كما توقع مراقبون، لجأ نظام المنقلب السفيه السيسي إلى التحايل لتطبيق قانون الإيجار الجديد، الذي دفعته حكومته إلى برلمان موالٍ، عبر استدعاء محكمة العسكر المسماة بـ"الدستورية العليا". ففي جلسة السبت 5 يوليو الجاري، برئاسة المستشار بولس فهمي، قضت المحكمة بعدم قبول طلب التفسير المتعلق ببعض أحكام القانون المدني وقانون الشهر العقاري، بما يشمل تأجير وبيع العقارات الخاضعة لقانون “الإيجار القديم”، معلنةً رفض دعوى عدم دستورية القانونين المذكورين.
المثير أن رفض المحكمة لم يكن بسبب نصوص القانون ذاته، وإنما "لتخلف شرط تقديم الطلب من وزير العدل، وفق ما نص عليه قانون المحكمة"!
وفي حيثيات حكمها، أكدت المحكمة أن الدستور منحها سلطة تفسير النصوص القانونية تفسيرًا مُلزمًا، كاشفًا عن إرادة المشرّع، بهدف ترسيخ استقرار المفاهيم القانونية وتوحيد تطبيقها لصالح المصلحة العامة وإنهاء الجدل بشأنها.
وأوضحت أن المشرّع حصر الحق في طلب التفسير بوزير العدل وحده، بشرط أن يكون ذلك بطلب من جهات محددة حصريًا في المادة (33) من قانون المحكمة الدستورية العليا.
ووفق منطوق الحكم، فإن الطلب المعروض بشأن تفسير نص المادتين (715/فقرة ثانية و717/فقرة أولى) من القانون المدني وبعض أحكام قانون الشهر العقاري، لم يُقدَّم من وزير العدل بل من أحد الخصوم مباشرة بناءً على تصريح من المحكمة الموضوعية، ما اعتبرته المحكمة مخالفًا لصريح النص القانوني، فحكمت بعدم قبول الطلب.
الحكم يعكس – بحسب المحكمة – تأكيدها على ضوابط ممارسة اختصاصها التفسيري، واحترام الإجراءات الشكلية التي تعتبر ضمانة أساسية لمنع أي جهة أو فرد من تجاوز الاختصاص أو الانحراف عنه.
كما يمثل تأكيدًا لمبدأ استقلال المحكمة في تأويل النصوص التشريعية، وخطوة لضبط آلية التفسير القانوني باعتبارها أداة لتحقيق الأمن القانوني وتكريس سيادة القانون.
عبيدو: القيود الاستثنائية ولّدت خسائر ومكاسب.. ولا معنى لاتهام أي طرف بالنصب
المحلل المالي المتخصص في الأزمات، د. ماجد عبيدو، كتب عبر حسابه:
“لا يختلف اثنان على أن أي اتفاق بين طرفين بمحض إرادتهما يعد عادلًا لحظة توقيعه. المالك والمستأجر، منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اليوم، اعتبرا الاتفاق منصفًا وقتها.”
وأضاف:
“هذا مبدأ رئيسي في نظرية تسعير الأصول (CAPM)، التي تفترض أن أسعار السوق تعكس كل المعلومات المتاحة وفق المخاطر والعوائد المتوقعة.”
وأشار إلى أن:
“المالك الذي أجر شقة على النيل في الزمالك بجنيه واحد، كان يرى الصفقة جيدة، بينما المستأجر الذي دفع ‘خلو رجل’ بمئة ألف في العشوائيات، اعتبر الأمر انتصارًا له. كل طرف تكيف مع ظروف السوق والقيود المفروضة وقتها.”
وتابع:
“إزالة القيود غير الاعتيادية أحدثت تحولات ضخمة، فظهر مستفيدون وخاسرون. لا غرابة أن نرى أحفاد ملاك شقق الزمالك سعداء، أو مستأجرين قدامى ساخطين بعد خسارة ما دفعوه.”
واختتم بأن:
“التوازن لا يتحقق بطرد الأسر الفقيرة، ولا بإنكار حقوق الملاك. لابد من حل يراعي المظالم المتراكمة لدى الطرفين.”
عمر خورشيد: القانون الجديد يطرد المستأجرين ويقصي الأنشطة التجارية
وعبر منصة “نرفض تعديل قانون الإيجار القديم وتشريد ملايين المستأجرين”، قال عمر خورشيد:
“القانون يمنح المالك امتيازًا عبر قاضي الأمور المستعجلة، بينما يُجبر المستأجر على اللجوء لقضاء الموضوع دون وقف التنفيذ، ما يعني طردًا مؤجلًا بمفعول فوري.”
وأضاف:
“القانون يقصي أصحاب الأنشطة التجارية كالصيدليات والمحلات من أي تعويض أو حماية، رغم عدم إمكانية نقل تراخيصها بسهولة، ما يعني قطع أرزاق لا إخلاءً فقط.”
وأكد خورشيد أن القانون:
“يعيد ترتيب العلاقة لصالح طرف واحد، مخالفًا مواد الدستور (المادة 53: المساواة أمام القانون، المادة 4: العدالة الاجتماعية، والمادة 97: ضمان حق التقاضي).”
وختم بأن:
“التوازن لا يكون عبر التهجير، والحقوق لا تُستعاد بظلم جديد.”
طارق زهران: شبهة فساد وراء القانون الجديد
في المقابل، كتب طارق زهران على المنصة ذاتها:
“صدور القانون الجديد بهذه السرعة يثير شبهة فساد. لماذا تجاهلت الحكومة حقوق الفقراء؟ ولماذا صفق النواب الذين يفترض أنهم ممثلو الشعب؟”
وأردف:
“نحن لسنا ضد تحقيق العدالة، لكن كان بالإمكان زيادة القيمة الإيجارية تدريجيًا دون طرد الأسر من مساكنها. العقد شريعة المتعاقدين، فلماذا تجاهل القانون ما جناه الملاك من أرباح طائلة طوال العقود؟”
وختم بالدعوة إلى عدم إعادة انتخاب النواب الذين أقروا القانون، قائلًا:
“القانون بحاجة لإعادة نظر وعرضه على المحكمة الدستورية العليا، فإقراره بهذه السرعة يؤكد وجود مصالح خاصة للبعض.”