لماذا هذا الإجرام السيساوي ضد الشباب؟.. الناشط الطلابى معاذ الشرقاوي نموذجاً بعد علاء عبد الفتاح

- ‎فيحريات

 

في مشهد بات معتاداً في دولة الجنرالات، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ، يوم الثلاثاء، حكماً قاسياً بالسجن المشدد عشر سنوات ضد الناشط الطلابي والحقوقي معاذ الشرقاوي، في القضية رقم 540 لسنة 2023 أمن دولة عليا، بتهم فضفاضة تتكرر في كل محاكمة سياسية: نشر أخبار كاذبة، إساءة استخدام وسائل التواصل، والانضمام إلى جماعة إرهابية.

 

المفارقة أن آلة القمع الأمنية لا تفرق بين اتجاهات سياسية أو أيديولوجية، فكما سُحق علاء عبد الفتاح وهو رمز التيار المدني، يُسحق اليوم الشرقاوي، المنتمي للتيار الإسلامي، في دلالة واضحة أن النظام يستهدف أي صوت حر، لا لموقفه بل لجرأته. يبدو أن النظام بقيادة عبد الفتاح السيسي، بات يستمتع بقهر الشباب، وكأن التنكيل بهم صار سياسة ممنهجة لا تعرف خطوطاً حمراء ولا استثناءات.

 

من هو معاذ الشرقاوي؟

معاذ الشرقاوي هو ناشط طلابي بارز، سطع نجمه منذ عام 2013 داخل الجامعات المصرية كأحد الأصوات المطالبة بالحريات والعدالة الاجتماعية. لم يكن مجرد ناشط سياسي، بل كان وجهاً معروفاً في الحراك الطلابي، وسبق أن اُعتقل عدة مرات. أعيد اعتقاله بعد مشاركته في لقاءات إعلامية وجه فيها انتقادات علنية لسياسات النظام الأمنية، ليتم استهدافه مجدداً وكأنها جريمة لا تُغتفر في ظل القبضة البوليسية.

 

محاكمة مسيسة وتهم مطاطة

الاتهامات الموجهة لمعاذ تعكس الطبيعة السياسية للمحاكمات، حيث استندت النيابة لتحريات جهاز الأمن الوطني فقط، دون أي أدلة ملموسة أو منشورات محددة. هيئة الدفاع وصفت القضية بأنها تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة، حيث جرى توظيف قانون الإرهاب في تصفية النشاط السلمي والتعبير عن الرأي.

 

اختفاء قسري وتعذيب.. ثم "عدالة" على المقاس

قبل ظهوره أمام النيابة، تعرض الشرقاوي لاختفاء قسري دام أكثر من ثلاثة أسابيع، تخللها تعذيب جسدي ونقل غير قانوني بين مقار احتجاز سرية. طيلة تلك الفترة، أنكرت الأجهزة الأمنية معرفتها بمكانه، رغم البلاغات العاجلة التي قدمتها أسرته ومحاموه. لم يُفتح أي تحقيق في وقائع الاختفاء والتعذيب، في تجاوز صريح للدستور المصري والقوانين المحلية، بل ولمبادئ العدالة العالمية.

 

استهداف ممنهج للشباب

قضية معاذ الشرقاوي ليست استثناء، بل امتداد لحالة قمع شاملة تستهدف كل من يرفض الصمت، أياً كان انتماؤه أو أسلوبه. فبعد علاء عبد الفتاح، ها هو معاذ يُدفع إلى السجن بنفس السيناريو. لم يعد النظام يتحمل حتى المعارض المُسالم أو الإصلاحي، بل يرى في أي صوت مستقل تهديداً يجب سحقه.

 

في النهاية، يبدو أن النظام السيساوي لم يعد يكتفي بالسيطرة على مفاصل الدولة، بل بات يتلذذ بتمريغ كرامة الشباب في الزنازين، وإخراس أصوات كانت تأمل في مستقبل مختلف.