حرية الصحافة بين المنقلب والمنتخب “.. “السيسى “حبس صحفي انتقد تراكم القمامة و”مرسى “أوقف تنفيذ حكم قضائي لصحفى سبّه شخصيًا ؟!

- ‎فيتقارير

 

لم يعد الحديث عن تراجع الحريات الصحفية في مصر يحتاج إلى كثير من الأدلة، فها هو صحفي بمؤسسة «أخبار اليوم»، إسلام الراجحي، يجد نفسه ملاحقًا قضائيًا ومحتجزًا لمجرد منشور على «فيسبوك» انتقد فيه تراكم القمامة في قريته بدمياط ، رغم  نفاقه للنظام الانقلابى . الواقعة التي أثارت جدلًا واسعًا تعكس كيف باتت الكلمة البسيطة حول خدمات محلية كافية لتجر صاحبها إلى أقسام الشرطة وساحات المحاكم.

 

المفارقة أن المؤسسة الصحفية نفسها يرأس مجلس إدارتها الصحفي إسلام عفيفي، الذي وقف في مواجهة حكم قضائي بالحبس بسبب اتهامات بـ«سب الرئيس الشهيد الدكتور  محمد مرسي» إبان ولايته. لكن الرئيس المدني المنتخب آنذاك أصدر إعلانًا دستوريًا يوقف حبس الصحفيين في قضايا النشر، لينقذ عفيفي ـ الذي كان يهاجمه شخصيًا ـ من السجن.

 

اليوم، وبينما يجلس عفيفي على مقعد الإدارة العليا لـ«أخبار اليوم»، يتعرض زميله الراجحي للسجن بسبب نقد رئيسة وحدة محلية، في ظل حكم المنقلب السفيه  عبد الفتاح السيسي الذي ضاق ذرعًا حتى بانتقاد تراكم القمامة في القرى.

 

المشهد يختزل الفارق بين نهجين: رئيس مدني يوقف حبس صحفي شتمه شخصيًا، وعسكري منقلب  لا يسمح بانتقاد موظفة محلية، لتصبح الحريات الصحفية في مصر ـ كما يصف مراقبون ـ «الفرق بين الثرى والثريا».

مرة جديدة تكشف واقعة القبض على الصحفي إسلام الراجحي، عضو مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، حجم التراجع غير المسبوق في مساحة الحريات الصحفية بمصر في عهد المنقلب السفاح  عبد الفتاح السيسي. فبمنشور بسيط على "فيسبوك" ينتقد فيه تراكم القمامة وغياب الخدمات بقرية ميت الشيخ بدمياط، وجد نفسه رهن الحبس، وبأمر من رئيسة وحدة محلية، التي رأت في انتقاده "سبًا وقذفًا"، ليحال مباشرة إلى محكمة الجنايات.

 

إسلام عفيفى يكتب: الناشطة المثالية.. واستراتيجية الخائب

إعلانًا دستوريًا استثنائيًا أوقف بموجبه تنفيذ حكم قضائي

المفارقة الفجّة أن هذه المؤسسة الصحفية نفسها يرأس مجلس إدارتها حاليا الصحفي إسلام عفيفي، الذي اشتهر بسبّ وقذف أول رئيس مدني منتخب، الدكتور محمد مرسي، في مقالات علنية. وقتها، لم يتدخل مرسي للانتقام من "إسلام عفيفى "الذي أساء إليه شخصيًا، بل أصدر إعلانًا دستوريًا استثنائيًا أوقف بموجبه تنفيذ حكم قضائي بحبس عفيفي، حماية لمبدأ حرية الصحافة ومنعًا لحبس أي صحفي في قضايا النشر.

 

وما يزيد المشهد عبثية، هو الرواية الرسمية لوزارة التنمية المحلية، التي حاولت تبرير القبض على الصحفي بأنه بسبب "خلافات عائلية وأحكام قضائية سابقة"، في الوقت الذي أكد فيه نقيب الصحفيين خالد البلشي أن القضية برمتها مرتبطة بانتقادات نشرها الراجحي عبر حسابه الشخصي. البلشي أشار كذلك إلى أن استمرار حبسه عقوبة مقنّعة، وليست مجرد إجراء احترازي.

 

القصة تكشف باختصار الفارق بين نهجين: رئيس جاء عبر انتخابات حقيقية ففضّل أن يحمي حرية خصومه، ورئيس جاء بانقلاب عسكري لا يطيق منشورًا على "فيسبوك" يتحدث عن القمامة. إنه فرق بين "الثرى والثريا"، وبين زمن كان الصحفي فيه يسب الرئيس علنًا دون خوف من السجن، وزمن يُعتقل فيه الصحفي لأن رئيسة وحدة محلية لم يعجبها منشوره.

إنها مقارنة تفضح كل شيء: رئيس مدني يَحتمل الشتيمة في شخصه، وعسكري لا يتحمل نقد موظفة محلية. حقًا، كما يقول المثل: «الفرق بين الثرى والثريا»… لكن في مصر السيسي، صار حتى «القمامة» جريمة رأي!