كشفت بيانات رسمية عن زيادة ضخمة في واردات مصر من الغاز الطبيعي خلال النصف الأول من العام وصلت إلى معدل 55% زيادة عن النسبة الطبيعية من العام الفائت، في خطوة استباقية لتأمين احتياجات السوق المحلي وتعويض الانخفاض الملحوظ في الإنتاج المحلي، وذلك عبر صفقات إستراتيجية وحلول لوجستية عاجلة.
أظهرت البيانات تبايناً حاداً بين الإنتاج المحلي والواردات خلال النصف الأول من عام 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث الواردات قفزت بنسبة 55% لتصل إلى 8.65 مليار متر مكعب والإنتاج المحلي تراجع بنسبة 19% ليصل إلى 21.13 مليار متر مكعب.
هذا في الوقت الذي أكد فيه خبراء أن هناك خداعا رسميا واضحا من حكومة السيسي في مقارنة سعر الغاز المستورد من إسرائيل في صورة غازية بأنه نصف السعر العالمي للغاز، بينما السعر العالمي المذكور هو للغاز المسال، بينما السعر العالمي للغاز غير المسال (حوالي ٣ دولار) هو في واقع الأمر أقل من نصف سعر الغاز الاسرائيلي (المعهد المصري للدراسات)
وقال مراقبون: إن "هناك فرقا بين سعر شراء الغاز لمصر من الكيان وسعره من السوق العالمي المُسال ، وأن فرق السعر ٥٠% أقل لسعر شراء الغاز من الكيان عنه في السوق العالمي المسال، وأن مصادر هذه الحقيقة كانت 17 مصدرا عالميا ومحليا ومتخصصا في شؤون الغاز .
إلا أن الجزم أنه "في نفس الوقت لا يوجد لدى مصر مصدر آخر لاستيراد الغاز غير المسال، إلا من "إسرائيل"، هو محض ادعاء مع وجود قطر والجزائر، فضلا عن روسيا فضلا عن المنصات العالمية التي يمكن أن تقدم الغاز الأسترالي المسال بسعر أقل، وعلى سبيل المثالي ففي26 يونيو 2024 ، نقلت "رويترز" عن مصادر: "ترسية عطاء مصري لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعي المسال للتسليم خلال الصيف بعلاوة 1.6-1.9 دولار عن السعر القياسي لمنصة تجارة الغاز الهولندية".
وهناك موردون عالميون، حيث تم توقيع صفقات مع شركات كبرى مثل أرامكو السعودية، ترافيجورا، وفيتول وبالنسبة لغاز الكيان مددت حكومة السيسي " اتفاقية ليفياثان" القائمة منذ 2019 لتوريد الغاز.
وبالنسبة لسفن التغويز، تعاقدت حكومة السيسي مع 3 سفن تغييز عائمة لضخ نحو 2.25 مليار قدم مكعب يومياً في الشبكة القومية للغاز.
وقال نهاد إسماعيل الكاتب المتخصص في شؤون النفط و الغاز" لـ "الشرق": إن "حل أزمة نقص إمدادات الغاز في مصر قد تستغرق نحو 5 سنوات".
وتناول مثالب تمديد اتفاق استيراد الغاز مع "الإسرائيلي" والتي تبدو مقنعة للشخص المحايد، إلا أن وجهة النظر تلك لا تأخذ في الاعتبار الفوائد الإستراتيجية التي تقدمها مصر للكيان الصهيوني في هذا الوقت الحرج، ومنها:
1. لا يستطيع الكيان بصورة عملية حالياً تصدير الغاز إلا إلى مصر (والأردن) نظرا لعدم وجود خطوط أنابيب تنقل الغاز لأماكن أخرى مع صعوبة إنشائها بشكل اقتصادي لعوامل طبيعية وجغرافية، فضلاً عن عدم توافر إمكانيات لتسييل الغاز وتصديره. هذا يعني أن مصر تمد الكيان بخط الحياة رغم كل ما يقوم به في الوقت الراهن من جرائم.
2. مصر باتفاق مثل هذا، ورغم أنها قد تدفع أقل مما يمكن أن تدفعه للحصول على الغاز من مصادر أخرى، بما فيها الغاز المسال ثم تغويزه، فهي ترهن نفسها استراتيجياً تحت رحمة الكيان، الذي يمكن لأسباب واهية أن يغلق المحبس أو يفتحه، كما حدث مثلاً العام الماضي بحجة العطل الفني، فانقطعت الكهرباء ١٢ ساعة فجأة في مصر بالكامل.
3. لا ننسى أن هذا الغاز (والقبرصي أيضاً) هو بالأصل غاز من حق مصر، تنازلت عنه بعملية مريبة منذ ٢٠٠٣ عندما وقّعت بسرعة اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع قبرص.
هذا الاتفاق بالتالي سيكرّس تنازل مصر عن أي حقوق قد تطالب بها مستقبلاً في هذا الغاز بعد أن أقرّت بشرائه لسنوات طويلة، بحسب كشف تقرير "للمعهد المصري".
صفقة ال 35 مليار دولار تمتد حتى عام 2040، أثارت تساؤلات بشأن تداعياتها على الأمن القومي، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط، وتزامن الإعلان مع إعلان الاحتلال الإسرائيلي عن خطتها لاحتلال قطاع غزة بشكل كامل.
وقال "الاشتراكيين الثوريين": إنهم "يرفضون استيراد الغاز من إسرائيل،؛ لأن الصفقة تصعيداً اقتصادياً لتقوية الاحتلال في ذروة المجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية في غزة، والتي تشمل استهداف المدارس والمستشفيات".
واضافوا أن "الدعم الحقيقي لغزة يتم عبر مقاطعة الاحتلال ووقف استيراد الغاز منه، وفتح المعابر، والإفراج عن المعتقلين في حملات التضامن مع الفلسطينيين".
وذكر بيان الاشتراكيين أنه في الوقت الذي يتعرض فيه قطاع غزة لإبادة جماعية على يد الاحتلال الصهيوني، وفيما تُقصف المدارس والمستشفيات وتُدفن العائلات تحت الأنقاض، أعلن نظام عبد الفتاح السيسي توقيع أضخم صفقة غاز في تاريخ العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني، لتكون مكافأة علنية للمجرم نتنياهو وهو يغرق القطاع في الدم.