بظل مرونة لأبعد حدود لحقن دماء الفلسطينيين، وافقت حركة حماس الفلسطينية، على المقترح الذي قدمه الوسطاء في "القاهرة" وقطر، والمتضمن مساراً واضحاً للوصول إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب في قطاع غزة.
وتسلمت حماس مقترحاً مصرياً جديداً، استنادًا إلى المفاوضات السابقة، وبعد تشاور سريع مع الفصائل، أبدت حماس مرونة جديدة، ووافقت على المقترح على عجل وبلا تعديلات، سعياً منها لوقف الحرب، وسحب الذرائع من العدو، وتعطيل مخططاته باحتلال مدينة غزة.
كانت حماس تشترط موافقة العدو أولاً، قبل موافقتها، لمنع العدو من خفض سقف المقترح، وإدخال المفاوضات في جولة تعقيدات ومماطلة جديدة، إلا أنها وافقت في النهاية لسحب الذرائع وسلب العدو أي حجة لمواصلة الحرب.
أهم البنود التي وافقت عليها الحركة كالتالي:
– تعديل خطوط الانسحاب في المناطق السكانية إلى 800 متر.
– إدخال 600 شاحنة يوميا وإدخال مواد الإيواء.
– إطلاق سراح 1700 أسير فلسطيني منهم 1500 من غزة.
– إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب خلال فترة التهدئة ال 60 يوما.
وأشار مراقبون إلى أن موافقة حماس لا تعني الاتفاق، وننتظر موافقة العدو.
بناءً على تحليل مصادر متنوعة، وافقت حماس على مقترحات هدنة رفضتها "إسرائيل" في حوالي 7-8 مرات رئيسية، بما في ذلك 5 تاريخية (1988، 2006، 2008، 2012، 2017) وحالات حديثة مثل يناير 2024 (رفض عرض إنهاء الحرب) ومايو 2024 (قبول مقترح مصري قطري ثم غزو رفح) ومارس 2025 (رفض عرض إفراج عن رهائن). العدد يختلف حسب التحليلات.
ويتضمن المقترح أيضاً تنفيذ عملية تبادل للأسرى خلال فترة التهدئة، بحيث يتم الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين مقابل نصف عدد المحتجزين "الإسرائيليين" لدى المقاومة.
ووافقت حماس على مقترح يتضمن التأكيد على تولي الأمم المتحدة والمؤسسات الإنسانية والهلال الأحمر إدخال وتوزيع المساعدات في غزة.
وأكدت المصادر أن حركة حماس تعتبر هذا المقترح أفضل الخيارات المطروحة حالياً لحماية سكان قطاع غزة وتخفيف معاناتهم.
نقلت مصادر إعلامية من بينها وكالة "رويترز" عن مسؤول في "حماس أن الحركة أبلغت الوسطاء بموافقتها على أحدث مقترح لوقف إطلاق النار في غزة.
وبحسب "الميادين" فإن المقترح ينصّ على انسحاب بعمق ألف متر في مناطق شمال وشرق القطاع باستثناء الشجاعية وبيت لاهيا.
ومقابل الأسرى الـ10 الأحياء تحرير 140 أسيراً فلسطينياً من المؤبدات و60 من المحكومين بأكثر من 15 عاماً.
وينص المقترح على تعديل خرائط إعادة الانتشار شمالاً وشرقاً، حيث يتم إرسال المساعدات إلى قطاع غزة فور دخول الاتفاق حيّز التنفيذ بكميات مكثفة ومنسقة وفقاً لاتفاق 19 يناير 2025.
وتشمل المساعدات الوقود والمياه والكهرباء وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز ومعدات رفع الأنقاض، وتقوم الأمم المتحدة ووكالاتها والهلال الأحمر والمؤسسات الدولية العاملة في غزة بتوزيع باستلام المساعدات وتوزيعها.
وينصّ المقترح على فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين وفقاً للاتفاق السابق، في مقابل كل جثة لقتيل "إسرائيلي" يتم الإفراج عن 10 جثامين من الفلسطينيين.
وينص المقترح على إطلاق سراح كل الأطفال والنساء.
