لم تعد حوادث القطارات في مصر استثناءً أو مصادفة، بل تحولت في عهد وزير النقل بحكومة الانقلاب كامل الوزير إلى مسلسل متواصل من الكوارث، رغم القفز الجنوني في أسعار تذاكر القطارات، الذي كان يُفترض أن يوازيه تحسّن في مستوى الخدمة والأمان. لكن ما يحدث على الأرض يكشف عكس ذلك تمامًا.
ففي أقل من أسبوع واحد فقط، شهدت محافظة مطروح حادثًا مأساويًا جديدًا، بعدما انقلب قطار قادم من الإسكندرية بالقرب من مدينة الضبعة، ما أسفر عن مقتل 4 ركاب وإصابة 92 آخرين، بينهم حالات حرجة تعاني من إصابات في العمود الفقري والدماغ. شهود العيان وصفوا المشهد بأنه "مجزرة"، حيث تناثر الركاب على جانبي القضبان وارتفعت صرخات المصابين وسط محاولات الأهالي لإنقاذ المحاصرين من داخل العربات المنقلبة.
المشهد المأساوي تكرر للمرة الثانية في مطروح خلال أسبوع واحد، بعد حادث اصطدام قطار ركاب بقطار شحن محمّل بالفحم في المنطقة نفسها، ليضاف إلى سلسلة طويلة من الحوادث في زمن كامل الوزير، أبرزها:
كارثة سوهاج (مارس 2021): تصادم قطارين أودى بحياة أكثر من 20 شخصًا وأصاب المئات.
حادث قطار طوخ (أبريل 2021): أسفر عن مصرع 23 راكبًا وإصابة نحو 139 آخرين.
انقلاب قطار منيا القمح (أبريل 2021): أدى إلى إصابة العشرات.
تصادم حلوان (يونيو 2021): قطار بضائع اصطدم بحافلة عمال وأسفر عن قتلى ومصابين.
ورغم أن مثل هذه الكوارث كانت كافية لإقالة وزراء سابقين، مثل هشام عرفات الذي أُطيح به بعد حادث قطار رمسيس عام 2019، فإن المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي يصرّ على الإبقاء على كامل الوزير في منصبه، بل ويدافع عنه علنًا، في مشهد يثير تساؤلات حول طبيعة الحماية السياسية التي يتمتع بها الوزير القادم من خلفية عسكرية.
تكرار هذه الحوادث يكشف عن عجز حقيقي في تطوير البنية التحتية للسكك الحديدية، رغم مليارات الجنيهات التي أعلن النظام إنفاقها على هذا القطاع. كما يعكس فشلًا ذريعًا في إدارة الملف، حيث لم تتغير النتيجة: عشرات الضحايا في كل مرة، وشعارات رسمية عن "التطوير" لا تجد طريقها إلى أرض الواقع.
في النهاية، يظل السؤال: لماذا يُحاسَب وزراء مدنيون على كوارث أقل حجمًا، بينما ينجو وزير عسكري من المسؤولية رغم تزايد أعداد القتلى؟ هل لأن المساءلة في دولة السيسي تُطبق بانتقائية، بحيث يبقى "أبناء المؤسسة" فوق المحاسبة؟