رغم أن نظام الانقلاب يقيادة عبدالفتاح السيسي يوجه كل طاقاته لتنفيذ املاءات صندوق النقد الدولى من أجل الحصول على مزيد من القروض والزعم بأنه يسير فى برنامج لإصلاح الاقتصاد والحصول على ثقة المؤسسات الدولية إلا أنه فشل فى تحقيق ما يعلن عنه رغم الانعكاسات السلبية التى سببها هذا البرنامج على المصريين وتراجع مستوى معيشتهم بصورة غير مسبوقة بسبب تنفيذ هذه الاملاءات .
برنامج الطروحات الحكومية يعد شرطا أساسيا ضمن اتفاق الانقلاب مع صندوق النقد ، حيث يطالب الصندوق بتعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات وتوفير العملة الصعبة، عبر تخارج دولة العسكر من العديد من أصولها وشركاتها. إلا أن الواقع على الأرض يشير إلى مسار ملىء بالتعثر والتأجيل، وهو ما يؤكد فشل حكومة الانقلاب فى الوفاء بالتزاماتها، ويضع علاقتها بصندوق النقد على المحك وهو ما دفع الصندوق إلى تأجيل المراجعة الخامسة لبرنامجه فى مصر حتى تبيع عصابة العسكر عددا من الشركات العامة,
يشار إلى أن برنامج الطروحات توسع ليشمل 35 شركة وأصولاً قابلة للزيادة. وتعهدت حكومة الانقلاب لصندوق النقد الدولى ببيع حصص فى أربعة أصول أو أكثر بقيمة 3.6 مليار دولار خلال العام المالى 2024/2025، وهو هدف، لم يتحقق حتى الآن .
عزوف المستثمرين
من جانبه قال خبير أسواق المال الدكتور حسام الغايش، ان برنامج الطروحات هو خطة أطلقتها حكومة الانقلاب لبيع حصص من شركات مملوكة للدولة فى البورصة أو لمستثمرين استراتيجيين، تحت ذريعة تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وسد فجوة التمويل وتحسين مؤشرات المالية العامة، وزيادة كفاءة إدارة الأصول العامة، مؤكدا أنه رغم الإعلان الرسمى عن هذا البرنامج فى عام 2018، إلا أن وتيرة تنفيذه كانت بطيئة للغاية.
وأضاف «الغايش» فى تصريحات صحفية : رغم الزخم الإعلامى والدعم الحكومى للبرنامج، إلا أن تنفيذه يواجه عدة عقبات رئيسية، تتمثل فى أربع نقاط محورية، منها تقييم الأصول وتسعيرها، حيث إن بيع الأصول الحكومية يواجه صعوبات فى التسعير العادل بسبب تقلبات سعر الصرف وتفاوت التقييمات بين حكومة الانقلاب والمستثمرين لافتا إلى أن هذا التباين يؤدى فى كثير من الأحيان إلى تأجيل الصفقات أو إعادة التفاوض عليها .
وأوضح أن من ضمن العقبات التى تواجه تنفيذ البرنامج عزوف المستثمرين الأجانب، فقبل تحرير سعر الصرف فى مارس 2024، كان هناك تحفظ من المستثمرين على ضخ أموال فى السوق المصرية، نتيجة عدم استقرار السياسات النقدية وسوق الصرف، وغياب وضوح الرؤية مشددا على أنه رغم التعويم، فإن آثار عدم الاستقرار السابق لا تزال قائمة، بالإضافة إلى بيروقراطية اتخاذ القرار، فلا يزال بطء الإجراءات والتنسيق بين الجهات الحكومية المختلفة المعنية بالطروحات (مثل وزارة مالية الانقلاب، قطاع الأعمال العام، والهيئة العامة للرقابة المالية) يمثل عائقاً كبيراً. هذه البيروقراطية تعيق سرعة إنجاز الصفقات وتزيد من تكلفة الوقت والجهد.
وأعتبر «الغايش» أن أولويات حكومة الانقلاب فى إدارة الأزمة الاقتصادية، تعد ضمن أبرز تلك العقابات، فى ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة من تضخم ونقص فى العملة الصعبة، موضحا أن الأولوية كانت لتوفير النقد الأجنبى وتمويل الواردات، مما جعل تنفيذ الطروحات فى بعض الأوقات مسألة مؤجلة أو مؤقتة، وهذا يعنى أن الضغوط الاقتصادية اليومية قد طغت على الأهداف الاستراتيجية طويلة الأجل للبرنامج.
30 شركة
وكشف أن صندوق النقد وضع تنفيذ برنامج الطروحات كأحد الشروط الرئيسية لتمويله البالغ 3 مليارات دولار، ثم ارتفع لاحقا مع الحزمة الجديدة فى 2024 إلى ما يزيد على 8 مليارات، موضحا أن من أهداف الصندوق من هذا الشرط، تقليص حجم دولة العسكر فى الاقتصاد لصالح القطاع الخاص، وتحسين مناخ الاستثمار، ورفع كفاءة استخدام الموارد، وضمان توفير تدفقات دولارية عبر بيع أصول استراتيجية، وتُقيم بعثات الصندوق تقدم حكومة الانقلاب دورياً، وتعتبر تنفيذ برنامج الطروحات كأحد مؤشرات الإصلاح الرئيسية فى هذه التقييمات، مما يربط بشكل مباشر بين وتيرة الطروحات وصرف شرائح التمويل.
