إعلان عدد من الدول الآوربية اعترافها بدولة فلسطين خطوة ايجابية تفرضها المقاومة الباسلة فى قطاع غزة لحرب الإبادة الصهيونية كما تفرضها جرائم الحرب التى يرتكبها العدو الصهيونى بحق الفلسطينيين لكن يتخوف بعض المراقبين من أن يكون هذا الاعتراف يهدف إلى سحب البساط من تحت أقدام المقاومة الفلسطينية ونزع سلاحها وتسليم السلطة الفلسطينية مقاليد الأمور بما يعنى فى النهاية أنها دولة شكلية تلك التى يعترفون بها بل ستكون تحت سيطرة الاحتلال وخاضعة لقراراته .
وأكد قانونيون ودبلوماسيون، أن الاعتراف بفلسطين سيكون رمزيًا لكنه يمنح دفعة معنوية للموقف الفلسطيني في الساحة الدولية، خاصة إذا تبعه اعتراف دول أوروبية أخرى كألمانيا وبلجيكا والسويد، كما قد يعزز موقف السلطة الفلسطينية في المنظمات الدولية، ويزيد الضغوط على الاحتلال.
وحذروا من أن يُستخدم هذا الاعتراف كوسيلة للضغط على القيادة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات بشروط مجحفة، تحت عنوان "نحن نعترف بدولتكم، وعليكم الآن القبول بالتسوية".
كانت 15 دولة غربية، قد طالبت فى نداء لها المجتمع الدولي بإعلان استعداده للاعتراف بدولة فلسطين، وذلك عقب مؤتمر وزاري للأمم المتحدة بشأن حل الدولتين.
إلى جانب فرنسا، شملت قائمة الدول الموقعة على النداء كلًا من: كندا، أستراليا، أندورا، فنلندا، آيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سان مارينو، سلوفينيا، وإسبانيا.
ومن بين هذه الدول، هناك تسع دول لم تعترف رسميًا بعد بدولة فلسطين، لكنها عبّرت عن استعدادها أو نيتها الإيجابية للقيام بذلك، وهي: أندورا، أستراليا، كندا، فنلندا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، البرتغال، وسان مارينو.
حل الدولتين
الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون كان قد أعلن أن بلاده سوف تعترف بالدولة الفلسطينية فى سبتمبر المقبل فى اجتماع بالأمم المتحدة .
فى هذا السياق قال جان نويل بارو وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، إن بلاده، إلى جانب 14 دولة أخرى من بينها كندا وأستراليا، أطلقت نداءً جماعيًا تدعو فيه الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى الانضمام إلى هذا التوجه.
وأشار بارو عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، إلى أن هذا الإعلان الجماعي جاء في أعقاب مؤتمر وزاري عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، جرى خلاله التشديد على أهمية حل الدولتين كسبيل لإنهاء النزاع الفلسطيني الصهيونى .
حسابات سياسية
فى المقابل أكدت تقارير انه رغم أهمية الإعلان الفرنسي على المستوى الرمزي، فإنه لا يمكن فصله عن الحسابات السياسية البحتة التي تحرك السياسة الخارجية الفرنسية، وتشمل محاولة استعادة النفوذ الفرنسي في الشرق الأوسط، خاصة بعد تراجع دور فرنسا في الملفين؛ اللبناني والسوري.
وامتصاص الغضب الداخلي الناتج عن تزايد حملات التضامن مع غزة داخل المجتمع الفرنسي. ومحاولة ضبط التوازن بين العلاقات التاريخية مع الكيان الصهيونى والعلاقات المتوترة مع الجاليات المسلمة.
والرد على التحركات الأوروبية (مثل أيرلندا، إسبانيا، النرويج) التي اعترفت رسميًّا بدولة فلسطين في مايو 2025.
