شهد سوق الدواء المصرية نقصاً في بعض الأصناف، وزيادات متتالية في الأسعار خلال السنوات الماضية، وفي نهاية العام الماضي، جرى رفع أسعار أكثر من 200 صنف دواء في السوق المحلية، وبنسب تصل إلى 50%، ما ضاعف من معاناة المرضى في ظل تدهور قدرتهم الشرائية.
المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، محمود فؤاد، في تصريحات صحفية أكد زيادة أسعار بعض الأصناف الدوائية، تضمنت زيادة أسعار أكثر من 130 صنفا إستراتيجيا من خلال لجنة التسعير، بعد تقدٌّم شركات الأدوية بطلبات كان يتم النظر فيها أسبوعيًا من قبل هيئة الدواء.
وأضاف "فؤاد"، إن المطالبات الحالية بزيادة أسعار الأدوية قد تكون محاولة لخلق موجة من التخزين، مثلما حصل مع حقنة "إبيفاسي" فارتفع سعرها من 300 إلى 500 جنيه، رغم أن التشغيلة القديمة تعود إلى عام 2024، واستغلال إشاعة في السوق لتبرير زيادتها.
ونفى " فؤاد" احتمالية تعرض الشركات للخسارة وأكد أن مبيعات الأدوية شهدت زيادة في عام 2024، بشكل يتعارض مع المعلومات اللي وصفها بغير الدقيقة عن انسحاب الشركات الأجنبية من السوق، بحسب "مدى مصر"..
أما رئيس شعبة الأدوية في اتحاد الغرف التجارية، علي عوف، فأعلن تقدُّم الشعبة بطلب لزيادة أسعار ألف صنف دواء بنسبة 10%، في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج وارتفاع أسعار المدخلات، وزيادة هيئة الدواء رسوم خدماتها عقب تحرير سعر الصرف في مارس 2024، لكن هيئة الدواء رفضت مطالب شعبة الدواء لزيادة الأسعار، واكتفت برفع أسعار بعض الأصناف.
وتوقع رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر، علي عوف، زيادة أسعار 1600 مستحضر دوائي في البلاد خلال الفترة من سبتمبر 2024 حتى ديسمبر 2025.
وقال عوف في تصريحات صحفية في أغسطس الماضي: إن "هيئة الدواء المصرية تلقت طلبات من جميع شركات الأدوية العاملة في البلاد، وإنها قد تصدر موافقات على زيادة نحو 600 صنف خلال الربع الأخير من العام الحالي".
وبحسب عوف، وافقت هيئة الدواء المصرية على تحريك 400 دواء فقط خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو بعد مراجعة طلبات تقدمت بها شركات الأدوية، فيما تواصل حالياً دراسة باقي الطلبات، تمهيدا لتمرير الزيادة بشكل تدريجي.
وأوضح "عوف" أن الزيادة التي يتم اعتمادها تتراوح بين 20 و30% للأدوية المعالجة للأمراض المزمنة، ونسبة تتراوح بين 30 و50% للأدوية غير الأساسية والموسمية، بحسب العربية بزنس.
ويرى عوف أن الزيادة التي اعتمدتها هيئة الدواء على أسعار الدواء حتى الآن "غير عادلة" في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف إنتاج الأدوية بعد تحرير سعر الصرف، كما أنها قد لا تكون مؤثرة بشكل كبير على المواطنين، خاصة مع ثبات أسعار نحو 16 ألف دواء، وتوفر بدائل لكل الأدوية التي تم رفع أسعارها.
"وتوقع أنه استقرت الأوضاع الحالية ولم تطرأ أي زيادة مؤثرة في سعر الدولار، أن ترفع هيئة الدواء المصرية أسعار نحو 1000 مستحضر فقط في عام 2025 بالكامل"، حيث حررت مصر سعر علمتها المحلية مطلع مارس الماضي، الأمر الذي دفع سعر الدولار إلى ملامسة 49 جنيهاً مقابل قيمة أقل من 31 جنيهاً قبل القرار.
وقال رئيس شعبة الأدوية: إن "الدولار عامل مؤثر في تكلفة صناعة الدواء في مصر، خاصة أن 90% من مدخلات الصناعة مستوردة من الخارج".
وفي يوليو 2024، أعلن مصطفى مدبولي، خلال مؤتمر صحفي، عزم حكومته تحريك أسعار الأدوية ضمن خطة حكومية تستهدف الانتهاء من أزمة نقص الدواء في البلاد خلال 3 أشهر.
ويعد الدواء إحدى السلع المسعرة جبرياً في مصر كالمواد البترولية والخبز، إذ يتطلب تحريك أسعاره موافقة هيئة الدواء المصرية بعد تقديم الشركات ما يثبت ارتفاع تكاليف الإنتاج.
وتوقع رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية تراجعا ملحوظا في عدد الأدوية الناقصة في مصر بنهاية الشهر المقبل، لتهبط من مستوى 1000 مستحضر بنهاية مايو الماضي إلى نحو 500 دواء فقط بنهاية سبتمبر.
وقال مراقبون: إن "الزيادات الأخيرة لأسعار بعض الأصناف الدوائية إلى جانب المطالبات المتكررة من جانب شركات الأدوية برفع أسعار مئات الأصناف تشير إلى وجود مشكلات في قطاع الأدوية، تتسبب في هجرة المستثمرين في قطاع الأدوية إلى بلدان أخرى وعزوف المستثمرين الأجانب عن الاستثمار في مصر بشكل يهدد صناعة الدواء".
إلا أن المؤكد بحسب المراقبين أن كل رفع لأسعار صنف دوائي أساسي في مصر، بزيادة جديدة يرفع الأعباء المالية على المرضى بشكل يعرضهم لمخاطر حقيقية، بما في ذلك استمرار القدرة على الالتزام العلاجي سواء بتقليل الجرعات أو ترك العلاج أصلًا، خاصة المصابين بأمراض مزمنة كالسكري والضغط وأمراض القلب والتي تتطلب علاج يومي دائم.
ولدى مصر 17 ألف دواء مسجل في هيئة الدواء المصرية، يتداول منها نحو 4 آلاف دواء فقط على نطاق واسع، بحسب تقديرات شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية.
وخلال الأشهر السبعة الأولى من 2024، قفزت مبيعات الأدوية في مصر بنسبة تلامس 40%، مدفوعة بتحريك أسعار عدد من المستحضرات، وزيادة تدفقات عدد من الأدوية الناقصة منذ عدة أشهر.
وحجم مبيعات الدواء في مصر خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2024 بنحو 105 مليارات جنيه، مقابل 75 مليارا في الفترة نفسها من العام الذي سبقه، وحافظ سوق الدواء المصرية على مبيعات تتراوح بين 14 و15 مليار جنيه شهرياً منذ بداية العام، ارتفعت إلى 17 مليار جنيه في شهر يوليو 2024.