بقيمة 17.6 مليون دولار.. “المركزي للمحاسبات” يكشف إهدار “وي” للمال العام لصالح المخابرات!

- ‎فيتقارير

 

رصدت منصة “متصدقش” إهدارًا للمال العام بقيمة 17.6 مليون دولار دفعتها الشركة المصرية للاتصالات “وي” – المملوكة للدولة بنسبة 70% – إلى شركة استادات للاستثمار الرياضي، التابعة للمخابرات العامة، دون أي مقابل فعلي. هذه الصفقة ساهمت في تضاعف مديونية المصرية للاتصالات، التي بلغت بنهاية 2024 نحو 36 مليار جنيه، وفقًا لتقرير الجهاز المركزي للمحاسبات.

في ديسمبر 2019، أبرمت شركة استادات للاستثمار الرياضي، المملوكة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، عقد رعاية مع النادي الأهلي لمدة 25 عامًا، يتيح للنادي استخدام ستاد السلام كمقر لمبارياته. خلال هذه الفترة، تولت المصرية للاتصالات “وي” رعاية الملعب، وسددت مقدمًا لشركة استادات 20 مليون دولار مقابل الرعاية.

لكن بعد أقل من ثلاث سنوات، فسخ الأهلي تعاقده مع استادات بالتراضي، وأوقف الاعتماد على ستاد السلام، مفضّلًا ستاد القاهرة، وأبرم عقد رعاية جديدًا مع “اتصالات مصر”. في المقابل، رفضت شركة استادات إعادة المبلغ المتبقي من الرعاية إلى “وي”، وعرضت بدلًا من ذلك منح الشركة 18,500 عضوية في أندية “سيتي كلوب”!

وتبين لاحقًا أن أندية “سيتي كلوب” هي منشآت رياضية مملوكة للدولة، سلمتها وزارة الشباب والرياضة لشركة استادات لاستغلالها، مقابل تطوير مراكز الشباب المنتشرة بأنحاء الجمهورية.

وأشار التقرير إلى أن “وي” لم تحصل سوى على 4,000 عضوية فقط بحلول نهاية 2024 من أصل 18,500 عضوية تم الاتفاق عليها. كما كشف الجهاز المركزي للمحاسبات أن الفائدة التي جنتها “وي” من صفقة الرعاية لم تتجاوز 2.4 مليون دولار، مقابل المبلغ الإجمالي المدفوع البالغ 20 مليون دولار، ما يعني خسارة مؤكدة بقيمة 17.6 مليون دولار.

ديون طائلة ومشروعات جديدة

بلغت ديون الشركة المصرية للاتصالات نحو 35.9 مليار جنيه بنهاية سبتمبر الماضي، بينما بلغت السيولة المتاحة 10.5 مليار جنيه فقط، بحسب القوائم المالية. وعلى الرغم من ذلك، حصلت الشركة مؤخرًا على ترخيص لتقديم خدمات الجيل الخامس (5G) لمدة 15 عامًا مقابل 150 مليون دولار، وفقًا لتصريحات الرئيس التنفيذي محمد نصر، الذي أكد أيضًا دخول الشركة في مفاوضات للحصول على قرض بـ14 مليار جنيه من بنك مصر لتمويل عملياتها التشغيلية.

تجدر الإشارة إلى أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات كان قد منح في 2016 تراخيص شبكات الجيل الرابع لشركات المحمول مقابل مبالغ متفاوتة، بلغت 1.1 مليار دولار للمصرية للاتصالات، و535.5 مليون دولار لـ”اتصالات مصر”، و484 مليون دولار لـ”أورنج”، و335 مليون دولار لـ”فودافون مصر”، بحسب حجم الترددات وحقوق الامتياز لكل شركة.

“جهة سيادية” وفساد ممنهج؟

من جهتها، علقت منصة “الموقف المصري” على الصفقة قائلة إن “تغلغل الجهات السيادية في الاقتصاد والترفيه وصل إلى حد التورط في صفقة نصب علنية على شركة حكومية مملوكة للشعب، ما يطرح تساؤلات عن جدوى هذه الممارسات لصورة تلك الجهات أمام المجتمع ولمدى نزاهتها”.

وأضافت المنصة أن المصرية للاتصالات رضخت لضغوط “الجهاز السيادي”، وهو ما يتكرر مع العديد من الجهات الحكومية والمدنية التي تضطر للتنازل عن حقوقها ومعاييرها عند التعامل مع مؤسسات سيادية. وأشارت إلى أن مقاولي القطاع الخاص يتداولون شكاوى غير موثقة عن ممارسات مشابهة، إذ يجبرون أحيانًا على استلام مشروعات من الجيش رغم وجود مخالفات أو تكاليف إضافية يتحملونها من جيوبهم، خوفًا من التصعيد مع “لواءات قادرين على إرسالهم وراء الشمس”.

وأكدت أن واقعة “استادات – وي” ليست مجرد حديث مقاولين، بل “حالة موثقة من الفساد وإهدار المال العام” أثبتها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، مطالبة بفتح تحقيق رقابي عاجل حول أسس اتخاذ القرار داخل المصرية للاتصالات، وإلزام شركة استادات برد المبالغ المستحقة للشركة الحكومية. كما تساءلت المنصة عن دور “الرقابة الإدارية” وهل الجهات السيادية فوق القانون؟ وهل يحق لها الاستيلاء على أموال الشعب بلا مساءلة؟