أحدثَ تناول القنوات وتغطيتها للعدوان الصهيوني على إيران والذي وصل ليومه الثامن، جدلا عربيا بين العديد من رواد وسائل الإعلام ويوازيه مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما رصدته دراسات من شأنها أن تزيح كل ما هو تعتيم للواقع.
وتساعد مثل هذه الورقات المتابع والمشاهد العربي على تقييم المتابعات وتأثير الوعي بالتلاعب بالصور والتصريحات والتحليلات ضمن الصراع، مثل إظهار كيفية اصطياد صواريخ القبة الحديدية لصواريخ ايران مقابل انعدام الصور المقابلة بتصوير الصواريخ الإيرانية وهي تدك العدو.
“كيف يتعامل الإعلام العربي مع العدوان الصهيوني على إيران؟” هو عنوان الورقة التي نشرها الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي Walid Abdulhay
عن الإعلام العربي في المعركة الإيرانية “الإسرائيلية”.
واختار وليد عبد الحي 4 فضائيات لرصد التغطية مع نشوب الصراع بين إيران وإسرائيل، منذ الجمعة الماضية ضمن متابعته لمجريات المعركة، واعتمدت على بُعدين في كل فضائية:
الأول شريط الأخبار (أسفل الشاشة) ونشرات الأخبار، والأخبار العاجلة، وحددت البحث في نقطتين هما : مصادر الأخبار، أولوية الخبر( إذا ورد الخبر عن موضوع معين من الطرف الإيراني و”الإسرائيلي” فأي الخبرين يسبق الآخر في نقله من الفضائية، وهل الخبر الذي مصدره إيران أم الذي مصدره إسرائيل بخاصة إذا تزامن الإعلان عن الموضوع في نفس الفترة نسبيا.).
الثاني: أمّا القياس الآخر فتركز حول التوثيق بالصور للأخبار غير الشخصية (مع التركيز على مواقع العمليات العسكرية.)
وقال: إنه “تراوح عدد الأخبار يوميا في كل رصد ما بين 15-20 خبرا(أخبار متعلقة بالمعارك العسكرية او السياسية المرتبطة بها منذ يوم الجمعة فقط)، وكنت أعتبر الخبر المجزأ خبرا واحدا( مثلا إذا كان الخبر تصريحا أو خطابا لرئيس، وتم تقطيع الخبر إلى 3 أخبار (فقرات منفصلة)، كنت أعتبره خبرا واحدا، فكان مجموع الأخبار 427 خبرا (حتى الآن، وسيتزايد العدد مع استمرار المعارك، وقد تتغير النتائج تباعا ).
وأضاف “القنوات التي تم رصدها فهي :الجزيرة، العربية، الميادين، البي بي سي العربية(وهذه لمحاولة المقارنة بخاصة أنها موجهة للجمهور العربي).
وأشار إلى أن النتائج الأولية (أؤكد على الأولية) فهي:
1-مصادر الخبر :
أ- مصدر الخبر إسرائيلي: الجزيرة 66%، العربية، 59%، الميادين 31%، البي بي سي 42%
ب-مصدر الخبر ايراني: الجزيرة 31%، العربية 19%، الميادين 44%، البي بي سي 39%
ج بقية المصادر (غير الطرفين المعنيين): الجزيرة 3%، العربية 22%، الميادين 25%، البي بي سي 19%
2- أسبقية الإعلان للأخبار المتزامنة: وحول نفس الموضوع :
أ- أولوية الخبر الذي مصدره إيراني: الجزيرة 24%، العربية 27%، الميادين 69%، البي بي سي 16%
ب- أولوية الخبر الإسرائيلي: الجزيرة 71%، العربية 51%، الميادين 29%، البي بي سي: 44%
ج- باقي الأولويات للمصادر غير الإيرانية أو الإسرائيلية متفرقة بشكل لا يعطي أي دلالة.
3-التوثيق بالصور(العمليات العسكرية):
أ- الجزيرة: 77%، العربية 67%، الميادين 59%، البي بي سي 67%
وعتبر أن رصده العلمي مقدمة (لنشر التفاصيل في دراسة متكاملة)، وأن توليد الاستنتاجات متاح للقارئ بما يرونه استنادا إلى هذه المادة الخام من البيانات، مع إقرار بإشكالات منهجية أحيانا في كيفية التصنيف.
