مع زيادة الانتاج وتراجع الأسعار..مزارعو الطماطم يواجهون خسائر فادحة وحكومة الانقلاب ترفض مساعدتهم 

- ‎فيتقارير

 

 

 

مع تزايد الانتاج وتراجع الأسعار يواجه مزارعو الطماطم خسائر كبيرة هذا العام خاصة فى ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتقلبات المناخية، وغياب التخطيط من جانب وزارة الزراعة بحكومة الانقلاب التى تتجاهل أزمة المزارعين وترفض تقديم أى دعم لهم أو حتى توجيهات وارشادات رغم أن الأزمة تتطلب تدخلا حكوميا شاملا يضمن التوازن بين مصلحة المنتج والمستهلك، ويحفظ استمرارية زراعة أحد أهم المحاصيل الغذائية في البلاد. 

خسائر مزارعي الطماطم جاءت نتيجة انهيار الأسعار بسبب وفرة المعروض. الذى جاء بسبب توسّع غير متوقّع في مساحات الزراعة، تزامنًا مع موجة حر شديدة عجّلت بنضج الثمار وزادت الإنتاج، ما أدى إلى فائض ضخم لم تستطع الأسواق المحلية أو مصانع الصلصة استيعابه. ونتيجة لذلك، تلف جزء كبير من المحصول، سواء في الحقول بسبب تأخر الجني، أو أثناء النقل بفعل تكدّس الشاحنات أمام المصانع، في ظل استمرار المزارعين في دفع تكاليف النقل والعمالة دون عائد. 

هذه الخسائر تترافق مع تحذيرات من امتناع عدد كبير من المزارعين عن زراعة الطماطم في المواسم المقبلة، ما قد يهدد المعروض المحلي ويفتح الباب أمام تقلبات سعرية حادة. 

 

خسائر قاسية

 

من جانبه قال شريف أبو حبارة، مزارع طماطم من برج العرب ، إن تكاليف الزراعة تضاعفت، بينما تراجعت أسعار البيع إلى مستويات غير مسبوقة، ما أدّى إلى خسائر قاسية.   

وأوضّح أبو حبارة فى تصريحات صحفية أن زراعة الطماطم الصيفية تبدأ عادة في فبراير أو أبريل، ويستمر موسم الجمع حتى منتصف سبتمبر مشيرا إلى أن الفدان كان يحقق أرباحًا تصل إلى 50 ألف جنيه، غير أن الوضع تغيّر؛ إذ بلغت تكلفة زراعة الفدان هذا العام ما بين 130 و150 ألف جنيه، بفعل ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات بنسبة تصل إلى الثلثين. 

وأشار إلى أن السوق يخضع لسيطرة كبار التجار والشركات، في ظل توسّع شركات مستلزمات الإنتاج في البيع الآجل، ما دفع المزارعين إلى التوسع في مساحات تفوق قدرتهم المالية.   

وكشف أبو حبارة عن خسائر شخصية بلغت نحو 15 مليون جنيه بعد زراعة 115 فدانًا، موضحا أن ذلك يرجع إلى دخول مزارعين غير ذوي خبرة يمثلون نحو 60% من إجمالي المنتجين، ما أدى إلى إغراق السوق بالمحصول. 

وقال : شركات البذور طرحت أصنافًا عالية الإنتاجية، في وقت توقف فيه التصدير، فانهارت الأسعار ليباع الكيلو بجنيه واحد فقط، بينما لا تتجاوز قيمة الفدان المباع 10 آلاف جنيه . 

وانتقد غياب وزارة زراعة الانقلاب التى لا تقوم بأى دور فى هذه الأزمات، مؤكدًا أن الدعم الحكومي لا يتجاوز 5% على هيئة كيماويات محدودة الفاعلية، دون توفير بذور أو أسمدة، ما يترك المزارعين تحت رحمة الشركات الخاصة.

وطالب بفرض رقابة صارمة على السوق وتنظيم المساحات المزروعة، كما هو الحال مع محصول الأرز، إلى جانب ضبط نشاط شركات البذور والأسمدة. 

