للمرة الثالثة والسبعين، يعود الجدل حول ما يُسمى بـ”ثورة يوليو”، عبر تفاعل واسع على منصات التواصل، خاصة فيسبوك، تحت وسم “#نكسة_23يوليو”، حيث لم يتغير خطاب أجهزة النظام، من عبد الناصر إلى السيسي، سوى في الأسماء، بينما بقيت الأسطوانة المشروخة على حالها: تضليل، تدليس، وتزييف وعي ممنهج على يد عصابات العسكر، من أول “فنجري بق” إلى “المتعاص الأخير”.
السيسي اليوم يستعيد نفس الكتالوج البائد، من “تريليونات الطرق” إلى “تريليونات الكهرباء”، في وقت لم يتغيّر فيه استهلاك المواطن، ولم تشتعل فيه المصانع، فقط اجتهاد محموم في تلميع الوهم وإعادة تدوير الفشل.
خديجة أشرف: زعيم الولا حاجة والأهداف الكرتونية
الناشطة خديجة أشرف علّقت بمرارة ساخرة على ذكرى الانقلاب العسكري، قائلة:
“في ذكرى نكسة 23 يوليو الأمريكية بقيادة الطرطور محمد نجيب وزعيم الولا حاجة جمال عبد الناصر، والسادات الأفاق، اللي عمل بيان يقول فيه “لقد قمنا بتطهير أنفسنا”، وكل الأكاذيب اللي علموها لنا في المدارس على أنها أهداف الثورة”.
وتابعت:
“كنا نردد أهداف الثورة كالببغاوات: القضاء على الإقطاع، الاستعمار، رأس المال، العدالة الاجتماعية، الديمقراطية، الجيش الوطني… لكن لم يتحقق منها شيء. فقط نياشين وهمية على صدور قادة لم ينتصروا يومًا، في أي معركة حقيقية”.
شمس مصر: من مملكة إلى مزرعة
أما الناشطة شمس مصر فسألت ساخرة:
“بيحتفلوا بإيه؟ إننا كنا مملكة مصر والسودان، وحكام على غزة وجزء من تشاد، والجنيه الذهب بـ90 قرش والدولار بـ25 قرش؟ الأجانب كانوا جرسونات، والقطن نصدره، والسينما أقوى من هوليوود… فجاء عساكر لم يتجاوزوا الـ35 وانقلبوا على كل شيء، وزوروا الواقع وسموه ثورة”.
الأسد الربعاوي: 73 سنة من الكوارث
الأسد الربعاوي اعتبر أن ذكرى 23 يوليو ترمز إلى بداية ضياع البلاد، وكتب:
“اليوم نُكمل ثلاثة وسبعين عامًا من حكم عسكري بدأ بشرعية زائفة، استُمدت من معركة خاسرة، وسياسة ‘لا صوت يعلو على صوت المعركة’، التي أفضت بنا إلى نكسة”.
وأشار إلى أن السادات بعد حرب أكتوبر، أنهى أي شرعية للحكم العسكري، فاخترع معادلة بقاء الجيش في الحكومة والاقتصاد. هذه المعادلة سقطت مع ثورة يناير، ليعود العسكر بعدها من بوابة “محاربة الإرهاب”، وهي الشرعية المصطنعة الجديدة لحكمهم.
نور عبد الحافظ: انقلاب الهيافة
الكاتب نور عبد الحافظ، كتب مقالا ساخرًا تحت عنوان: “تسليم الشباب للانقلاب.. في ذكرى يوليو الخيبة”، مشيرًا إلى اعتقال متطوعي مبادرات إنسانية مثل “تكايا إطعام أطفال غزة”، مؤكدا أن:
“الانقلاب لا يستند إلى منطق أو قانون، بل إلى القتل والتخويف والسجون.. والعسكر لا ينهضون بدولة، بل ينهبونها”.
وسخر من مشاريع العسكر الزائفة:
“كيف تصنع صواريخ وأنت لا تصنع مقص أظافر؟ كيف تتحدث عن تطوير الصناعة وأنت تغلق مصانع الحديد؟! في عهد الخيبة، يُفرج عن قتلة حقيقيين، ويُعتقل كفيف أزهري بتهمة القنص!”.
واعتبر أن:
“هذا النظام يحترف تحويل كل خيبة إلى عقيدة، وكل خيانة إلى عرف. وكلما اقترب الغضب الشعبي من الانفجار، يلجأ إلى حشو الزنازين برسائل الرعب”.
عمرو عبد الهادي: قنابل بشرية
الناشط السياسي عمرو عبد الهادي كتب في الذكرى:
“23 يوليو يوم ضُربت فيه مصر بـ17 قنبلة ذرية بشرية: هم الضباط الأشرار الذين صادروا الحكم والقصور وحتى البشر، وسرقوا ألقاب البشوات لأنفسهم. لا خلاص إلا بالخلاص من هذا اليوم المشؤوم”.
نجيب ساويرس: يوم سقوط مصر
حتى نجيب ساويرس، رجل الأعمال المقرب من النظام، كتب بتغريدة لافتة على منصة “إكس”:
“اليوم ذكرى بدء سقوط مصر وفشلها الاقتصادي، ودفن ديمقراطيتها، وانحسار جمالها الحضاري”.
مصطفى عاشور: من ثورة على الفساد.. إلى دولة فاسدين
الإعلامي مصطفى عاشور كتب:
“أوهمونا أن يوليو جاءت للقضاء على الإقطاع والبشوات، فصاروا هم الإقطاع والبشوات. أقنعونا أنهم جاؤوا لمحاربة الفساد، فصاروا هم الفساد ذاته. وعدونا بالعدالة الاجتماعية، وانتهى الأمر إلى توزيع شوكولاتة ونظارات على سكان مارينا، بينما يأكل باقي الشعب أرجل الدجاج”.
وختم ساخرًا:
“قالوا لنا مصر للجميع.. فاحتكروها لهم وحدهم. كل ابن رئيس أو حاكم صار من الأثرياء، فهل بعد ذلك نحتاج دليلاً؟”.
خلاصة: الذكرى 73 لما يُسمى “ثورة” 23 يوليو، هي تذكير مؤلم بسلسلة نكبات ممتدة، من عسكرة الدولة إلى تجهيل الشعب، ومن قتل السياسة إلى دفن الديمقراطية. هكذا تحدث المصريون في ذكرى يراد لها أن تكون “عظيمة”، بينما هي في الوعي الشعبي نكسة كبرى، ونقطة انحدار مستمر.