ووصل وفد قيادي من حماس برئاسة د.خليل الحية إلى القاهرة الأربعاء الماضي، يرافقه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة ونائب رئيس الجبهة الشعبية جميل مزهر، حيث تجرى مشاورات يومية مع الجانب المصري.
وأعلن وزير خارجية السيسي؛ بدر عبد العاطي خلال لقائه رئيس وزراء رام الله، محمد مصطفى أن رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني موجود في القاهرة "لتعزيز جهود الوساطة"، مؤكداً أن الوضع في غزة "يتخطى كل ما يمكن تصوّره".
وزار عبد العاطي ومصطفى معبر رفح، حيث شدد الوزير المصري على أن القاهرة تكثّف جهودها مع قطر والولايات المتحدة "لوضع حد لأعمال القتل والتجويع الممنهجة وحقن دماء الفلسطينيين".
وكان عبد العاطي أعلن الأسبوع الماضي أن القاهرة والدوحة وواشنطن تعمل على إحياء هدنة الستين يوماً، بما يشمل الإفراج عن رهائن إسرائيليين ومعتقلين فلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية والطبية بلا عوائق.
واتهمت منظمة العفو الدولية "إسرائيل" بانتهاج سياسة "تجويع متعمدة" في غزة، استناداً إلى شهادات نازحين وأطباء يعالجون أطفالاً يعانون سوء التغذية. كما حذّرت الأمم المتحدة من أنّ القطاع يواجه خطر مجاعة واسعة النطاق في ظل نقص حاد في الماء والطعام والوقود.
وبحسب وزارة الصحة في غزة، أسفرت الحرب منذ بدايتها عن استشهاد 61944 شخصاً على الأقل، غالبيتهم من المدنيين، وهي حصيلة اعتبرتها الأمم المتحدة موثوقة.
وبحسب "رويترز" عن مصدر رسمي مصري: المقترح يتضمن مسارا للتوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب، وقال وزير خارجية السيسي: "المقترح المطروح بشأن غزة قائم على ورقة ويتكوف مع بعض التعديلات"، و"طرحنا أفكارا يمكن أن تنجح إذا كانت هناك إرادة سياسية من إسرائيل".
وزعم بشكل هلامي شكلا لم ينشر عنه، أنه "لا مانع من نشر قوات دولية في غزة ضمن أفق سياسي لتجسيد الدولة".
ويأتي المقترح بعد أكثر من 22 شهراً من فشل جهود الوسطاء في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وبعدما أقرّ المجلس الأمني الإسرائيلي خطة للسيطرة على مدينة غزة شمال القطاع، في ظل تحذيرات دولية من تفاقم الجوع ووصول الأوضاع الإنسانية إلى حافة المجاعة.
وقال المسؤول الفلسطيني لوكالة الصحافة الفرنسية: إن "وفد حماس برئاسة خليل الحية تسلّم المقترح الذي يستند إلى طرح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وينص على هدنة لمدة 60 يوماً وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على مرحلتين" وأضاف أن الطرح يشكّل "اتفاق إطار لإطلاق مفاوضات غير مباشرة بين "إسرائيل" وحماس حول وقف دائم لإطلاق النار"، مشيراً إلى أن الحركة ستجري مشاورات داخلية ومع الفصائل بشأن المقترح.
وأكد مصدر في حركة الجهاد الإسلامي أن الوسطاء المصريين والقطريين نقلوا مبادرة جديدة للفصائل الفلسطينية، تشمل وقفاً مؤقتاً لإطلاق النار لمدة 60 يوماً يتم خلالها إطلاق سراح عشرة إسرائيليين أحياء وتسليم جثث رهائن متوفين، على أن تُستكمل بمفاوضات فورية لصفقة أوسع تضمن التوصل إلى تفاهم حول "اليوم التالي للحرب". وأوضح أن حركته تتعاطى بإيجابية مع المبادرة منعاً لتنفيذ خطة السيطرة الإسرائيلية على غزة ومنع تهجير السكان.
