر المقبل. لكن البعثة طالبت بـ"جدول زمني محدد وملزم"، وفق مصدر بمجلس الوزراء.

شبح الإفلاس.. والخاسر هو المواطن

مع تأخر الشريحة الخامسة، ومع ارتفاع التضخم وتدهور قيمة الجنيه، يزداد الضغط على الموازنة العامة. ويقول رجل الأعمال المصري المقيم في الولايات المتحدة أحمد شلبي:
"
من يدفع ثمن هذا التخبط هم الفقراء والطبقة الوسطى التي تم سحقها. الاقتصاد الآن يقترب من حافة الإفلاس الرسمي، وإذا لم يُرفع الغطاء العسكري عن السوق، فلن تنفعنا لا قروض ولا استثمارات خارجية".

وكان البنك المركزي قد أعلن في مارس/آذار 2024 تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة 6%، تزامنًا مع صرف الشريحة الرابعة البالغة 1.2 مليار دولار. لكن تلك الإجراءات لم تُقنع الصندوق بتقدم ملموس، خاصة مع استمرار التدخل في سوق الصرف وغياب المنافسة الحرة.

الصندوق يلوّح بالتجميد.. والسلطة تناور

في ظل هذه التحديات، بات الصندوق يلوّح ضمنيًا بتجميد صرف الشريحة الخامسة ما لم تُتخذ خطوات فعلية لتقليص دور الجيش. وهو ما يضع الحكومة في مأزق جديد: إما كبح النفوذ العسكري ومواجهة تبعات داخلية، أو خسارة الدعم الدولي ومخاطرة انهيار اقتصادي محتمل.

ويبقى المواطن المصري هو الضحية الأكبر في معادلة مغلقة، يتنازعها عجز القيادة السياسية، وتغوّل المؤسسة العسكرية، وشروط صندوق النقد التي تتطلب "إصلاحًا لا يجرؤ أحد على تنفيذه"، كما قال أحد المحللين لوكالة "رويترز".