آثار بدء تطبيق قانون العمل الجديد اليوم الأول من شهر سبتمبر والذى صدق عليه قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسى فى إبريل الماضى حالة من الجدل بين الخبراء والحقوقيين خاصة أن القانون لا ينصف العمال وعلى وجه التحديد العمالة غير المنتظمة والتى تمثل أكثر من 80% من إجمالى العمالة فى مصر كما أنه يحرم العمال من المطالبة بحقوقهم من خلال وضع شروط مشددة تمنعهم من الاضرابات والاعتصامات وهو بذلك ينزع السلاح الوحيد من يد العمال لأنه يضع شرط استنفاد طرق التسوية الودية للمنازعات أولًا، وهى شروط تجعل الإضراب مستحيلًا، وينص القانون الجديد على حظر الإضراب فى المنشئات الحيوية التى تقدم خدمات أساسية أو فى الظروف الاستثنائية دون أن يحدد هذه المنسئات وهذا يفتح الباب لاعتبار كل المؤسسات خاضعة تحت هذا البند .
كما يفتقر القانون لضمانات الأمان الوظيفى، وتقنين مدة عقد العمل، بالإضافة إلى عدم سريان القانون على العاملين بقطاع الأعمال الحكومى إلا فى بعض أحكامه، كما لا يسرى على عمال الخدمة المنزلية الذين سيصدر بشأنهم قانون مستقل،.
محاكم عمالية
فى هذا السياق طالب كمال عباس، المنسق العام لدار الخدمات النقابية والعمالية بتحديد المنشآت الحيوية التى تقدم خدمات أساسية أو فى الظروف الاستثنائية، التى نص قانون العمل الجديد على حظر الإضراب فيها، ووضع إطار قانوني لها، مشيرًا إلى أن نهاية الإضراب يجب أن تحدد من خلال التفاوض وليس وفقًا لمواعيد مسبقة .
وقال «عباس»، فى تصريحات صحفية ان شرط الموعد المسبق قد يفقد الإضراب شرعيته، مشيرا إلى أن الإضراب منصوص عليه فى الدستور المصرى، ومصر موقعة على اتفاقيات منظمة العمل الدولية التى تكفله.
وأشار إلى أن القانون ينص على إنشاء محكمة عمالية للفصل فى المنازعات، بالإضافة إلى ضرورة عدم عرقلة إنشاء نقابات مستقلة للعمال، فضلا عن تفعيل الحوار المجتمعى حول قضايا العمل، وتأسيس مجلس تشاورى ينعقد بشكل دورى يضم ممثلين حقيقيين للعمال.. مطالبا حكومة الانقلاب بالإسراع فى إنشاء المحاكم العمالية وألا تكون حبرًا على ورق، لأن المستقبل يبشر بأن حالة الاحتقان فى سوق العمل ستظل .
وشدد «عباس» على ضرورة النظر فى أزمة العمالة غير المنتظمة، موضحا أنه رغم وجود مواد فى قانون العمل الجديد تهدف إلى دعم هذا النوع من العمالة، إلا أن الآليات المقترحة غير كافية .
وأكد أن معضلة تسجيل العمالة غير المنتظمة ما زالت قائمة، حيث لم يتجاوز عدد المسجلين مليونى عامل بينما يقدر عدد العاملين فى هذا القطاع بـ 13 مليونًا، وفقًا لأقل الإحصاءات.
ضمانات حقيقية
قال ناجى الشهابى، رئيس حزب الجيل الديمقراطى، إن تباين ردود الفعل على قانون العمل الجديد أمر طبيعى فى ظل وجود مواد لم تُلبِّ طموحات الشريحة الأوسع من العاملين، مؤكدا أن القانون لم يُحقق التوازن بين العامل وصاحب العمل، وهو ما خلق حالة من الرفض والقلق لدى العمال، خاصة فى ظل غياب الضمانات الحقيقية للأمان الوظيفى.
وأضاف «الشهابى» فى تصريحات صحفية أن القانون احتوى على بعض الإيجابيات مثل إلزام كتابة عقد العمل، ومنع الفصل التعسفى، وإنشاء محاكم عمالية متخصصة، لكن تلك الإيجابيات لا تكفى للتغطية على سلبيات جوهرية، أهمها ضعف الحماية الاجتماعية، وعدم وجود ضمانات حقيقية لتطبيق الحد الأدنى للأجور، إلى جانب إعطاء أصحاب الأعمال سلطات واسعة قد تُستخدم بشكل تعسفى ضد العمال.
وتابع : الاشكالية الكبرى تكمن فى عدم وجود آلية رقابية واضحة تضمن تطبيق الحد الأدنى للأجور، خاصة فى القطاع الخاص، فضلًا عن السماح بتكرار العقود المؤقتة، ما يهدر مبدأ الأمان الوظيفى لافتا إلى أن القانون لا يُلزم أصحاب الأعمال بتقديم مبررات واقعية عند إنهاء التعاقد، ما يجعل العامل عرضة للفصل التعسفى.
الفصل التعسفى
وشدد «الشهابى» على أن القانون لم يُنصف العمالة غير المنظمة، رغم الحديث المتكرر عن دمجهم ضمن منظومة التأمينات والحماية الاجتماعية مؤكدا إن الواقع العملى لا يعكس أى تطبيق فعلى للحد الأدنى للأجور فى هذه الفئة، وحذر من أن تجاهل هذه الشريحة يُعد خرقًا واضحًا لمبادئ العدالة الاجتماعية، لأنها تشكل نسبة كبيرة من القوة العاملة فى مصر.
وأشار إلى أن أبرز التعديلات التى لم تُؤخذ فى الاعتبار هى المطالبات بجعل العقد غير محدد المدة هو الأصل، وبتجريم الفصل التعسفى بشكل واضح وصريح. معربا عن أسفه لأن القانون تجاهل هذه المطالب نتيجة لضغوط من أصحاب المصالح ورؤوس الأموال، ما أدى إلى الخروج بقانون أقرب إلى حماية أرباب العمل لا العمال.
وطالب «الشهابى» بإعادة النظر فى صياغة عدد من المواد لتشمل إلزامية الحد الأدنى للأجور على جميع العاملين، وضمانة استمرار التعاقد الدائم، وتفعيل الرقابة الحقيقية على ظروف العمل، خاصة فى القطاع غير الرسمى، كما دعا إلى حوار مجتمعى حقيقى تشارك فيه الأحزاب السياسية واللجان النقابية والنقابات العامة، والعمال أنفسهم، لصياغة قانون يحقق العدالة والاستقرار فى سوق العمل المصرى.