 

العروة الصيفية

 

وكشف طلعت عنوس، مزارع من كفر الشيخ، أن تكلفة زراعة فدان الطماطم في العروة الصيفية تتراوح بين 100 و120 ألف جنيه، بسبب الحاجة إلى عناية خاصة في ظل شدة الحرارة مؤكدا أن أغلب المزارعين يعملون في أراضٍ مستأجرة، ما يرفع التكلفة أكثر، حيث يتراوح الإيجار بين 30 و50 ألف جنيه للفدان. 

وقال عنوس فى تصريحات صحفية : تكاليف الإنتاج ارتفعت هذا العام بنحو 30% عن العام الماضي، مع زيادة أسعار الأسمدة والمبيدات، وقفز سعر كيلو البذور المستوردة إلى 8500 جنيه، بعد أن كان يتراوح سابقًا بين 2000 و3000 جنيه . 

وبخصوص الأسعار أُوضح أن قفص الطماطم يُباع بين 50 و65 جنيهًا، فيما تصل كلفة الجمع والنقل إلى 30 أو 40 جنيهًا، ما يترك هامش ربح ضئيلًا أو معدومًا. مشيرا إلى أن الفدان قد لا يُباع بأكثر من 20 ألف جنيه، ما يعني خسائر صافية قد تبلغ 80 إلى 90 ألف جنيه للفدان الواحد. 

وأرجع عنوس سبب الأزمة إلى وفرة الإنتاج الناتجة عن إقبال عدد كبير من المزارعين على زراعة الطماطم بعد ارتفاع أسعارها العام الماضي. لافتا الى أن تصريحات نقيب الفلاحين حول الأرباح المرتفعة شجعت غير المتخصصين على دخول المجال، وأسهمت في تفاقم الأزمة. 

 

التصنيع والتصدير

 

وأكد أن مسارات الحل مثل التصنيع أو التصدير لم تُسهم في امتصاص الفائض، إذ تعجز المصانع عن استيعاب الكميات وتؤخر أحيانًا تفريغ الشحنات عدة أيام، ما يؤدي إلى التلف. كما أن التصدير لا يشمل أكثر من 3 إلى 5% من الإنتاج، ويقتصر على فترات محدودة أما التجفيف، فيحتاج إلى أصناف غير مزروعة في العروة الصيفية. 

وشدد عنوس على أن الخسائر مستمرة منذ ديسمبر 2024، وأن الكثيرين مضطرون للاستمرار في الزراعة باعتبارها مصدر رزقهم الوحيد، مطالبًا وزارة زراعة الانقلاب بالتدخل العاجل لتسويق الفائض وتخفيف الخسائر، ووضع سياسة توجيهية تساعد الفلاحين على اختيار المحاصيل المطلوبة في السوق المحلي والتصديري. 

 

تكاليف الزراعة

 

وقال عمر العباسي، مزارع إن تكاليف زراعة فدان الطماطم تصل إلى نحو 180 ألف جنيه، تشمل 25 ألفًا للشتلات، و20 ألفًا للسباخ، و20 ألفًا لشبكة ري حديث، و50 ألفًا لإيجار الأرض، إلى جانب 65 ألفًا لمصاريف العمالة والسولار والأسمدة والمبيدات. 

وأوضح العباسي فى تصريحات صحفية أن الفدان بالكاد يُنتج ألف قفص، وإذا بيع القفص بـ100 جنيه، فإن العائد يصل إلى 100 ألف جنيه، يُخصم منها نحو 50 ألفًا تكاليف الجمع والنقل والعمولات، ليبقى للمزارع 50 ألف جنيه فقط مقابل تكلفة بلغت 180 ألفًا، أي بخسارة مؤكدة. 

وأشار إلى أن الحوشة، أي قطعة أرض مكوّنة من ستة أفدنة، تكلفة زراعتها 600 ألف جنيه، ولا تُباع الآن بأكثر من 200 ألف فقط، بخسارة تصل إلى 400 ألف، وقد يعجز المزارع عن البيع حتى بهذا السعر . 

ولفت إلى أن هذه الحسابات تخص حالة مثالية لمحصول سليم، بينما في حال إصابته بآفة كالدودة أو السوسة، قد لا يتجاوز العائد 20 ألف جنيه، ما يزيد من حجم الخسارة. مؤكدا أنه حتى مالكي الأراضي، الذين لا يدفعون إيجارًا، يتكبدون خسائر فادحة في ظل هذا الوضع.