نزع سلاح المقاومة
وفي 14 أبريل الماضي، قال قيادي في حركة حماس للجزيرة: "وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة، وإطلاق نصف سراح أسرى الاحتلال بالأسبوع الأول من الاتفاق، مشيرا إلى أن نقاش نزع السلاح مرفوض جملة وتفصيلا.
السلاح والإدارة
وقال مراقبون: إن "المقترح المصري (السالف في أبريل) هو جزء من "آلة الحرب الإسرائيلية"، فتوقعوا في مخططًا تزامنيا لمزيد من الضغط:
شراسة القصف لأبشع درجة وتعمد ارتكاب مجازر شنيعة.
التلويح بطرد الأسرى المحررين العالقين بالقاهرة.
التوجه لتنفيذ اغتيالات على عدة نطاقات.
استهداف أيقونات بارزة في غزة.
خروج قيادة الاحتلال بمؤتمر صحفي.
زخم في البيت الأبيض وتصريحات ترامب.
عمل اللجان العربية المدعومة "إسرائيليا" بشراسة.
وفي محاولة للتهدئة بعد الطلب المباغت، خرج حينها اللواء سمير فرج يتحدث عن مصالح مصر الاستراتيجية مع المقاومة بل ظهر بحضور الذراع الأمني أحمد موسى، على قناة "صدى البلد" وقال اللواء أركان حرب سمير فرج، كمدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق: إن "حركة المقاومة الفلسطينية حماس كان لها دور محوري في إعادة إحياء القضية الفلسطينية، رغم التضحيات الكبيرة، مستشهدا بتضحيات الجزائر في سبيل استقلالها".
وأشاد "بالمرونة اللي أبدتها حركة حماس تجاه مصر بالموافقة على مقترح إدارة قطاع غزة بعد الحرب بترشيح 13 شخصية؛ ليس من بينهم أعضاء في الحركة".
وأثنى فرج وهو أستاذ السيسي، والمتحدث غير الرسمي باسم "النظام"، على حركة حماس وقتالها "الشجاع" وحثها على مزيد من المرونة مع حل مصر للأزمة في غزة.
إلا أن التصريحات الإيجابية لسيادة اللواء تزامنت مع حملة نظمتها صحف المتحدة ومنصاتها الفضائية الأخرى كجريدة الدستور التابعة للشركة المتحدة المملوكة للمخابرات العامة، والتي حملت على الفصائل الفلسطينية وعلى داعمي القضية الفلسطينية في الداخل المصري.!
وكان حديث قبل أسبوع عن إدارة عسكرية وأمنية مصرية لقطاع غزة بحيث يتم نشر قوات أمن مصرية داخل غزة ما كشف أن السيسي هو أكبر كنز إستراتيجي للصهاينة، فهو الذي قدّم لهم؛ محاصرة غزة وإغلاق الأنفاق وإغراقها بالمياه وتهجير أهل سيناء والمشاركة في صفقة القرن، فهل يمكن أن يكون يومًا ناصرًا لفلسطين؟
وأكدت وسائل إعلام صهيونية أن مصر شرعت في تنفيذ خطة أمنية شاملة في قطاع غزة، تتضمن تدريب مئات الفلسطينيين لتولّي المسؤولية الأمنية في القطاع عقب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقالت مجلة “إيبوك” الإسرائيلية، في تقرير نشرته مؤخراً: إن "القاهرة وضعت تصوراً مفصلاً لاستعادة السيطرة على غزة، مدعوما بتأييد عربي ودولي، يهدف إلى تمهيد الطريق لعودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع بسيادة كاملة، وتهيئة المناخ لإحياء عملية سياسية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة".
وأشارت المجلة إلى أن تنفيذ هذه الخطة مرتبط بشكل مباشر بتحقيق هدنة شاملة ووقف كامل لإطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن نتنياهو قوله إن “العمليات بطريقتها الحالية في غزة فاشلة، ولم تؤدِ إلى إعادة المخطوفين”، مؤكدا أن إسرائيل “تريد هزيمة حركة حماس وليس تخليدها”.
وقال نتنياهو، في مقابلة سابقة مع قناة “فوكس نيوز” الأميركية، إنه "لا نية لديه للاحتفاظ بالقطاع وحكمه، وإن إسرائيل تريد تسليمه لقوات عربية لا تهددها".
