بعد إنفاق 4 مليارات لمشروع التجلي الأعظم .. السيسي يغلق دير سانت كاترين ويجلي الرهبان؟!

- ‎فيتقارير

بعد أسابيع من تأكيد عبد الفتاح السيسي، مطلع مايو الجاري، التزام الدولة بحماية دير سانت كاترين واحترام التعدد والتنوع الديني والثقافي، ووصفه العلاقة مع الدير بأنها تعاقدية أبدية لا يمكن المساس بها، وذلك خلال زيارته اليونان فضلا عن تخصيص الدولة ميزانية أولية تتجاوز 4 مليارات جنيه، لمشروع التجلي الأعظم الذي يهدف إلى إعادة تخطيط مدينة كاترين بالكامل، وزيادة عدد سكانها من 8 آلاف إلى 12 ألف نسمة، قالت وسائل إعلام يونانية: "السلطات المصرية أقدمت، الخميس 29 مايو 2025، على إغلاق دير سانت كاترين التاريخي الواقع في جنوب شبه جزيرة سيناء، وصادرت ممتلكاته، وأمرت بإخلائه من الرهبان الأرثوذكس المقيمين فيه، دون تقديم أسباب واضحة أو إعلان رسمي من الحكومة المصرية".

وقال موقع Protothema الإخباري اليوناني عن مصادر كنسية مطّلعة أن السلطات المصرية دخلت محيط الدير في ساعات مبكرة، وطالبت الرهبان بمغادرته على الفور، وقامت بتجميد كافة الأنشطة داخله، مع فرض طوق أمني حول المنطقة. وبحسب ذات المصدر، فإن ممتلكات الدير تمّت مصادرتها أو تجميد التصرف فيها، وسط غياب أي مسار قانوني واضح أو إشراف قضائي معلن.

وكانت مأمورية طور سيناء في محكمة استئناف الإسماعيلية، قد قضت الأربعاء، بأحقية تابعى دير سانت كاترين في الانتفاع بالمواقع الدينية والأثرية في المنطقة، باعتبارهم يمارسون شعائرهم بصفتهم الدينية، تحت إشراف مطران الدير المعين بقرار جمهوري، مع تأكيد ملكية الدولة لهذه المواقع بوصفها من الأملاك العامة، حسبما نقلت صحيفة «الأهرام». كما شددت المحكمة على وجوب احترام العقود المحررة بين الوحدة المحلية والدير، نافية وجود تعديات. وأكدت أن باقي الأراضي محل النزاع هي محميات طبيعية تندرج ضمن أملاك الدولة العامة، ولا يجوز تملكها أو التصرف فيها.

واعتبر مراقبون الخطوة، غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الدولة المصرية والكنيسة الأرثوذكسية، وصفعة قوية للمؤسسة الدينية التي كانت تُشرف على أحد أقدم الأديرة المسيحية في العالم، والذي يُعد رمزًا للتراث البيزنطي الأرثوذكسي منذ تأسيسه في القرن السادس الميلادي بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول.
 

وفي أكتوبر الماضي، نشرت صحف محلية تقريرًا أشار إلى إقامة الحكومة دعوى قضائية ضد رئيس دير سانت كاترين، حملت رقم 24 لسنة 2015، تطالب فيها بطرد جميع القائمين على الدير وتسليمه، بما يحتويه من مبانٍ، إلى الدولة المصرية، وبحسب ما أورده الموقع، اعتبرت الدولة تلك المباني تعويضًا عن استغلال الموقع لما يزيد على 15 قرنًا.

ويقع دير سانت كاترين عند سفح جبل موسى (ضمن سلسلة جبل الطور)، ويُعرف الدير بمكتبته التاريخية الضخمة، التي تضم ثاني أقدم مجموعة من المخطوطات المسيحية بعد مكتبة الفاتيكان، فضلًا عن أيقونات نادرة يعود بعضها إلى العصور الأولى للمسيحية.

ولم تُصدر الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية أي بيان رسمي حول الحادثة، رغم أن الدير تابع للبطريركية الأرثوذكسية في القدس وتحت رعاية اليونان تاريخيًا. ويأتي هذا الصمت في وقت تتصاعد فيه التساؤلات والضغوط من قبل نشطاء ومثقفين في أثينا وعواصم أوروبية أخرى، دعوا إلى تحرك دبلوماسي عاجل لحماية الدير ووقف أي مساس بتراثه أو ملكيته.
 

ويرى مراقبون أن الخطوة المصرية، التي نُفّذت بدون شفافية أو تفسير، قد تكون مرتبطة بأبعاد سياسية أو أمنية متصلة بسيناء، أو ربما بسعي الدولة إلى إعادة هندسة السيطرة على الأماكن الدينية ذات الحساسية الجغرافية والتاريخية، في إطار مشاريع "التنمية" الجارية في المنطقة.
 

وعبرت منظمات دولية معنية بحماية التراث الثقافي والديني عن خشيتها من أن يكون هذا القرار مقدمة لإجراءات أوسع تستهدف الأوقاف المسيحية القديمة، خصوصًا في ظل تقارير سابقة تحدّثت عن تضييقات على الرهبان، وتدخلات في شئون إدارة الدير خلال السنوات الأخيرة.