انتقادات واعتراضات ودعاوى قضائية ..هل يتراجع السيسي عن قانون الإيجار القديم خوفا من ثورة شعبية تطيح بانقلابه ؟

- ‎فيتقارير

 

 

رغم صدور قانون الإيجار القديم وتصديق قائد الانقلاب الدموى عبدالفتاح السيسي عليه ونشره فى الجريدة الرسمية ما يعنى دخوله حيز التنفيذ بداية من الخامس من أغسطس الجارى، إلا أن الانتقادات والاعتراضات تتواصل بشكل متصاعد وهو ما قد يدفع السيسي إلى التراجع عن القانون خوفا من ثورة شعبية تطيح بانقلابه الدموى على أول رئيس مدنى منتخب فى التاريخ المصري الشهيد الدكتور محمد مرسى .

روابط المستأجرين لجأت إلى رفع دعاوى دستورية على قانون وتعديلات حكومة الانقلاب وفى هذا السياق   تلقت المحكمة الدستورية العليا، العديد من الدعاوى الدستورية على نصوص قوانين الإيجار القديم التي لم يتم الفصل فيها.

هذه الدعاوى أجبرت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار بولس فهمى على إعادة الدعوى رقم 90 لسنة 42 دستورية، والتي تطالب بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 من قانون الإيجار القديم الخاصة بحالات طرد المصريين وغير المصريين المستأجرين بنظام الإيجار القديم بعد انتهاء مدة العقد، إلى هيئة المفوضين بالمحكمة لاستكمال التحضير.

 

المادة 18

 

المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 تنص على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:

 ( أ ) الهدم الكلي أو الجزئى للمنشآت الآيلة للسقوط والإخلاء المؤقت لمقتضيات الترميم والصيانة وفقًا للأحكام المنظمة لذلك بالقوانين السارية.

 (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة فى الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية، ولا ينفذ حكم القضاء المستعجل بطرد المستأجر من العين بسبب التأخير فى سداد الأجرة إعمالًا للشرط الفاسخ الصريح إذا ما سدد المستأجر الأجرة والمصاريف والأتعاب عند تنفيذ الحكم وبشرط أن يتم التنفيذ في مواجهة المستأجر.

فإذا تكرر امتناع المستأجر أو تأخره فى الوفاء بالأجرة المستحقة دون مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء أو الطرد بحسب الأحوال.

 

تنازل للغير

 

 (جـ) إذا ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي أو تركه للغير بقصد الاستغناء عنه نهائيًا، وذلك دون إخلال بالحالات التى يجيز فيها القانون للمستأجر تأجير المكان مفروشًا، أو التنازل عنه، أو تأجيره من الباطن، أو تركه لذوي القربى وفقًا لأحكام المادة 29 من القانون 49 لسنه 1977.

 (د) إذا ثبت بحكم قضائى نهائى أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى أو بالصحة العامة أو فى أغراض منافية للآداب العامة.

ومع عدم الإخلال بالأسباب المشار إليها لا تمتد بقوة القانون عقود إيجار الأماكن المفروشة.

 

القيمة الإيجارية

 

من جهة آخرى هناك اعتراضات على التعديلات الجديدة التي من المنتظر أن تغيّر شكل العلاقة التاريخية بين المالك والمستأجر، والتي بدأت منذ أربعينيات القرن الماضي واستمرت حتى الآن خاصة أن هذه التعديلات تفتح الباب لزيادة تدريجية في القيمة الإيجارية، تبدأ من 250 جنيها شهريا وقد تصل في بعض الحالات إلى 1000 جنيه أو أكثر، وفقا لحجم الوحدة وموقعها ونوع استخدامها، سواء سكني أو تجاري.

الأزمة التي بدأها القانون القديم منذ أكثر من 70 عاما كانت تحمل نوايا اجتماعية في بدايتها، حين قررت دولة العسكر فى زمن الانقلابى الأول جمال عبدالناصر تجميد القيمة الإيجارية لحماية الأسر الفقيرة والمتوسطة من الغلاء، لكن استمرار الوضع كما هو دون تطوير تسبب في خلل كبير داخل السوق العقارية، حيث بقيت وحدات كاملة في مناطق راقية مثل وسط البلد والزمالك ومصر الجديدة تُؤجر بعشرة جنيهات أو أقل، بينما تبلغ قيمتها السوقية ملايين الجنيهات.

فى المقابل تزعم حكومة الانقلاب أنها تعمل من خلال قانونها الجديد على وضع جدول تصاعدي للزيادات، ينص على رفع القيمة الإيجارية سنويا بنسبة 15٪ من الإيجار الحالي، وذلك لمدة سبع سنوات في حالة الوحدات السكنية، وخمس سنوات فقط في حالة الوحدات ذات الطابع غير السكني مثل المحال والمكاتب، وبعد انتهاء هذه المدد، تنتهي العلاقة التعاقدية القديمة تماما، ويصبح للمالك الحق في تحديد السعر المناسب أو إنهاء التعاقد حسب ما ينص عليه القانون المدني.

 

زيادات تدريجية

 

في المناطق الشعبية مثل المطرية وشبرا وإمبابة وبعض أجزاء من فيصل، من المرجح أن تكون الزيادة محدودة، حيث تبدأ القيمة الإيجارية بعد التعديل من 250 جنيها شهريا إذا كانت الوحدة صغيرة أو حالتها الإنشائية متوسطة، أما في المناطق ذات القيمة المرتفعة مثل الدقي والزمالك ووسط البلد ومصر الجديدة والشاطبي ومحرم بك بالإسكندرية، فالوحدات التي كانت تؤجر بأقل من عشرين جنيها قد تصل قيمتها الإيجارية الجديدة إلى 1000 جنيه أو أكثر، بحسب المساحة والموقع والقيمة السوقية الحالية.

كما تزعم حكومة الانقلاب أنها  حاولت الحفاظ على الحد الأدنى من الاستقرار للسكان من جهة، وإعادة جزء من الحقوق إلى الملاك من جهة أخرى، من خلال زيادات تدريجية لا تفرض الطرد، لكنها تمهّد لعلاقة أكثر توازنا بعد سنوات من الجمود، ورغم أن التطبيق ما زال في بدايته، إلا أن ردود الأفعال الأولى تكشف عن انقسام واضح بين من يراه خطوة تصحيح ضروري، ومن يعتبره تهديدا لمعيشته واستقراره.