بمجمل أحكام أكثر من ٤٠ عاما! .. مراقبون: المنقلب قيس سعيد يرسخ طغيانه على الثمانيني راشد الغنوشي

- ‎فيعربي ودولي

حكم مسيس جديد أصدرته ما يسمى "الدائرة الجنائية المختصة بقضايا الإرهاب" بتونس بالسجن بحق زعيم حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشي، حيث كان الحكم المشدد بالسجن في ما يُعرف بـ"قضية التآمر 2"، طالت سياسيين بارزين، من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي (84 عامًا) الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 14 عامًا، وتشمل القضية 21 متهمًا، بينهم 10 معتقلين و11خارج البلاد.

وتراوحت الأحكام بين 12 و35 عامًا، وشملت أيضًا رئيس جهاز المخابرات السابق كمال القيزاني، ووزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، ومعاذ الغنوشي نجل راشد الغنوشي، حيث حُكم على كل منهم بـ35 عامًا سجنًا، كما صدر حكم غيابي على نادية عكاشة، المديرة السابقة لديوان الرئيس قيس سعيد، بالسجن 35 عامًا.

وأكدت هيئة الدفاع عن الغنوشي أن موكلها لم يُشارك في جلسة المحاكمة التي جرت عن بُعد، احتجاجًا على "غياب أدنى شروط المحاكمة العادلة"، معتبرة أن الاتهامات بُنيت على "وشايات كاذبة وادعاءات متضاربة".

واتهم قيس سعيد رئيس تونس رئيس مجلس الشعب التونسي راشد الغنوشي ب"التأمر" على الدولة التونسية، ونسبت إلى "مصادر أمنية" عن وثائق تُظهر مخطط الجماعة لنشر الفوضى.

وبحسب ما نقلت منصات "إماراتية"  أن من بين الوثائق التي كشفت عنها المصادر الأمنية، وثيقة بخط يد رئيس مجلس الشعب التونسي راشد الغنوشي، وجاء في الوثيقة الممهورة بتوقيع الغنوشي: "هذه الوضعية ستستمر ما دام الرئيس حيًّا".

وزعمت المنصة أن "الوثيقة" المنشورة تؤكد أن الحركة وصلت إلى قناعة باستحالة العودة إلى السلطة في ظل استمرار الرئيس قيس سعيّد في الحكم.

هيئة الدفاع

وعبر Rached Ghannouchi راشد الغنوشي نشرت هيئة الدفاع عن الأستاذ راشد الغنوشي بلاغا قالت إنه إثر صدور الحكم الابتدائي فيما يعرف إعلاميا "بقضية التآمر 2" أو "الجهاز السري" والقاضي بسجن الأستاذ راشد الغنوشي 14 عاما سجنا يهم هيئة الدفاع أن تحيط الرّأي العام علما بأنّ الحكم صدر بعد محاكمة عن بعد، رفض الأستاذ راشد الغنوشي المشاركة فيها احتجاجا منه على غياب أدنى شروط المحاكمة العادلة ، خاصة وقد منع باقي المحالين من الحضور في قاعة الجلسة والدفاع عن براءتهم، كما تؤكّد هيئة الدّفاع  على :

1/ تمسكها المطلق ببراءة الأستاذ راشد الغنوشي مما نسب إليه، وتأكيدها أنه لم يرتكب أيا من الأفعال المنسوبة إليه وأن كل ما اتهم به تأسس على وشاية كاذبة من شاهد سري محجوب الهوية لم يقدم أي دليل على ادعاءاته الباطلة والمتضاربة بل تراجع عن أغلبها.

2/ رفضها لإصدار الحكم في غياب منوبها ودون تمكين هيئة الدفاع من الترافع وإثبات براءته.

3/ تأكيدها مواصلة الدفاع  عن حرية الأستاذ راشد الغنوشي وإثبات براءته وحقه في محاكمة عادلة تتوفر فيها الضمانات القانونية الواجبة وتعلو فيها قرينة البراءة.

https://www.facebook.com/photo/?fbid=1268933081258293&set=a.427185058766437

محكمة مسيسة

وقال الناشط التونسي عامر عياد: "حين تكون المقاطعة شهادة حق: في صوابية قرار الأستاذ راشد الغنوشي مقاطعة التحقيق والمحاكمة.