وأكد أن توضيح أن اعتماد مصدر الخبر له علاقة بالترويج له، إما أسبقية النشر للخبر من مصدر معين فهو له دلالة أن الخبر الأسبق يشكل القاعدة لمناقشة مضمون الأخبار اللاحقة، ويصبح الخبر الأسبق هو “إطار تفكر من خلاله” في تحليل الأخبار اللاحقة، أما الصورة فهي لتدعيم دقة الخبر المحكي.”.
وأشار إلى أن النتائج هذا الرصد كان اكتشاف “تعقيدات وأسئلة كثيرة تواجه إشكالية تحليل المضمون إعلاميا، وهو ما سأحاول عرضه عند نشر الدراسة، وسأحاول أن أتعاون مع الباحثين لتوسيع نطاق الرصد(زيادة عدد الفضائيات)، وتوسيع نطاق التحليل من خلال المقارنة مع رصد الفضائيات غير العربية ..”.
مستوى المتلقين
وضمن استنهاض وعي المتلقي رأى أبو الدهب Abdlouahab Denni أن “.. من يستقي أخبار الحرب من خلال قنوات التلفزيون والذي يذهب إلى حرب حديثة ممتطيا دبابة ومسلحا بندقية نفس الشيء، اليوم يمكنك إنشاء بواسطة أدوات ذكاء اصطناعي بسيطة شريط أخبار خاص ومتخصص من خلال تتبع خبراء الosint حول العالم تصلك في اللحظة وتعدل طرق البحث حسب الرغبة والتجربة، إذا كنت باحث أو مدون يمكنك التخصص أعمق لدرجة تجعل القنوات الفضائية تلميذ ابتدائية مقارنة بشريطك الإخباري”.
ورأى (عبدالسلام الأشهب) أن “هذا التحليل أعتقد أنه لن يكون عادلا، العبرة ليس في نقل الخبر فقط بل تكون كذلك في مصداقية الخبر ومصداقية المنقول عنه، كذلك من المهم جدا النظر إلى ما يفعل بالخبر والتحاليل اللاحقة للخبر والمحللين وانتماءاتهم، كذلك يجب الانتباه إلى أن مصادر الأخبار المشهورة أغلبها غربية ولها ميولها – على الاقل المؤسساتي إن لم يكن على مستوى الأفراد – لمساندة الرواية “الإسرائيلية”.
حذر من التضليل
وعن أهمية الرصد وورقة وليد عبدالحي قال حسن :Hassen Goudjil إن “للإعلام العربي تاريخا طويلا في تضليل الرأي العام الداخلي و الخارجي على حد سواء و التشويش على المقاتلين في الخنادق و الإنفاق، من خلال التعتيم عن حقائق ما تحققه المقاومة و تقزيم إثر الضربات، حيث يتم وبسرعة في الثواني التي تأتي مباشرة بعد القصف أو الضربة بتقزيم عدد الإصابات في صفوف العدو “الإسرائيلي” ومن جهة أخرى تقوم بنقل كل تهديدات القادة الإسرائيليين والوعيد الذي يحاولون به الوصول للعزيمة و القلوب، و هي نفس التجربة التي مارستها في أيام الربيع العربي على القوات النظامية في كل من ليبيا و العراق و مصر و تونس بدرجات مختلفة دون أن ننسى التهويل و الترويع الذي مارسته على من بقي حول شاشتها ايام عشرية الإرهاب في الجزائر .. “.
ورأى أنه “..بكثير من الأدلة و الانزلاقات التي يطول سردها سقط الإعلام العربي في كل الميادين و لم يفلح كذلك في نقل اخبار الفن و الفنانين كأبسط المهام ..”.
واستدرك (عبدالنور خالد) ، “إذا تم اعتبار مصدر الخبر كدليل ترويج للخبر في الحالة قيد الدراسة (العمليات العسكرية الأخيرة) داخل الكيان فإننا سنخرج باستنتاجات خاطئة، إذا قسناه بتوفر البدائل؛ فالصور التي توثق القصف الإيراني من داخل الكيان غير متاحة (لا توجد بدائل غير المصدر الإسرائيلي)، فهل هذا يعني أن الجزيرة مثلا تروّج لرواية الكيان؟ ومن جهة أخرى إذا ما طبقنا نفس القاعدة على حرb غزة، هل سنجد نفس المعطيات؟ طبعا لا هنا سنجد بدائل وهي صفيي الجزيرة وفيديوهات الغزيين …وجود بدائل كمصادر إعلامية له دور في توجيه الاستنتاجات.”.
