نعى سياسيون وقضاة ورموز على منصات التواصل الاجتماعي المستشار أحمد محمد سليمان، وزير العدل السابق في السنة اليتيمة لحكم أول رئيس مدني منتخب في مصر د. محمد مرسي، والذي لقي ربه عن عمر 75 عاما، بعد تعافيه من وعكة صحية ألمت به خلال الشهور الأربعة الأخيرة من حياته بعد أن توقف قلبه فجأة بعد عودته من صلاة العشاء، بحسب أسرته.
والراحل الكريم أحد أعلام تيار الاستقلال بنادي القضاة، وتولى وزارة العدل في مايو 2013 بعهد الرئيس الراحل محمد مرسي ثم استقال في 7 يوليو من العام ذاته.
معرفة لصيقة
وقال رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي: "معرفتي بالفقيد الكبير بدأت في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، حيث كان يعمل وكيلاً للنائب العام بمدينة المنيا ،وكنت رئيساً لاتحاد طلاب جامعة المنيا، وكان كل ما نُعرض عليه سواء أنا أو زملائي بالحركة الطلابية يخلى سبيلنا فوراً وبلا ضمان ، ثم عرفت أنه من أبناء محافظة المنيا ومعه مجموعة من زملائه أصبحوا قضاة في الثمانينات وكانوا من ضمن تيار استقلال القضاء ".
وأضاف، "كنت أقابله على فترات في القطار مع مجموعة قضاة المنيا وهم ينتقلون إلى بنى سويف، حيث كانوا يعملون أو عودتهم منها ، وتدرج رحمه الله في القضاء حتى أصبح رئيسًا بمحكمة الاستئناف، وانتخب رئيساً لنادي قضاة المنيا لعدة دورات ،حتى قابلته في ميدان التحرير في ثورة 25 يناير العظيمة، وسلمت عليه وعرفته على عدد من السياسيين، وهو بدوره نادى على عدد من القضاة المتواجدين في الميدان ومنهم ابنه القاضي محمد سليمان وعرفهم على هؤلاء السياسيين، وبعد ثورة يناير عُين وزيرا للعدل في أوائل عام 2013، وتعرض بعدها للابتلاء فصبر ،وكان مثالاً للتواضع وسعة الصدر ولا تفارقه ابتسامته، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجعل عمله وصبره في ميزان حسناته ، وألهم أسرته الكريمة وزملاءه وتلاميذه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1407299700767887&set=a.441705187327348
أما القيادي بالجماعة الإسلامية ورئيس حزب البناء والتنمية المصري د . طارق الزمر فنعى المستشار أحمد سليمان، معتبرا أنه "..صوت العدل في زمن الجور".
وقال "الزمر": "بقلوب حزينة ورضًا بقضاء الله، نودّع اليوم المستشار أحمد سليمان، وزير العدل في سنة العدل اليتيمة التي شهدتها مصر بعد ثورة يناير، رحل الرجل الثابت على المبدأ، الذي لم يُبدّل ولم يساوم، وظل مدافعًا عن شرعية الثورة وعن العدل، في زمن عزّ فيه الإنصاف وكثر فيه الانبطاح".
وأشار إلى أنه "كان صوته هادئًا، لكن مواقفه صاخبة بالحق.. انسحب من المسرح حين صار العدل زينة شكلية، واختار طريق الكرامة حين راج سوق الصمت والتبرير.. طاله القمع كما طال كل الأحرار، فقد أُوذي في نفسه بالاعتقال تارة وبتحديد الاقامة أخرى، وظل صابرًا محتسبًا حتى لقي ربّه ثابتًا على ما آمن به.".