منذ لحظة اعتقاله في أبريل 2023، اختار الأستاذ راشد الغنوشي، أحدَ رموزِ الحراكِ الديمقراطي في تونس، ألا ينخرطَ في ما بات يُسمّى زورًا بـ"مسار التقاضي"، معلنًا مقاطعتَهُ لكلِّ جلساتِ التحقيقِ والمحاكمةِ، قرارٌ بدا في ظاهره انسحابًا من ساحةِ المواجهةِ القانونيةِ، لكنه في حقيقته إعلانٌ عن معركةٍ أعمق، معركةٍ تستعيدُ المعنى، وتعيدَ تعريفَ العلاقةِ بين السلطةِ والحقِّ.".

وأضاف أنه "لم يكنْ هذا القرارُ وليدَ انفعالٍ، بل ثمرةَ قناعةٍ متراكمةٍ، وموقفًا قانونيًا وسياسيًا محكمًا، صيغ بإشرافِ الأستاذةِ إيناس حراث، المحاميةِ الحقوقيةِ التي أدركتْ مبكرًا أن المرافعةَ داخلَ قاعاتٍ فقدتْ شروطَ العدالةِ، لم تَعُدْ سوى تزكيةٍ لمهزلةٍ مُعلنةٍ. فكيف يدافعُ المرءُ عن نفسِهِ أمامَ سلطةٍ استحالتْ إلى وظيفةٍ تنفيذيةٍ في خدمةِ إرادةِ فردٍ، لا أمامَ قضاءٍ مستقلٍّ يُحكّمُ القانونَ؟".

وأشار إلى أن المحاكمات صارتِ "تُدارُ كما لو أنها بثٌّ مباشرٌ لتسجيلِ الأهدافِ في مرمى الخصومِ السياسيين. تُصدَرُ الأحكامُ الغيابيةُ ضدَّ الغنوشي دونَ أن يُستدعى، ودونَ أن يُمكَّنَ من الدفاعِ، ودونَ أن يُستجوَبَ أصلًا، وكأنَّ حضورَهُ لم يَعُدْ مطلوبًا إلّا كديكورٍ يؤثّثُ مشهدًا فارغًا من العدالةِ. ولعلَّ هذا ما جعلهُ أكثرَ يقينًا بأنَّ حبسَهُ ليسَ جنائيًا، بل سياسيٌّ بامتيازٍ، وأنَّ الإفراجَ عنه لن يكونَ إلّا قرارًا سياسيًا، لا حكمًا قضائيًا نزيهًا.".

وأوضح "مقاطعةَ المحاكماتِ هنا ليستْ تهرُّبًا، بل تصعيدًا رمزيًا وأخلاقيًا ضدَّ نظامٍ لم يَعُدْ يُؤمنُ بالعدلِ ولا بالحقِّ، بل يستعملُ القضاءَ كأداةِ انتقامٍ وإذلالٍ. إنّها مقاومةٌ صامتةٌ، ولكنّها مدوِّيةٌ، تُذكّرُنا بموقفِ نبيِّ اللهِ موسى عليه السلام في وجهِ فرعونَ حين قال له: "فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ، إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا". إنّ الغنوشي، حينَ يستشهدُ بهذا النصِّ القرآنيِّ، لا يهربُ من قدرِه، بل يُعلِنُه؛ إنَّه يعرفُ أنَّ الظلمَ لا يدومُ، وأنَّ قاضيَ اليومِ، قد يكونُ خصيمَ الغدِ أمامَ عدالةِ التاريخِ والشعوبِ".

