مع تقاقم أزمة الديون الخارجية والتى وصلت إلى 160 مليار دولار وفق بيانات البنك المركزى المصرى والمطالبات المستمرة من الدول الدائنة والمؤسسات الدولية لدولة العسكر بسداد أقساط وفوائد هذه الديون والتى تقارب وحدها خلال العام المالى الحالى نحو 30 مليار دولار وضغوط صندوق النقد والبنك الدولى لبيع أصول وثروات المصريين.. تلجأ حكومة الانقلاب إلى بيع أراضى بمساحات كبيرة أو شركات ومصانع وبنوك أو الحصول على قروض جديدة واصدار صكوك وأذون خزانة من أجل الحصول على مبالغ لسداد أقساط الديون وهكذا تقوم بعملية تدوير الديون وزيادتها وتورط البلاد فى مستنقع ليس له نهاية .
دوامة الديون
حول أزمة الديون وبيع ثروات المصريين أعرب مدحت الزاهد،رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عن رفضه التام لـ”خصخصة الموارد السيادية” كحل لأزمة الديون، محذرًا من التداعيات الاقتصادية والسياسية الخطيرة لهذا التوجه.
وقال الزاهد في تصريحات صحفية : نحن بشكل عام ضد خصخصة الموارد السيادية ، وضد حل أزمة الديون عبر بيع الأصول العامة. محذرا من أن هذا النمط يورّط دولة العسكر في فخ ديون لا تقابلها قدرات إنتاجية حقيقية تمكّن من سدادها، مما يؤدي إلى دوامة من الديون الجديدة لسداد القديمة، وفي النهاية نخسر مصادر قومية استراتيجية.
وأضاف : الصكوك السيادية، وإن اختلفت في الشكل، هي في جوهرها سندات دين. وإذا عجزت دولة العسكر عن السداد، تصبح هذه الصكوك أداة للاستيلاء على الأراضي أو الشركات المرهونة. معتبرا أن ذلك ليس فقط أزمة مالية، بل تهديد مباشر للسيادة على الموارد الوطنية.
واعرب الزاهد عن اسفه لأن الديون لم تُستخدم لتطوير القدرات الإنتاجية للاقتصاد، بل وُجهت إلى مشروعات بلا عائد إنتاجي حقيقي مثل المونوريل وإنشاء الكباري، ما يزيد من تعقيد الأزمة دون حلول مستدامة، ويهدد بتحول دولة العسكر إلى كيان يفقد السيطرة على موارده وإرادته السياسية تحت وطأة الدين.
عاجزة عن السداد
وأكد الخبير الاقتصادي زهدي الشامي أن دولة العسكر تسلك طريقًا واضحًا في الاعتماد المتزايد على بيع الأصول كحل مؤقت لأزمة الديون المتفاقمة.
وقال الشامي في تصريحات صحفية : الأمر واضح ولا يحتاج الكثير من التفسير. دولة العسكر تسير في سكة الديون الكبيرة التي أصبحت عاجزة عن سدادها في أوقاتها المحددة، والحل الذي تلجأ إليه هو الاستغناء عن الأراضي المملوكة للدولة لصالح مستثمرين من دول الخليج، كما حدث في رأس الحكمة، وكما حدث مع المنطقة الاقتصادية الخاصة بقناة السويس.
وأوضح أن دولة العسكر تتحرك في هذا الاتجاه تحت مسميات مختلفة، سواء بيع أو حق انتفاع، لكن النتيجة واحدة، أراضي مصر تُخصص لصالح شركاء أجانب، ولن يجدي هذا نفعًا ما دامت السياسات الاقتصادية الخاطئة مستمرة، دون معالجة حقيقية للأزمات أو مراجعة للنهج القائم.
وأشار الشامي إلى أن دولة العسكر تربط مباشرة بين بيع الأرض وسداد الديون، لأنها مديونة وأصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها، مؤكدا أن هذه السياسات تفتح الباب لتساؤلات خطيرة حول تهديد الأمن القومي، خصوصًا أن الأراضي المستهدفة بالتخصيص غالبًا ما تكون في مناطق استراتيجية، وتذهب لمستثمرين من دول الخليج، وعلى رأسها الإمارات، التي أصبحت منافسًا اقتصاديًا لمصر .
وشدد على أن وجود مستثمرين أجانب في الموانئ على سبيل المثال يشكل خطرًا مباشرًا على الأمن القومي، لا سيما في ظل الأوضاع الإقليمية المتوترة والحروب الدائرة .
إيرادات ومصروفات
في المقابل قال الباحث الاقتصادي محمد رمضان أن لجوء دولة العسكر لبيع مساحات كبيرة من الأراضى من المرجح أن يكون الهدف الأساسي منه هو التمهيد لإصدار صكوك سيادية مؤكدا أن هذه الصكوك تمثل في النهاية التزامات على دولة العسكر، وبالتالي من غير المفهوم حتى الآن كيف يمكن أن تسهم في خفض الدين العام في الوقت الذي تُستخدم فيه كوسيلة استدانة.
وتساءل رمضان في تصريحات صحفية: هل سيتم إصدار الصكوك على أساس حق الانتفاع بالأصل، أم على أساس بيع الأصل نفسه؟ مؤكدا أن هذا أمر لا يمكن الجزم به حاليًا، وسيتضح أكثر مع بدء عمليات التصكيك الفعلية.
وتوقع أن يكون الهدف من هذه الخطوة هو جذب مستثمرين خليجيين مهتمين بالاستثمار في أدوات الدين المصرية، لكنهم يفضلون أدوات شرعية متوافقة مع الشريعة، مثل الصكوك الإسلامية، بدلًا من السندات التقليدية.
وأكد رمضان أنه لا يمكن الجزم بأن هذا يمثل بيعًا للأرض، خاصة وأن التصكيك في مصر غالبًا ما يتم عبر حق الانتفاع وليس بيع الأصل نفسه. لكن المثير للاستغراب أن القرار المنشور في الجريدة الرسمية حول بيع أراض فى البحر الأحمر لم يتضمن أي تفاصيل عن موقع الأرض، أو طبيعة المشروع المزمع إقامته عليها، سواء كان سياحيًا أو خدميًا.
وأوضح أن تنويع أدوات الاستدانة قد تبدو فكرة سليمة نظريًا، لكننا بحاجة إلى التفكير ضمن السياق المالي الفعلي الحالي. مشيرا إلى أن دولة العسكر تعاني من أعباء ديون مرتفعة، ومن ضيق كبير في الحيّز المالي، وهو ما يحدّ من قدرتها على الإنفاق والاستثمار دون اللجوء للاستدانة المتكررة، أو الاعتماد على الأموال الساخنة.
وأشار رمضان إلى أن التحول إلى أدوات مثل الصكوك الإسلامية قد يخفف حدة الأزمة مؤقتًا، لكنه لا يعالج جوهر المشكلة المتعلقة بعدم التوازن بين الإيرادات والمصروفات الدولارية، خاصة في ظل تراجع إيرادات قناة السويس وتأثيرات أخرى على مصادر العملة الصعبة.