وأشار «الغايش» إلى أنه منذ توقيع الاتفاق مع صندوق النقد فى أواخر 2022، تم الإعلان عن قائمة أولية تشمل أكثر من 30 شركة مستهدفة للطرح. وشهدت الفترة اللاحقة تنفيذ أو التقدم فى تنفيذ عدد محدود من هذه الطروحات أو الصفقات، شركة إيثيدكو: بيع حصة لشركة ADQ الإماراتية بقيمة 400 مليون دولار، الشركة الوطنية لتعبئة المياه (صافى): بيع حصة لتحالف سعودى بقيمة 150 مليون دولار، والوطنية للبترول: بيع حصة لمجموعة أدنوك ADQ بقيمة 500 مليون دولار، وفودافون مصر (حصة المصرية للاتصالات): بيع جزئى لمستثمرين فى البورصة (القيمة غير معلنة)، وبنك القاهرة: شهد تأجيلاً ثم إعادة تجهيز للطرح فى البورصة أو لمستثمر استراتيجى، بقيمة متوقعة تتجاوز 500 مليون دولار، والمصرية لإنتاج الإيثيلين والمصرية لتكرير البترول (ERC): ,كلتا الشركتين قيد الاستعداد أو الدراسة للطرح.
وأكد أنه إجمالاً، تم الإعلان عن بيع حصص أو التفاوض فى حوالى 14 شركة منذ منتصف 2023، مع تقدم متفاوت وهذا يعكس أن البرنامج يسير بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً.
وقال «الغايش» إن من ضمن مخاوف وتحديات البرنامج، إعادة إنتاج «الاحتكار»، حيث إنه إذا لم يتم الإصلاح المؤسسى الحقيقى مع الطرح، قد يُعاد إنتاج «الاحتكار» لكن فى يد مستثمر جديد، بدلاً من خلق بيئة تنافسية حقيقية، وربما قد تركز بعض الطروحات على مجرد بيع الأصول لتوفير السيولة، دون أن يصاحب ذلك إعادة هيكلة فعلية للشركات، مما يقلل من الفائدة المرجوة على المدى الطويل، بالإضافة إلى استحواذ كيانات أجنبية على قطاعات استراتيجية: حيث تثار مخاوف بشأن استحواذ هذه الكيانات على حصص كبيرة فى قطاعات تعتبر استراتيجية، مما يتطلب توازناً دقيقاً بين جذب الاستثمار وحماية المصالح الوطنية.
الطروحات الحكومية
وقال الخبير الاقتصادى الدكتور السيد خضر إن صندوق النقد يعتبر الطروحات الحكومية بمثابة حجر الزاوية لتحقيق الإصلاح الاقتصادى وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلى مشيرا إلى أنه منذ عام 2014، بدأت دولة العسكر تنفيذ املاءات الصندوق بزعم تعزيز دور القطاع الخاص ومساهمته فى التنمية الاقتصادية لتتخطى 70% من قيمة المشروعات، بالإضافة إلى تحسين كفاءة الأصول الحكومية ودعم استقرار الاقتصاد الكلى.
وأضاف «خضر» فى تصريحات صحفية أن هذه الطروحات تتضمن بيع حصص فى شركات مملوكة للدولة أو طرحها فى البورصة، بهدف توفير النقد الأجنبى، وتقليل الدين العام، وتحفيز النمو الاقتصادى، مؤكدا أن صندوق النقد يُعتبر تسريع الطروحات شرطاً أساسياً لاستكمال برامج التمويل والحصول على التدفقات الدولارية.
وكشف أن هذا البرنامج يواجه تحديات عديدة أدت إلى تأخره، مما أثر على تحقيق الأهداف الاقتصادية المتوقعة، مشيرا إلى عدم استقرار سعر الصرف، وبطء الإصلاحات، والصراعات الإقليمية فى منطقة الشرق الأوسط والحروب المستمرة، كعوامل رئيسية وراء هذا التأخير، بالإضافة إلى تحسن تدفق العملة الدولارية خلال الفترة الأخيرة مع زيادة تحويلات العاملين فى الخارج مما له تأثير فى تأجيل طرح الطروحات.
وأوضح «خضر» أن أهمية الطروحات الحكومية من وجهة نظر الصندوق تكمن فى تعزيز دور القطاع الخاص، من خلال زيادة مشاركته فى الاقتصاد وتحسين كفاءة الأصول الحكومية، وجذب الاستثمار الأجنبى المباشر، وتتنوع أشكال الطروحات لتشمل الطرح فى البورصة المصرية (كشركات البتروكيماويات والصناعات الدوائية)، وطرح حصص لمستثمرين استراتيجيين (مثل صفقة رأس الحكمة)، وشراكات القطاع الخاص والعام (فى إدارة المطارات ومحطات الطاقة المتجددة)، بالإضافة إلى طروحات شركات تابعة للقوات المسلحة (مثل «وطنية» و»صافى»)، والتركيز على القطاعات غير الاستراتيجية كالصناعات الدوائية والبنوك.
وطالب بضرورة تعزيز الشفافية، وتسريع الإصلاحات، وتحسين مناخ الاستثمار لتحقيق أهداف الطروحات الحكومية التى كان من المفترض أن تسهم فى تقليل الدين، تعزيز النمو، ودعم التنمية المستدامة فى مصر