وجدد رأيه أن "قرارُ المقاطعةِ كان صائبًا لأنّه نزَعَ الشرعيةَ عن منظومةٍ قضائيةٍ فقدتْ حيادَها، وكشفَ أمامَ الرأيِ العامِّ المحليِّ والدوليِّ زيفَ الادعاءاتِ بالعدلِ والاستقلالِ، وهو أيضًا إعلانٌ ضمنيٌّ أنَّ الأستاذَ الغنوشي لا يطلبُ حريةً مشروطةً ولا تبرئةً من محاكمَ مُسَيَّسةٍ، بل يطلبُ حريةَ شعبٍ بأسره، وعودةَ المسارِ الديمقراطيِّ إلى سكّتِه، إنها لحظةٌ نادرةٌ، حينَ يتحوّلُ السجينُ إلى شاهدٍ، والمحكومُ عليه إلى قاضٍ يُدينُ منظومةَ الانقلابِ من داخلِ زنزانتِه، قرارُ المقاطعةِ، إذًا، لم يكنْ انسحابًا من المعركةِ، بل اختيارًا لجبهةٍ أعمق: جبهةِ الكلمةِ الصامدةِ، والموقفِ الذي لا يُشترى.".

وكيف لا أتضامن؟!

وقالت سعدية سويلم Saida Souilem: "أنا أيضا مثلك لا أتضامن مع راشد الغنوشي، و كيف لي أن أتضامن مع رجلٍ وقف معه زعماء الأرض و أحرار العالم ؟ كيف أتوهّم أنّ تضامني أنا المتواضع في كفّة التاريخ سيغيّر شيئًا في ميزان رجّحه تضامن الرؤساء و الملوك و كبار المفكرين و الفلاسفة ؟ كيف أبسط يدي إليه بتضامنٍ و قد بسط العالم إليه رايات الإجلال و كتبت على جدران العواصم الكبرى : هذا الرجل تُهان فيه الكلمة و تُعتقل فيه الأمّة بأسرها ؟".

وأضافت "لا لا أتضامن معه؛ لأنّ مقامه أكبر من أن يُنصر بـ"منشور" و أسمى من أن يُوزن برأيٍ عابر، راشد الغنوشي لا ينتظر تضامننا ، بل ضمائرنا هي التي تنتظر عفوه علّه يسامحها على صمتها و خذلانها، هو لا يحتاجنا ، نحن الذين في أمسّ الحاجة إليه ، إلى ظلال حكمته و مواقفه التي كانت دومًا تُجري النهر في صحراء اليأس و تُوقظ فينا ما مات من رجولة .".

وكتبت "فيا هذا يا من قلت "لن أتضامن" تذكّر أنّ الغنوشي لا يُقاس بالعدد و لا يزداد أو ينقص بمزاج الفيسبوك ، تضامنك لا يرفعه و غيابه لا يُنقص منه شيئًا ، راشد الغنوشي ليس في حاجة إلى تضامننا ، نحن من في حاجة إلى أن يشفع لنا صبره و يغفر لنا تواطؤنا بالصمت و خيبتنا كجيل .

https://www.facebook.com/photo/?fbid=122238302756200052&set=a.122109575450200052

وفي هذا السياق أدانت مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان هذه الأحكام، ووصفتها بأنها تصعيد خطير وانتهاك واضح لمبادئ المحاكمة العادلة، وقالت إن تسييس القضاء واستخدامه كأداة لتصفية الخصوم السياسيين.

وتساءلت المنظمة عن " متى ستلتزم تونس بتعهداتها الدولية وتعدّل قوانينها وممارساتها لتتوافق مع معايير حقوق الإنسان العالمية؟ وهل تخاف الحكومة من الرقابة الدولية أم تواصل الهروب من المحاسبة؟ وكيف تتفق العدالة التي تتطلب إصلاحاً جذرياً مع القوانين القمعية المستمرة؟" هل غيرت الحكومة التونسية قوانينها لتتوافق مع القانون الدولي؟ أم أنها تواصل انتهاكاتها؟ مشيرة إلى أنه وفقًا للفقرة (20) من أساليب عمل الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، نطالب بالكشف عن الإجراءات المتخذة لتنفيذ التوصيات.

وطالبت نظام قيس سعيد وحكومته بالشفافية والتعاون مع الآليات الدولية، وتقديم إفادة حول الصعوبات التي تواجهها في تنفيذ التوصيات، معلنة أن حقوق الإنسان ليست قابلة للتفاوض.