مقارنة فاضحة ..استقالة وزير خارجية هولندا لرفضه إجرام “إسرائيل”… ونظيره المصرى يستعين بالبلطجية لقمع المتضامنين مع غزة

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يوضح الفارق الجوهري بين السياسة في أنظمة ديمقراطية وأخرى استبدادية، قدّم وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب استقالته من منصبه لأنه فشل في إقناع حكومته بفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي. الرجل قال بوضوح إنه لا يملك الثقة في قدرته على العمل خلال الفترة المقبلة، فانسحب بشجاعة سياسية واحترام للرأي العام.

 

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي خلال اجتماع بالقاهرة 17/10/2024 Getty

التسريبات المرئية لعبد العاطى

في المقابل، تكشف التسريبات المرئية لوزير خارجية سلطة الانقلاب في  مصر المدعو "بدر عبد العاطي" – وهو يحرض موظفي السفارات على "تأديب" وضرب المتظاهرين المتضامنين مع غزة أمام البعثات الدبلوماسية – حجم الانحطاط السياسي الذي وصلت إليه الدبلوماسية العربية. فبدلاً من أن ينشغل وزير الخارجية بفتح معبر رفح أمام قوافل الإغاثة التي يمكن أن تنقذ آلاف الأطفال من المجاعة، ينشغل بإصدار أوامر للبعثات المصرية خارج البلاد بقمع الاحتجاجات السلمية، حتى ولو كانت لأجل غزة.

 

 

وشدد عبد العاطي فى التسريب على ضرورة تصدي السفراء للمتظاهرين حول الأسوار وداخل السفارات المصرية بالخارج، مؤكدا حمايته لأي مسؤول مصري ينفذ أوامره ونقله إلى المكان الذي يفضل العمل به، في حالة تعرضه لمشاكل مع الدول المستضيفة. وروّجت المواقع والصحف الرسمية بكثافة على مدار الساعات الماضية لحديث الوزير، الذي بدا وكأن هناك قرصنة سيبرانية استهدفت الهواتف التي تربط بين وزير الخارجية والسفراء بالخارج، بينما أكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" أن الحوار صُور بمكتب الوزير أثناء مكالمته مع السفير، وانتشر بصورة غير رسمية لأهداف محددة.

 

وجاء الحوار المصور بين الوزير والسفير في إطار محادثة عبر دائرة فيديو كونفرانس مغلقة، للقاء مع عدد من السفراء المصريين بالخارج، وظهر وزير الخارجية المصري منفعلا خلال اتهامه سفير بلاده في هولندا بالتقصير في حماية السفارة، معتبرا أن ما شهدته السفارة في لاهاي، منذ أيام، هو ما شجع على محاولة تكرار الأمر نفسه في دول أخرى، قائلا: "إن جميع الأجهزة في مصر مستاءة مما حدث في هولندا"، وإنه أكد أكثر من مرة أن "من يحاول لمس باب أي سفارة يجب أن يحاسب". وأضاف "أنا أقول هذا الكلام على مسؤوليتي وأنا وزير الخارجية، من يحاول وضع قفل على باب السفارة أو وضع دهان (طلاء) عليه، يتم الإمساك به وتقييده ووضعه داخل السفارة واستدعاء الشرطة. غير مقبول أن يمس أحد جدار السفارة، وأنا فعلت هذا الأمر وأنا في بروكسل في عز الفوضى في 2012".

وقال وزير خارجية الانقلاب الفاظ نابية  نعتذز عن ذكرها ولكنها موجودة فى الرابط التالى :

 

https://x.com/sadamisr25/status/1955681842591379659?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1955681842591379659%7Ctwgr%5E7e9c3f9b784f19d2c4e1d09204febe7cba048c0d%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.alaraby.co.uk%2Fpolitics%2FD8ADD8AFD98AD8AB-D985D8B3D8B1D991D8A8-D984D988D8B2D98AD8B1-D8A7D984D8AED8A7D8B1D8ACD98AD8A9-D8A7D984D985D8B5D8B1D98A-D98AD8B7D8A7D984D8A8-D8A7D984D8B3D981D8B1D8A7D8A1-D8A8D8A7D984D8AAD8B5D8AFD98A-D984D984D985D8AAD8B8D8A7D987D8B1D98AD986 

اليوم، بينما تُعلن الأمم المتحدة رسمياً وقوع مجاعة في غزة، يقف وزراء الخارجية العرب صامتين، أو متواطئين، أو منشغلين بترديد الرواية الإسرائيلية–الأمريكية. وفي الحالة المصرية، يصبح إغلاق معبر رفح، رغم ما فيه من تجويع جماعي، أداة ضغط سياسية بيد النظام، بلا اكتراث لدموع الأمهات وصراخ الجوعى في القطاع.

الفرق بين فيلدكامب ونظرائه العرب ليس مجرد فرق في السلوك الفردي، بل هو تجسيد لفارق جوهري بين أنظمة ديمقراطية تتيح المحاسبة وتفرض الاستقالة عند الفشل، وبين أنظمة استبدادية تعتبر الوزارات أدوات قمع وتضليل. في حين يربط وزير هولندي مصيره السياسي بقدرته على مواجهة إسرائيل، يربط وزراء العرب مصيرهم برضا الحاكم، حتى لو كان الثمن دماء الفلسطينيين.

الفرق هنا ليس مجرد أسلوب شخصي، بل انعكاس لطبيعة النظام السياسي. في هولندا، يدفع الفشل وزيراً إلى الاعتراف بعجزه والرحيل، لأن الديمقراطية لا تعطي حصانة لأحد. أما في مصر، فحتى التسريبات الفاضحة التي تبرهن على تورط وزير في التحريض على العنف لا تفتح باباً للمساءلة أو الاستقالة، لأن الوزارة ليست سوى أداة بيد النظام الحاكم.

 

المقارنة تكشف الحقيقة فى جمهوريات الموز العربية

في الديمقراطيات، حتى وزير عاجز يرحل بشرف. أما في الأنظمة العربية، فالوزير يبقى، مهما كان الثمن، حتى لو كان ذلك دماء أطفال غزة.

أما في العواصم العربية، فالمشهد معكوس تماماً. وزراء الخارجية لا يغادرون مناصبهم مهما تلطخت سمعتهم أو انكشفت فضائحهم. التسريب الشهير لوزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، وهو يحرض موظفي السفارات على ضرب المتظاهرين في الخارج، يعكس طبيعة وظيفة "الدبلوماسية" العربية: ليست الدفاع عن قضايا الأمة، ولا حتى عن مصالح الشعب، بل خدمة النظام القابع في القصر، ولو تطلب الأمر التغطية على حصار خانق يقتل أطفال غزة جوعاً.