تعثر الطروحات العامة.. السيسي يدوّر أصول الدولة لإرضاء العسكر وصندوق النقد والشعب يدفع الثمن

- ‎فيتقارير

 

 

قبل وصول بعثة صندوق النقد الدولي لمراجعة التزامات مصر، سارعت حكومة السيسي إلى ما تسميه "إصلاحات هيكلية" في ملف بيع الأصول العامة، لكن ما جرى لم يكن سوى عملية تدوير ملكية شكلية، حيث نُقلت الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام إلى شركات وأجهزة سيادية تابعة للجيش والشرطة، في التفاف مكشوف على شروط الصندوق المتعلقة بزيادة مشاركة القطاع الخاص.

 

بهذه الخطوة، يضمن السيسي استمرار ولاء الجيش والأجهزة الأمنية، عبر منحها السيطرة على شركات ضخمة وأراضٍ استراتيجية، في وقت يغرق فيه الاقتصاد بالديون غير المسبوقة، ويعجز النظام عن توفير الدولار أو إنعاش السوق.

 

بيع بخس.. وتمليك للعسكر

 

نقلت الحكومة أصول الشركة العربية لاستصلاح الأراضي إلى جهاز "مستقبل مصر" التابع للقوات الجوية، بأقل من 5% من قيمتها السوقية، لتصبح صفقة بيع شكلية لا هدف لها إلا إرضاء القيادات العسكرية وضمان بقائها في قلب الاقتصاد.

كما حصل الصندوق السيادي على حق التصرف في أصول عامة كبرى، بالبيع أو الانتفاع، بعيدًا عن أي رقابة برلمانية أو مساءلة، لتتحول ملكية الدولة إلى ما يشبه "أصول تحت الطلب" بيد أجهزة سيادية.

 

الطروحات العامة.. المشروع الميت

 

بعد وعود متكررة بطرح 52 شركة في البورصة لتوفير العملة الصعبة، فشلت الحكومة في جذب المستثمرين أو كسب ثقة السوق. فاتجهت بدلًا من ذلك إلى بيع داخلي مغلق لصالح الجيش، في وقت يرتفع فيه الدين العام إلى نحو 14.6 تريليون جنيه، وتستحق مصر سداد 25 مليار دولار خلال العام المالي الجاري.

النتيجة: الشعب يواجه ضرائب غاشمة وارتفاع أسعار، بينما الجيش يزداد ثراءً من خلال استحواذات مدعومة من الدولة نفسها.

 

التفاف على شروط الصندوق.. وفساد ممنهج

 

الصفقات لم تطرح في مزادات عامة، ولم تمر عبر البورصة أو السوق الحر، بل جرت في غرف مغلقة، وهو ما يخالف قانون سوق رأس المال ويهدر حقوق صغار المساهمين.

هذا الأسلوب يعكس عقلية السيسي في إدارة الدولة: إرضاء الجيش أولًا، ولو على حساب القانون والشعب. بل إن البيانات الرسمية حاولت تبرير الصفقة باعتبارها "نقلة ملكية داخلية"، بينما هي في جوهرها مجرد مكافأة إضافية للمؤسسة العسكرية التي تحولت إلى التاجر الأكبر في مصر.

 

شعب يدفع الثمن.. وعسكر يزداد نفوذًا

 

ويرى مراقبون أن السيسي لا يجرؤ على الاقتراب من امتيازات الجيش والشرطة خوفًا من فقدان حمايتهم له، ولذلك يواصل ضخ الأصول العامة إلى أيديهم، بينما يواجه المواطنون انهيار الخدمات، وارتفاع الأسعار، وتفشي الفساد الذي وثّقته منظمات محلية ودولية.

تقرير "شركاء من أجل الشفافية" كشف تسجيل 426 واقعة فساد خلال 7 أشهر فقط، بينما مصر لا تزال ضمن الثلث الأخير عالميًا في مؤشر مدركات الفساد.

 

 

بدلًا من أن يطرح أصول الدولة في السوق بشفافية لجذب استثمارات حقيقية، يفضل السيسي أن يحولها إلى غنائم للعسكر، ليضمن ولاءهم، فيما يغرق الشعب في الأزمات. وهكذا يدفع المصريون وحدهم ثمن سياسة تقوم على معادلة واضحة:

الجيش والشرطة فوق الوطن.. والشعب تحت الحذاء.