قضاة البيادة… إقحام أكاديمية العسكر في تأهيل القضاة إهانة مهنية وجريمة غير مسبوقة

- ‎فيتقارير

 

 

آثار تخريج دفعة جديدة من المعينين في النيابة العامة بعد استكمالهم دورة تأهيل عسكري بالأكاديمية العسكرية استمرت ستة أشهر. شملت تدريبات على استخدام السلاح، ومهارات الاصطفاف، والرياضات العنيفة، إلى جانب محاضرات في الأمن القومي والشؤون الحربية انتقادات من جانب القضاء وتسببت فى حالة غضب واحتقان فى الأوساط القضائية ظهرت فى تعليقات غاضبة من قبل القضاة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وحذر القضاة من أن هذه الدورات تمثل انتهاكاً لاستقلال السلطة القضائية، وتُحوّل القضاة إلى "عناصر أمنية"، وتضعهم في حالة تبعية رمزية ومعنوية للمنظومة العسكرية على حساب حيادهم ووقارهم. 

 

كان مجلس وزراء الانقلاب قد أصدر قرارا بتاريخ 22 إبريل 2023، ينص على استحداث شرط جديد وغير مسبوق للتعيين في جميع جهات وقطاعات وهيئات الدولة.  

الشرط هو حصول المعينين الجدد – بما في ذلك القضاة – على دورة تأهيل في الأكاديمية العسكرية بالقاهرة لمدة ستة أشهر. وهو شرط طُبق للمرة الأولى في ذلك العام، واستمر في التطبيق في عامي 2024 و2025. ورغم أن سلطات الانقلاب تزعم أن الهدف من هذا التأهيل هو تعزيز الانضباط والوعي الأمني والانتماء الوطني، إلا أن هذه التبريرات لا تُقنع قضاة كثيرين رأوا في الخطوة انتهاكاً لاستقلالهم المهني والرمزي، ومحاولة لإخضاع السلطة القضائية تدريجياً لهيمنة مؤسسات بعينها. 

 

إهانة مهنية

 

من جانبه اعتبر المستشار محمد ناجي دربالة، نائب رئيس محكمة النقض الأسبق وأحد أبرز رموز تيار استقلال القضاء أن الزج بالقضاة الجدد إلى دورات تأهيل عسكري ضمن شروط التعيين، يشكل إهانة مهنية وتاريخية لمنظومة القضاء المصري العريقة. 

 وتساءل دربالة فى تصريحات صحفية: هل نتصور أن من يؤهل للقيام بمسؤولية الفصل في دماء الناس وأموالهم وأعراضهم، يخضع لدورة إعداد عسكري تُنظم خارج أسوار القضاء؟، مشدداً على أن إعداد القضاة مسئولية قضائية خالصة، ولا يجوز، لا قانوناً ولا أخلاقياً، أن تسند هذه المهمة إلى جهة تنفيذية أو أمنية مهما كانت طبيعتها. 

وحذّر من أن تمرير مثل هذه الاشتراطات على القضاة دون مقاومة من مجلس القضاء الأعلى أو الهيئات القضائية المعنية، يُعد تفريطاً في استقلال القضاء.  

وقال دربالة: نحن أمام لحظة فارقة تستوجب موقفاً واضحاً من جميع القضاة الشرفاء، معتبراً أن الصمت هنا جريمة مهنية وتاريخية.  

وأكد أن هذه الخطوة، نقلة غير مسبوقة في مسار التدخل التنفيذي في الشأن القضائي منذ تأسيس القضاء الحديث في مصر عام 1883، موضحاً أنه إذا استُكملت هذه الدورات وأُقر اجتيازها شرطاً لتعيين قضاة فإن كل من يخضع لها يصبح موصوماً بخضوعه لمحتوى معرفي خارج المنظومة القضائية، وبالتالي تسقط عنه الأهلية الحقيقية لاستقلالية الحكم. 

 

جريمة غير مسبوقة

 

واعتبر ناصر أمين، رئيس مؤسسة دعم العدالة بالمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة فرض دورات تدريبية عسكرية كشرط للتعيين القضائي "جريمة" غير مسبوقة في حق السلطة القضائية، مشدداً على أن ما يحدث حالياً يمثل أخطر تهديد لاستقلال القضاء منذ أكثر من سبعة عقود.

وقال أمين فى تصريحات صحفية: اشتراط اجتياز هذه الدورات، يمثل مخالفة صريحة للدستور لا سيما المواد 165 و166 و173، التي ترسخ مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء، محذراً من أن أي تدخل في تعيين أو تدريب أو تأهيل القضاة من قبل السلطة التنفيذية يُعد باطلاً دستورياً .  

 

مبدأ الحياد

 

وأكد المحامي الحقوقي بالنقض والدستورية العليا، صالح حسب الله، أن إقحام الأكاديمية العسكرية في عملية تأهيل القضاة يضرب في عمق المبادئ التي يقوم عليها القضاء المدني.  

وقال حسب الله فى تصريحات صحفية إن القضاء بطبيعته مدني مستقل، لا ينبغي أن يُربط بأي مرجعية أمنية أو عسكرية في بنيته أو تشكيله أو تأهيل أعضائه، محذرا من أن ذلك يمثل إخلالاً مباشراً بمبدأ الحياد المفترض توافره في القاضي .