السيسي أطاح بخطة الاكتفاء الذاتي التي بدأها مرسي.. ومصرتعود لاستيراد “القمح”وسط تصاعد الأسعار

- ‎فيتقارير

بينما تعاني مصر اليوم من ارتفاع كبير في أسعار القمح، يواصل النظام الانقلابى العسكري بقيادة عبد الفتاح السيسي الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد لتأمين الغذاء الإستراتيجي للمواطنين، بعدما كان الرئيس الشهيد الدكتور  محمد مرسي قد أطلق مشروعًا طموحًا للاكتفاء الذاتي من القمح، نجح خلال عام واحد فقط في تحقيق نسبة 35% من هذا الهدف، وكان مرشحًا لأن يصل لمعدلات أعلى لولا الانقلاب العسكري عليه في يوليو 2013.

وخلال الأسبوع الماضي، قفزت أسعار القمح بنحو 600 جنيه للطن، مسجلة ما بين 14.2 إلى 14.4 ألف جنيه، مقارنة بـ13.6 إلى 13.8 ألف جنيه سابقًا، بحسب عبد الغفار السلاموني، نائب رئيس غرفة الحبوب باتحاد الصناعات، الذي أرجع هذه الزيادة إلى تصاعد التوترات الإقليمية، ولا سيما العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران.

ورغم توقف المواجهات بين طهران وتل أبيب في 24 يونيو الجاري، بعد تدخلات أمريكية للتهدئة، لم تنخفض أسعار القمح حتى الآن، ما يعكس هشاشة موقف مصر الغذائي في مواجهة الأزمات الخارجية، ويضع علامات استفهام على جدوى سياسات النظام الحالي الذي يواصل تجاهل ملف الإنتاج المحلي.

وفي خطوة تعكس استمرار الارتهان للاستيراد، تعاقد جهاز "مستقبل مصر" التابع للقوات المسلحة مؤخرًا على استيراد نحو مليون طن من القمح من عدة مناشيء أبرزها روسيا وفرنسا، رغم تأكيدات رسمية من وزير التموين شريف فاروق بوجود احتياطي استراتيجي يكفي لأكثر من 6 أشهر، ما يشير إلى غياب الرؤية الاستراتيجية واستمرار سياسة التخزين بدلًا من الإنتاج.

أرقام تكشف الفشل

في عهد مرسي، سعت الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح عبر خطة زراعية وطنية وتوسيع الرقعة المزروعة بالمحصول الإستراتيجي، وارتفعت معدلات الإنتاج لتغطي ما يقارب 35% من الاستهلاك المحلي في عام 2013، بحسب تقديرات حكومية وقتها، مع خطط لمضاعفة النسبة في السنوات اللاحقة.

أما في ظل حكم السيسي، فتستورد مصر اليوم أكثر من 12 مليون طن سنويًا من القمح، ما يجعلها أكبر مستورد له عالميًا، بينما لا يغطي الإنتاج المحلي سوى نحو 40% من حجم الاستهلاك، وفق بيانات وزارة الزراعة و"الفاو". وتوجه الحكومة المليارات سنويًا في استيراد القمح، ما يرهق الموازنة ويجعل الأمن الغذائي المصري رهينة للمضاربات والتقلبات الدولية.

ورغم أن ارتفاع أسعار القمح لم ينعكس حتى الآن على أسعار الخبز السياحي أو الدقيق، بحسب السلاموني، فإن الأعباء تظل قائمة، خصوصًا أن الدولة تواصل تثبيت أسعار الخبز السياحي وفق القرار الوزاري رقم 15 لسنة 2024 الصادر عن وزير التموين السابق علي المصيلحي، ما يجعل المواطنين عرضة لصدمات مستقبلية عند أي تغيير مفاجئ في سياسة الدعم أو الأسعار العالمية.

ختامًا، يظهر جليًا أن إسقاط خطة الاكتفاء الذاتي من القمح التي بدأها الرئيس مرسي لم يكن مجرد إهمال اقتصادي، بل خطوة ممنهجة أطاحت بأحد المشاريع السيادية التي كانت ستنقل مصر نحو استقلال غذائي حقيقي، لولا تدخل المؤسسة العسكرية لصالح بقاء مصر رهينة الاستيراد ومغامرات السوق الدولية.