وشددت التقارير على أن ماكرون لا يتحرك بدافع إنساني أو قانوني بحت، بل تحت ضغط مركب من السياسة الداخلية والواقع الدولي، مؤكدة أن خطوة فرنسا- رغم تأخرها الكبير- تمثل علامة تحوّل مهمة إن تم تنفيذها بجدية، وبما ينسجم مع القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة
وقف إطلاق النار
وبالنسبة لبريطانيا أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن المملكة المتحدة ستعترف بفلسطين كدولة بحلول اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، ما لم تتخذ دولة الاحتلال ما وصفه بـ"إجراءات ملموسة" لإنهاء الوضع المروع في قطاع غزة.
وأضاف ستارمر : على دولة الاحتلال القبول بوقف إطلاق النار والتأكيد أنه لن يكون هناك ضم لأراض في الضفة الغربية، وأن تلتزم كذلك بـ"عملية سلام طويلة الأمد تتمخض عن تنفيذ حل الدولتين".
يشار إلى أن الوضع المتدهور في غزة – الذي تفاقم بسبب القيود الصارمة التي فرضتها سلطات الاحتلال على المساعدات الإنسانية – قد ولّد موجة من الاستعجال في الأوساط السياسية البريطانية. ودفع ذلك أكثر من ٢٥٠ عضوًا في البرلمان من تسعة أحزاب، بما في ذلك حزب العمال، للتوقَيع رسالةً تحثّ ستارمر ووزير الخارجية ديفيد لامي على دعم الاعتراف بفلسطين في مؤتمر الأمم المتحدة حول حل الدولتين.
ويعترف هؤلاء المشرعون بأن المملكة المتحدة لا تستطيع بمفردها تحقيق دولة فلسطينية حرة ومستقلة، لكنهم يرون أن الاعتراف البريطاني يحمل أهمية تاريخية، نظرًا لدوره في إنشاء دولة الاحتلال.
حسابات ستارمر
فى المقابل أكد مراقبون أن ستارمر يواجه مأزقا سياسيا وأخلاقيا فمن ناحية، هو مصمم على التمسك بالقانون الدولي وتجنب المبادرات الرمزية البحتة. ومن ناحية أخرى، يواجه ضغوطًا محلية ودولية متزايدة للتحرك بحزم مع تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة.
وقال المراقبون انه مع وصول الرأي العام والمطالب البرلمانية إلى مستويات جديدة، يشير القرار النهائي لبريطانيا بالاعتراف بدولة فلسطين فى سبتمبر المقبل إلى تحول كبير في سياستها تجاه الشرق الأوسط وإرثها التاريخي.
سلام دائم
وكشفت داونينج ستريت أن ستارمر طرح أيضًا اقتراحًا أوروبيًا بريطانيًا مشتركًا من أجل سلام دائم في غزة، ناقشه مع كل من ماكرون والمستشار الألماني فريدريش ميرز.
ومع ذلك، فإن الخلفية القانونية لستارمر كمحامٍ سابق في مجال حقوق الإنسان تُلقي بثقلها على نهجه. فقد تخلى عن معارضة الحكومة السابقة لمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق. يؤكد هذا القرار التزامه بالقانون الدولي، ولكنه يُعقّد أيضًا رده على دعوات الاعتراف الفوري.
تعقيدات قانونية
حول هذا الاعتراف أثار مستشار الأمن القومي البريطانى السابق كيم داروش أسئلةً جوهرية: هل هناك حكومة تسيطر على أراضي الدولة؟ هل يُمكن إقامة علاقات دبلوماسية معها؟"
وزعم داروش أن هذه الخطوة سياسية في نهاية المطاف، لكنها محفوفة بتعقيدات قانونية لم تُحل بعد.
اعترافات أوروبية
وقالت الكاتبة الصحفية، هند الضاوي، إن الاعتراف الفرنسي والبريطانى بفلسطين مهم وسيكون له تداعيات إيجابية، مشيرة إلى أن فرنسا وبريطانيا من الدول التي يقاس عليها مدى تفاعل الرأي العام الأوروبي .
ورجحت هند الضاوي عبر صفحتها على فيسبوك، أن يعقب الاعتراف الفرنسي والبريطانى اعترافات أوروبية أخرى بفلسطين.