وسأل الله أن يرحمه "رحم الله المستشار أحمد سليمان، وجزاه عن مصر وأحرارها خير الجزاء، وجعل ما لقيه من ظلم وتضييق في ميزان حسناته، وسيبقى اسمه شاهدًا على أن في مصر رجالًا لم يبيعوا ضمائرهم، ولم يهنوا تحت سطوة الطغيان.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1309451227847262&set=a.183221457136917
لعنات ورحمات
واللعنات ساقها المصريون على شعبان الشامي قاضي الإعدامات الذي وظّفه الانقلاب، والمفارقة أوضحها المستشار وليد شرابي Waleed Sharaby
القاضي السابق وقال: "منذ ما يقرب من شهر توفي المستشار شعبان الشامي فضجت مواقع التواصل الاجتماعي باللعنات ( وجبت ).. واليوم توفي المستشار الجليل أحمد سليمان فلهجت ألسنة الناس في كل مكان بالدعوات الصالحات ( وجبت ) .. كل منهما اختار طريقه .".
وأضاف "شرابي"، "اليوم فقدت مصر رجلا كان لديه من الفكر والعلم والثقافة والعطاء والإيمان ما يكفي لكي يكون أحد صناع النهضة التي نحلم بها جميعا .. مر بعدة ابتلاءات شديدة منذ انقلاب يوليو ٢٠١٣ إلى أن توفاه الله مؤمنا صابرا محتسبا فمن العزل من القضاء إلى التضييق والحصار إلى الاعتقال والسجن ."
وعن علاقة شخصية أوضح أنه "في هجرتهي كان – رحمه الله – لا يكف عن السؤال عني كلما شعر أن ضررا ما قد أصابني وأنا في الخارج لكني افتقدت سؤاله في محنتي الحالية، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وتقبله في الصالحين، وخالص العزاء لكل أحباب وأسرة سيادة المستشار الوزير أحمد سليمان في مصابهم ومصابنا الكبير .".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=10032281053520028&set=a.338933429521554
المحامي محمد شعبان قال: "صدمتي في وفاتك المفاجئة صدمة قوية.. رحم الله شيخي وشيخ القضاة؛ العزيز الكريم الحبيب معالي المستشار الجليل النبيل القاضي/ احمد بك سليمان وزير العدل الأسبق والقاضي بمحكمة استئناف القاهرة سابقاً، والذي تليقت للتو خبر وفاته الذي مزق أحشائي".
وتابع: "لم أكن أتخيل أن المكالمة الأخيرة التي تلقيتها منك يا شيخي منذ حوالي عشرة أيام هي مكالمة الوداع، مع أننا تواعدنا فيها باللقاء، وكنت بانتظاري على موعدي لك بالزيارة لأهدي لك نسخة من رسالتي للدكتوراه والتي شرفتني بمتابعتي حال كتابتها بابا بابا، ولكن سبقني إليك ملك الموت يا أستاذي وحبيبي، وتبا للمشاغل التي حرمتني من لقياك.".
وأوضح أنه "كان سيادته كريما ودودا عطوفا، ودائم الاتصال والسؤال حتى مع انشغالي عنه، وعندما كنت أرد على اتصاله وأنا في منتهى الخجل والكسوف من جراء تقصيري معه، كنت استمع لصوته الحنون في حديثه الذي كان يوجهه لي بحنان الأب ويبادر بالسؤال عني وعن أسرتي ويداعبني بابتسامته النقية الصافية."
وسأل الله له الرحمة "فرحمات ربي عليك يا من تعلمنا الشهامة والمروءة على يديه، ويا من تحملت ما لم يتحمله أحد، وصبرت ووقفت على قدميك وزأرت بما كنت تعتقده وتؤمن به أنه الحق كالأسد الجسور الشجاع، لم تخف ولم تأب، وابتليت في سبيل ذلك، صبرت صبر أيوب.. لا أقول إلا ما يرضي ربي .. إنا لله وإنا إليه راجعون .. إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإني لفراقك لمحزون محزون محزون .. رحمك الله يا شيخي وأستاذي .. رحم الله القاضي أحمد سليمان".
منصة "برلمانيون لأجل الحرية" ورئيسها النائب السابق محمد عماد صابر قال: إنه "نعى إلى أبناء مصر، وإلى الأمة جمعاء، رحيل الفارس النبيل، والقاضي الوقور، المستشار الجليل أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، وأحد أعلام القضاء المصري الأحرار.. بعد عمرٍ قضاه في نصرة الحق، والذود عن استقلال القضاء، ومواجهة الطغيان بثبات وشرف".
