الاجتماعات لاتفيد.. الخطر الحقيقي هو وجود قواعد أميركا ..تبعية سياسية.. لا قرار سيادي

- ‎فيعربي ودولي

رغم توالي الاجتماعات الطارئة والتصريحات النارية من حكّام الخليج، إلا أن الحقيقة التي يتجاهلونها عمدًا هي أن الخطر الحقيقي لا يكمن في الصواريخ الإيرانية بل في القواعد الأميركية المنتشرة على أراضيهم، والتي حوّلت بلدانهم إلى ساحة صراع إقليمي مفتوح.

فقد عقد، أمس  الثلاثاء، اجتماع استثنائي للمجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة، برئاسة وزير الخارجية الكويتي عبد الله اليحيا، لبحث تداعيات القصف الإيراني الذي استهدف قاعدة "العديد" الجوية الأميركية في قطر، ردًا على هجوم أميركي على منشآت نووية إيرانية. وقال الأمين العام للمجلس، جاسم البديوي، إن الاجتماع يأتي "تأكيدًا على أن أمن واستقرار قطر جزء لا يتجزأ من أمن الخليج".

لكن هذا "التأكيد" المتكرر بات يُخفي عجزًا مزمنًا عن مواجهة الجذر الحقيقي للمشكلة: الوجود العسكري الأميركي الذي يحوّل دول الخليج إلى أهداف مباشرة في أي مواجهة إقليمية.

تبعية سياسية.. لا قرار سيادي

المفارقة أن جميع الإدانات الخليجية جاءت متشابهة، في لهجة واحدة، ترفض "أي اعتداء على أمن قطر"، وتُدين "الهجوم الإيراني بشدة"، بينما تتجاهل تمامًا أن قاعدة "العديد" ليست قطرية، بل قاعدة أميركية ضخمة تمثل رأس حربة للعمليات العسكرية الأميركية في المنطقة، وأن استهدافها جاء كرد فعل على هجوم أميركي — لا قرار خليجي.

الأمير تميم تلقى اتصالات تضامن من قادة الخليج: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أمير الكويت مشعل الأحمد، ملك البحرين حمد بن عيسى، وكلهم أعادوا العبارات نفسها. كما صدرت إدانات رسمية من الإمارات وسلطنة عمان.

الحقيقة المغيبة: من يُخرج القواعد الأميركية؟

الاجتماع الوزاري الطارئ لم يتطرق من قريب أو بعيد إلى إعادة النظر في الوجود العسكري الأجنبي في المنطقة، بل اكتفى بالشجب والإدانة، بينما يدرك الجميع أن ملوك وحكام الخليج غير قادرين على اتخاذ قرار بطرد هذه القواعد، نظرًا لارتباط عروشهم بشكل وثيق بالحماية الأميركية.

فالإدارة الأميركية، التي تتعامل مع هذه الأنظمة باعتبارها حلفاء مشروطين، تملك القدرة الكاملة على إعادة ترتيب السلطة في أي لحظة. وهو ما يفسر عجز هذه الأنظمة عن اتخاذ أي موقف مستقل، حتى لو كان في مصلحة أمنها القومي.

نحو سيادة حقيقية.. لا سيادة منقوصة

إن حل أزمة الخليج مع إيران لا يمكن أن يُصاغ في بيان ختامي أو يُصوّت عليه في اجتماع استثنائي، بل يبدأ بإعادة النظر في مفهوم السيادة، وخروج القوات الأجنبية من الأرض العربية، وتحقيق استقلال القرار السياسي.

أما الاكتفاء بالبيانات التضامنية، فهو مجرد محاولة يائسة لذر الرماد في العيون، أمام شعوب بدأت تدرك أن عدوها لم يعد يأتي من خارج الحدود فقط، بل يقيم في قواعد عسكرية داخل بلدانها، ويستجلب الحروب إلى أبواب بيوتها.