حكومة الانقلاب تريد جهلة يُساقون بالعصا ولا يطالبون بحقوقهم..لماذا إغلاق قصور الثقافة تعد جريمة فى حق الشعب ا

- ‎فيتقارير

شهد الوسط الثقافي موجة غير مسبوقة من الغضب احتجاجا على قرار حكومة الانقلاب بإغلاق نحو 120 موقعا من بيوت وقصور الثقافة فى محافظات الجمهورية .

وأكد مثقفون وأدباء ونقاد أن حكومة الانقلاب تحارب العلم والتثقيف وتريد شعبا جاهلا يُساق بالعصا ولا يطالب بحقوقه

ولفت المثقفون إلى ان قرارات الإغلاق بمثابة سياسة تقليص لا تطوير، وضرب لدور التنوير في عمق المجتمع المصري، لا سيما في القرى والمناطق المهمشة.

وقالوا ان نية إغلاق بعض بيوت الثقافة كانت مقررة من جانب حكومة الانقلاب حتى قبل المراجعة الشكلية لأوضاعها التى قامت بها وزارة ثقافة الانقلاب  .

ووصف المثقفون قرارات الإغلاق بأنها جريمة في حق الوعي مؤكدين أن هذه القرارات تفضح غياب الرؤية الثقافية المتخصصة داخل وزارة ثقافة الانقلاب .

 

شقق صغيرة

كان أحمد فؤاد هنو، وزير ثقافة الانقلاب قد زعم أن قرارات الإغلاق تستهدف إعادة تنسيق الأمور في البيوت الثقافية، مشيرا إلى أن بيوت الثقافة التى أغلقت عبارة عن شقق بمساحات 20 و40 و80 مترًا، فهي صغيرة للغاية لا تُقدّم أي نوع من التثقيف أو التأثير على المجتمعات الكائنة بها، وتضم عددًا كبيرًا من الموظفين غير المتواجدين بها وفق تعبيره.

وقال هنو فى تصريحات صحفية : تم حصر البيوت الخالية من أي أنشطة واستُعيض عنها بقصور ثقافة أخرى موجودة في نفس المنطقة، سواء في المديرية أو الإقليم أو المحافظة التابعة لها، حتى تقدّم خدمات متكاملة وحرصًا على تقديم محتوى ثقافي فعّال بحسب تعبيره .

وأشار إلى أن بيوت الثقافة التي لها قدرة تأثيرية ورسالة تثقيفية ولديها جمهور متلقٍ، لا يتم المساس بها بالمرة، زاعما أن الـ 120 بيت ثقافة التى أُغلقت مجرد شقق صغيرة بها عدد كبير من الموظفين لا يقدمون أي خدمات ولا دور.

قصر ثقافة المنصورة

من جانبه وجّه الكاتب أحمد الخميسي انتقادات لاذعة لوزارة ثقافة الانقلاب، مؤكدا أن نية إغلاق بعض بيوت الثقافة كانت مقررة حتى قبل مراجعة أوضاعها .

وقال الخميسي فى تصريحات صحفية : كنا نود أن نسمع من وزير ثقافة الانقلاب عن افتتاح مراكز ثقافية جديدة لا عن إخماد نور القائم منها، مذكّرًا بحالات الإغلاق السابقة مثل قصر ثقافة المنصورة، وبقاء مبانٍ مثل مركز الغردقة مغلقًا منذ ربع قرن رغم تكلفته الباهظة.

وأكد أن الأناقة والدماثة لا تكفيان في منصب الوزير، مشددًا على أن المطلوب في هذه اللحظة الحرجة هو بناء دور العرض لا هدمها، والتوسع في التنوير لا الانسحاب منه.

وختم الخميسي حديثه بالقول: ما لم ننتصر في معركة الوعي، سنظل نجرّ أنفسنا بصعوبة نحو الأمل. طور ولا تغلق، افتح ولا تطفئ، ابنِ ولا تهدم .

 

جريمة

ووصف الناقد الأكاديمي د. شوكت المصري قرارات الإغلاق بأنها “جريمة في حق الوعي”، مشيرا الى أن هذه القرارات تفضح غياب الرؤية الثقافية المتخصصة داخل وزارة ثقافة الانقلاب .

وأوضح المصري فى تصريحات صحفية أن اللجنة التي شكلتها وزارة ثقافة الانقلاب لمراجعة المواقع لا تضم أي مثقفين أو خبراء، ما يثير الشكوك حول خلفيات القرار.

وأضاف أن بعض بيوت الثقافة لا تتجاوز تكلفة إيجارها 600 جنيه شهريًا، لكنها تخدم ملايين المواطنين، معتبرًا أن العزوف الجماهيري ليس مبررًا للإغلاق، بل نتيجة لسياسات ثقافية عقيمة.

وانتقد المصري التبريرات الاقتصادية للقرار، مؤكدًا أن إدارة المشهد الثقافي تشهد خللًا منذ عام 2000، وأن استمرار الخطأ هو في حد ذاته خطيئة تستوجب المحاسبة.

أسباب لم تُعلن

وشدد الكاتب والروائي يوسف القعيد على حاجة مصر لانتشار أكبر لقصور الثقافة، خاصة خارج المدن الكبرى .

وقال القعيد فى تصريحات صحفية : لا أوافق على غلق أي قصر ثقافة إلا إذا كانت هناك أسباب لم تُعلن، مشيرًا إلى أن العقوبة يجب أن تطال المقصرين في الإدارة لا المؤسسات نفسها.

وطالب بتوسيع الانتشار الثقافي لتصل قصور الثقافة إلى القرى والنجوع والأحياء الشعبية، مؤكدًا أن الناس هناك في أمسّ الحاجة إلى الثقافة .

 

الخدمة سلعة

وأكدت الناقدة والكاتبة الكبيرة د. كريمة الحفناوي أن بيوت الثقافة تلعب دورًا جوهريًا في الارتقاء بالوعي، مشيرة إلى أن الأنشطة التي تقدمها جذبت على مدار عقود الأطفال والشباب والنساء، وساهمت في تنمية المهارات ونشر الفنون.

وانتقدت كريمة الحفناوي فى تصريحات صحفية سياسات حكومة الانقلاب الحالية التي “تحوّل الخدمة إلى سلعة”، بدلًا من دعم الهوية الثقافية .

وقالت : نترك تراثنا يُنهب من قبل من يزوّرون التاريخ، ونُغلق في المقابل منابرنا التنويرية مطالبة بضرورة تصحيح الأوضاع من خلال اختيار كوادر مؤهلة وتدريب العاملين وتوزيعهم بالشكل المناسب.

وشددت كريمة الحفناوي على ضرورة إجراء حوار مفتوح يجمع أدباء وفناني المحافظات كافة مع صناع القرار لمناقشة الكوارث التى يشهدها الوسط الثقافى .