واعتبر أن المستشار أحمد سليمان "نموذجًا نادرًا في زمن عزّ فيه الثبات، تخرج في سلك القضاء فكان من أئمته، وتقلد أعلى مناصبه فكان قدوة في النزاهة، وعُرف بقوله الصدق في وجه السلطان الجائر، حتى أصبح أحد أبرز رموز تيار استقلال القضاء في مواجهة الاستبداد، ورئيسًا لنادي قضاة المنيا لفترتين، ووزيرًا للعدل في لحظة فارقة من تاريخ الوطن.".
وأضاف، "حين وقعت الكارثة في 3 يوليو، لم يتخاذل أو يساوم، بل انتصر لمبادئه، وقالها واضحة مدوية: "منظومة العدالة قد اختلت اختلالًا رهيبًا بعد الانقلاب العسكري، وأضحى القضاء أداة انتقام في يد السلطة التنفيذية."
ودعا الله أن "رحمة الله عليك أيها القاضي الشريف، يا من صدعت بالحق حين سكت الناس، وثبتّ حين تراجع الكثيرون، ودفعت ضريبة المبدأ من كرامتك وحريتك..".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=763119599388132&set=a.126326799734085
الصحفي قطب العربي كتب عبر صفحته "رحم الله القاضي الجليل والوزير النبيل المستشار أحمد سليمان وزير العدل الأسبق الذي وافته المنية اليوم بينما كان يستعد لصلاة الفجر، رجل شجاع تحمل المسئولية في لحظة بالغة الصعوبة وملأ مكانه سريعا، فقد كان محل احترام وتقدير كل القضاة المحترمين ، وكل الأوساط السياسية والاجتماعية المحترمة ، فهو من رموز تيار استقلال القضاء الذي ترك بصمته، ومهد لثورة يناير العظيمة .. رحمه الله رحمة واسعة .. وخالص العزاء لأهله ومحبيه".
ونقل الصحفي يسري الخطيب عنه تقريظا للرجل باعتباره "رمزٌ كبير من رموز العدالة والحرية، وأيقونة مضيئة في تاريخ القضاء المصري.. بدأت مسيرته من النيابة والقضاء، ثم وزارة العدل، وانتهت بالاعتقال خلف القضبان، قبل أن يغادر الدنيا".
وولد المستشار أحمد محمد أحمد سليمان في محافظة المنيا 1950 وتوفي في 27 يونية 2025م، بالمنيا
– حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة عام 1972م، ثم درجة الماجستير في الشريعة والقانون عام 1977م
– بداية العمل القضائي: التحق بالنيابة العامة عقب التخرج، وعمل وكيلاً للنائب العام في نيابات: (صدفا، وأسيوط، والمنيا، وبني سويف)، ثم انضم إلى القضاء عام 1981م
– مسيرة قضائية وطنية ودولية: عمل مستشارًا في محاكم استئناف بني سويف، وقنا، والقاهرة، وعُيّنَ مرتين قاضيًا معارًا في المحكمة الاتحادية بأبوظبي بدولة الإمارات (أول مرة عام 1992م، والثانية عام 2004م)
– عَلَمٌ من أعلام استقلال القضاء: عُرف كعضو بارز في تيار استقلال القضاء ورئيس نادي قضاة المنيا لفترتين (2002–2004، ومن يونيو 2011) .
– وزارة العدل: تولى المنصب من 7 مايو 2013م، حتى استقالته في 7 يوليو 2013م، احتجاجًا على التداعيات بعد عزل د. محمد مرسي.
– أعلن المستشار أحمد سليمان بعد 3 يوليو 2013م، استقالته ورفضه العمل في ظل المناخ السياسي الجديد.
– انتقاداته العلنية: وصف النظام القضائي بعد 3 يوليو 2013م، بأنه: (أداة انتقام سياسي)
– تم اعتقاله من منزله بمحافظة المنيا في ديسمبر 2018م، وظل في السجن الانفرادي بمزرعة طرة، حتى تدهورت صحته.
– مات بعد خروجه من المسجد أمس، بعد الانتهاء من صلاة العشاء.