ومن جانبه، علق ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، على التقارير الإعلامية بشأن وجود مقترح أمريكي "إسرائيلي" مشترك لوضع قطاع غزة تحت إدارة دولية، أن "الشعب الفلسطيني هو صاحب القرار، مشددا أن "ما يرتضيه الفلسطينيون، من السلطة الفلسطينية وممثلو شعب غزة – بغض النظر من هم – فمصر ستوافق عليه".
وأشار "رشوان" إلى أن الاقتراح المصري والذي جرى قبوله تمثل في تشكيل لجنة تسيير لإدارة القطاع بعد وقف إطلاق النار، على أن يصدر قرارها من السلطة الفلسطينية بمشاركة من مستقلين فلسطينيين.
وقال: "مصر تعلم جيدًا أن قطاع غزة لن يقبل أن يُدار وهو في حالة احتلال وجوع وقتل من لا يعرفهم، مشددا أن الإدارة الدولية لغزة تكاد تصل إلى مرحلة من الصعوبة الشديدة جدًا".
وأضاف، "زمن الإدارة المصرية ولى، ومصر أول من يدرك هذا ولا تسعى إلى ذلك، من لديهم تصور بأن مصر يمكن أن تقوم مقام "إسرائيل" في غزة، فمصر لن تقوم هذا المقام أبدًا".
وأوضح أن دور مصر عام 1948 باستلامها قطاع غزة بعد الهدنة؛ كان على سبيل العهدة، متابعا: "لا يوجد أي أساس، لا تاريخي ولا موضوعي، للعودة لهذا الدور"، في الوقت الذي تدعو فيه مصر ودول العالم لإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال اللواء أ.ح خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، والقائد السابق للجيش الثاني الميداني ورئيس هيئة الاستخبارات العسكرية الأسبق في رده على سياق سؤال يشير إلى أي تعدي إسرائيلي على الأرضي المصرية: إن "أي محاولة للمساس بالحدود المصرية، من أي جهة كانت وعلى أي مستوى، ستُقابل برد مصري حاسم ومفاجئ، تتجاوز تداعياته ما هو مُعلن إلى ما هو غير مُعلن أيضاً، وإن من تسوّل له نفسه الاقتراب، لن يلوم إلا نفسه".
وأضاف بثقة: “أطمئن الجميع، لا أحد يجرؤ حتى على مجرد التفكير في ذلك.”
وقال السيسي: إن "مصر لم تغلق معبر رفح أمام المساعدات المتجهة إلى قطاع غزة، مشيرا إلى أن المعبر دُمر 4 مرات خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع وأن مصر قامت بترميمه".
ووصف السيسي -خلال مؤتمر صحفي في القاهرة مع الرئيس الفيتنامي لونغ كوونغ- الحديث عن مشاركة مصر في حصار قطاع غزة بأنه “إفلاس” و”كلام غريب”.
وقال: إن "هناك أكثر من 5 آلاف شاحنة مساعدات في الأراضي المصرية مستعدة للدخول إلى غزة، لكن "الجانب الإسرائيلي يسيطر ومتمركز على الجانب الآخر بالجهة الفلسطينية في معبر رفح”، وفق قوله. وأضاف أن “مصر لم تتخل عن دورها في إدخال المساعدات الإنسانية لأهالي قطاع غزة أو تشارك في حصار القطاع".
وزعم السيسي أن "التاريخ سيتوقف كثيرا وسيحاسب ويحاكم دولا كثيرة على موقفها في هذه الحرب”، مؤكدا أن هناك “إبادة ممنهجة للقطاع وتصفية للقضية الفلسطينية". قائلا إنه "وجه سابقا نداء للعالم والدول الأوروبية والرئيس الأميركي دونالد ترامب للتدخل من أجل إيقاف الحرب".
وأدعى أن الحرب في غزة لم تعد حربًا لتحقيق أهداف سياسية أو إطلاق سراح رهائن بل أصبحت حربًا للتجويع والإبادة وتصفية القضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أن مصر لن تكون بوابة لتهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه.