تبلغ قيمتها الحالية تريليون جنيه.. السيسي يستعدُّ لنهب عقارات وأراضي الوقف الإسلامي

- ‎فيتقارير

في خطوة تعيد إلى الأذهان ما فعله الطاغية المعروف جمال عبد الناصر قبل أكثر من نصف قرن حين صادر أوقاف الأزهر وقلّص من دور التعليم الديني، يستعد المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي اليوم لوضع يده على ما تبقى من الوقف الإسلامي في مصر، وهو إرث عقاري واقتصادي ضخم، أوقفه أثرياء مسلمون عبر القرون لخدمة المساجد والتعليم الشرعي وأعمال الخير.

أوامر بالحصر تمهيداً للبيع

قبل أيام، أعلنت صحف ومواقع مصرية أن رئيس الوزراء الانقلابي مصطفى مدبولي وجّه أجهزة الدولة بإجراء حصر شامل ومميكن لجميع ممتلكات هيئة الأوقاف المصرية، بما يشمل الأراضي والمباني السكنية والتجارية، ودراسة الفرص الاستثمارية المتاحة تمهيداً لطرحها على القطاع الخاص.

وحضر الاجتماع كل من وزير الأوقاف بحكومة الانقلاب أسامة الأزهري – الذي شغل سابقاً منصب المستشار الديني للسيسي – ورئيس هيئة الأوقاف خالد الطيب، وناقش المجتمعون ضرورة "تعظيم العائد من أصول الأوقاف واستثمارها بشكل اقتصادي فعال"، وفق ما جاء في بيان رسمي لرئاسة مجلس الوزراء بنظام الانقلاب.

أموال الفقراء على طاولة القطاع الخاص

لم يخرج أي نفي رسمي عن نية الحكومة بيع أصول الأوقاف، والتي تتجاوز قيمتها تريليون جنيه (نحو 20 مليار دولار وفق تقديرات سابقة)، ما يعزز من المخاوف بشأن عملية "خصخصة دينية" لممتلكات حُددت شرعاً لخدمة الفقراء والمساكين واليتامى والتعليم الديني.

وهنا تثار عدة أسئلة محورية:

هل حصلت الحكومة على موافقة أصحاب تلك الأوقاف أو ورثتهم، أو حتى العلماء المختصين؟

أين ستذهب حصيلة البيع؟ هل ستُوجه لسد عجز الموازنة أو سداد فوائد الديون ،أو استكمال مشروعات كالعاصمة الإدارية التي تبتلع المليارات؟

ولماذا تفشل الدولة في إدارة هذه الأصول لصالح أهدافها الشرعية، ثم تلجأ إلى بيعها بحجة تنمية العائد؟


استمرار لتجريف الأزهر ومؤسساته

الخطوة تأتي في ظل تراجع حاد لدور الأزهر وهيئة كبار العلماء في الرقابة أو الاعتراض على ما يجري، ما يعكس تحييداً ممنهجاً للمؤسسات الدينية المستقلة، ويُنظر إلى وزير الأوقاف الحالي باعتباره ذراعاً تنفيذياً للسلطة، لا صوت له في الدفاع عن الوقف أو توجيه دفته نحو مقاصده الإسلامية.

نهب مؤسسيٌّ لميراث القرون

الوقف الإسلامي في مصر ليس مجرد عقارات وأراضٍ، بل هو منظومة متكاملة أنشأها المجتمع المدني منذ قرون لحماية الفئات الأكثر احتياجاً، وسد الثغرات التي تعجز الدولة عن تغطيتها، من رعاية الأرامل والأيتام، إلى تمويل التعليم والمساجد.

وإذا ما تم تحويل هذا الوقف إلى "سلعة حكومية" مطروحة للبيع تحت اسم الاستثمار، فإن الدولة تكون قد أجهزت على أحد آخر الحصون المتبقية للعمل الخيري المنظم في مصر، في غياب شبه تام لأي اعتراض من المؤسسات الدينية أو منظمات المجتمع المدني.

أين المجتمع المدني؟

في ظل هذا الصمت المُريب، يتساءل كثيرون: أين المثقفون والعلماء؟ أين الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية؟ وأين الجمعيات الخيرية الكبرى من خطة "بلطجة قانونية" على أموال وقف الفقراء؟
إن ما يجري ليس مجرد مشروع اقتصادي، بل هو سطو مُقنن على منظومة خيرية إسلامية عمرها قرون، يُخشى أن تنتهي في "كرش السلطة" كما انتهت من قبل شركات وممتلكات ومؤسسات كانت قائمة على خدمة الناس قبل أن تُلتهم باسم الإصلاح وإعادة الهيكلة.


---