ملاحظات أكاديمية
ونصح ثابت بركات بملاحظات منهجية واقتراحات تطويرية على ورقة د. وليد عبدالحي وهو ما كشف أنه استقاها من (شات جي بي تي) وبتوليد الردّ بمساعدة الذكاء الاصطناعي، في محاولة لاختبار قدرته على فهم محتوى دراستكم، واستنباط ملاحظات واقتراحات أكاديمية منطقية ومترابطة.
واقترح الذكاء الاصطناعي :
أولًا: دمج التحليل الكمي بالنوعي (Mixed Methods)
يقترح الدمج بين تحليل المضمون الكمي (الذي اعتمدتم عليه مشكورين بدقة) وبين التحليل النوعي، لا سيما تحليل الخطاب (Discourse Analysis)، بما يسمح بفهم كيفي للأطر السردية واللغوية التي يتم من خلالها تقديم الأخبار، وليس فقط توقيت النشر أو مصدر الخبر.
> المرجع المقترح: Neuendorf, K. (2017). The Content Analysis Guidebook. SAGE.
ثانيًا: اعتماد نظرية التأطير (Framing Theory)
يقترح تطبيق إطار “روبرت إنتمن” في تحليل التأطير الإعلامي، لتحديد ما إذا كانت القنوات تتبنّى سرديات معيّنة (مثل: تحديد الطرف المعتدي/الضحية، أو تأطير الصراع من منظور ديني، أمني، أو جيوسياسي).
> المرجع: Entman, R. (1993). Framing: Toward Clarification of a Fractured Paradigm. Journal of Communication.
https://doi.org/10.1111/j.1460-2466.1993.tb01304.x
ثالثًا: توسيع الرصد ليشمل الإعلام الرقمي
من المفيد تضمين الحسابات الرسمية للقنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر/إكس، يوتيوب، فيسبوك)، خصوصًا في ظل تزايد اعتماد الجمهور العربي على هذه المنصات كمصدر رئيسي للأخبار. يمكن الاستعانة بأدوات تحليلية مثل CrowdTangle أو Media Cloud لتحقيق ذلك.
رابعًا: استخدام مقاييس الثبات بين المرمّزين (Inter-Coder Reliability)
إذا توسّع المشروع مستقبلاً بمشاركة باحثين آخرين، فإن استخدام معامل Krippendorff’s Alpha أو Cohen’s Kappa سيكون ضروريًا لضمان اتساق الترميز ودقّته.
> المرجع: Krippendorff, K. (2018). Content Analysis: An Introduction to Its Methodology. SAGE.
خامسًا: التحليل المرحلي (Temporal Segmentation)
يقترح تقسيم الرصد إلى مراحل زمنية (مثل: الساعات الأولى، ذروة التصعيد، ما بعد التهدئة)، لرصد تطورات التغطية وتحول أولويات السرد الإعلامي بمرور الوقت.
سادسًا: تحليل المشاعر باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي (Sentiment Analysis)
يمكن الاعتماد على أدوات مثل NVivo أو Google NLP API لتحليل نبرة التغطية (سلبية، إيجابية، محايدة) تجاه كل طرف، مما يعزّز البُعد التفسيري للدراسة.
سابعًا: دراسة التلقي الجماهيري (Audience Reception)
من المقترح تنفيذ استطلاع رأي أو مجموعات نقاشية لمعرفة كيف يتلقى الجمهور العربي هذا النوع من التغطية، وما إذا كانت أولوية النشر تؤثّر فعلًا في تشكيل القناعات، خاصة في ظل هيمنة وسائل التواصل.
ثامنًا: إرفاق دليل ترميز تفصيلي في الدراسة
لغايات الشفافية والمنهجية العلمية، سيكون من المفيد نشر دليل الترميز المستخدم في التصنيف (coding schema) مع أمثلة واضحة لكل فئة.