الفاتورة على الشعب والأرباح للجنرالات  ..”أبراج العلمين” فساد عسكري بواجهة “استثمار سياحي”

- ‎فيتقارير

 

يتجدد مسلسل فضائح مشروعات  المنقلب السفيه السيسي العقارية في مدينة العلمين الجديدة، حيث كشف مصدر مطلع في هيئة المجتمعات العمرانية أن مشروع الأبراج الشاطئية لم يستوفِ حتى الآن اشتراطات الحماية المدنية، وهو ما أدى إلى تأخر تسكين آلاف المواطنين الذين دفعوا أموالهم منذ سنوات.

 

لكن خلف المبررات الرسمية حول "الظروف الاقتصادية" أو "التعقيدات الفنية"، يقف الفساد العسكري كالعامل الحاسم: إذ أُجبرت وزارة الإسكان على إسناد المشروع لشركات تابعة للجيش وشركات مقاولات محسوبة عليه، ثم يجري تمرير الأعمال من الباطن لشركات أصغر بأسعار بخسة، فيتحول الفارق لعمولات مليارية تدخل جيوب الجنرالات على حساب المواطنين وجودة المشروع.

وكان رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي قد اعترف في أغسطس/آب 2024 بتأخر تسليم وحدات الأبراج، مبررًا ذلك بالظروف الاقتصادية العالمية، في محاولة للتغطية على الإخفاقات والفوضى الإدارية المصاحبة للمشروع.

 

من جانبه، أقر رئيس جهاز تنمية مدينة العلمين الجديدة أحمد إبراهيم بأن مشروع الأبراج لم يتضمن منذ البداية اشتراطات الحماية المدنية، مشيرًا إلى أن هذه النوعية من المشروعات معقدة وتحتاج إلى اختبارات قد تستمر عامًا كاملًا، في الوقت الذي تم فيه بالفعل تسليم 1500 وحدة من أصل 2500 بالمرحلة الأولى، بينما لم يتجاوز عدد الوحدات التي جرى تسكينها فعليًا 200 وحدة فقط.

 

وفي يوليو/تموز 2023، حاول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء تسويق المشروع باعتباره "نموذجًا عالميًا" لقدرة الشركات المصرية على تنفيذ أرقى الاستثمارات السياحية، مؤكدًا أن الأبراج البالغ عددها 15 بارتفاع 44 طابقًا، تتوسطها منطقة ترفيهية تضم مولات ومطاعم على مساحة 66.8 فدان، إضافة إلى ممشى سياحي بطول 7 كيلومترات.

 

لكن خلف هذا المشهد البراق، تقف حقائق الفساد؛ فتنفيذ الأبراج أسند لشركات محددة بعينها، أبرزها: أبناء حسن علام، أوراسكوم، درة، ريدكون، سياك، والمقاولون العرب، وهي جميعها إما شركات تابعة للمؤسسة العسكرية أو مقربة منها. فيما تعيد هذه الشركات إسناد الأعمال من الباطن بأسعار أقل بكثير، بما يضمن تدفق العمولات والأرباح الخيالية، في مقابل إهدار مليارات الجنيهات على مشروعات لم تكتمل أو تحرم المصريين من الاستفادة الفعلية منها.

 

وبينما تُسوّق الأبراج باعتبارها إنجازًا معماريًا وسياحيًا، فإنها تظل شاهدًا على فساد بنيوي يرسخه حكم العسكر، حيث تُدار المشروعات بمنطق البيزنس والعمولات، لا بمنطق التنمية الحقيقية أو توفير السكن اللائق للمواطنين.

 

أبراج غير مكتملة ومعايير غائبة

 

رئيس جهاز مدينة العلمين الجديدة أحمد إبراهيم اعترف بأن المشروع لم يتضمن اشتراطات الحماية المدنية من الأساس، وأن مرحلة الاختبارات قد تمتد لعام كامل. ورغم تسليم عقود 1500 وحدة من أصل 2500، فإن عدد الوحدات التي جرى تسكينها فعليًا لم يتجاوز 200 وحدة فقط، ما يعكس حجم التعثر والفشل الإداري المتعمد.

 

الدعاية الرسمية.. و"العلامة المميزة" للفساد

 

في يوليو 2023، حاولت أجهزة السيسي الترويج للمشروع عبر مركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، واصفة الأبراج بأنها "علامة مميزة لقدرة الشركات المصرية على تنفيذ أرقى مستويات الاستثمار السياحي". لكن الحقيقة أن هذه "القدرة" لم تكن سوى واجهة لتفويض الجيش وشركاته المقربة بأعمال الإنشاءات، مثل أبناء حسن علام وأوراسكوم ودرة وريدكون وسياك والمقاولون العرب، في وقت تُركت فيه الحماية المدنية ومعايير السلامة "رفاهية مؤجلة".

 

النمط المتكرر منذ السيسي

 

ما يحدث في العلمين ليس استثناءً، بل امتدادًا لنهج احتكار الجيش لمشروعات الإسكان منذ وصول السيسي للحكم.

 

في العاصمة الإدارية الجديدة، سيطر "الهيئة الهندسية للقوات المسلحة" بالكامل على التخطيط والتنفيذ، وأصبحت الشركات المدنية مجرد مقاولين من الباطن.

 

في مدينة المنصورة الجديدة والعاصمة العالمية "العلمين"، تكرر نفس السيناريو: الجيش يحتكر المشروعات الكبرى، بينما تُدار المشروعات لصالح شبكات الجنرالات، مع تحويل الأرباح الهائلة إلى إمبراطورياتهم الاقتصادية بعيدًا عن أي رقابة.

 

حتى مشاريع الإسكان الاجتماعي للفقراء لم تسلم، إذ جرى تفريغها من مضمونها وتوجيه المليارات نحو أبراج فاخرة وشقق استثمارية للأثرياء والسائحين.

 

الفاتورة على الشعب.. والأرباح للجنرالات

 

بينما يتغنى النظام بإنجازات وهمية، يدفع المواطن المصري ثمن هذه السياسات عبر ديون متراكمة وأسعار سكن لا يقدر عليها سوى الأثرياء والمضاربين. أما الجيش، فقد حوّل قطاع الإسكان من مجال خدمي يُفترض أن يخفف أزمة السكن، إلى مغارة فساد تدر مليارات، تُستنزف في حسابات الجنرالات بينما يعيش ملايين المصريين في العشوائيات والمساكن غير الآدمية.