رغم عدم صدور اللائحة التنفيذية لقانون الإيجار القديم إلا أن أحكام طرد المستأجرين بدأت تتوالى بصورة تكشف نوايا حكومة الانقلاب فى التخلص من نظام الإيجار القديم وطرد المنتفعين منه إلى الشوارع ورغم أن هذه الحكومة تقول انها ستوفر مساكن بديلة للحالات التى تستحق من هؤلاء المستأجرين إلا أنها ستبدأ ذلك فى شهر أكتوبر المقبل وتضع شروطا يستحيل توافرها من أجل الحصول على سكن بديل .
هكذا تحول قانون الإيجارات القديمة إلى ساحة جدل لا يهدأ بعد أن وضعت التعديلات الأخيرة المستأجرين في مواجهة مباشرة مع شبح الطرد والملاك في انتظار استرداد ما يعتبرونه حقوقا ضائعة.. ومع كل حكم طرد جديد يزداد القلق في الشارع المصري الذي يترقب مصير ملايين الأسر العالقة بين جدران وحدات سكنية ورثتها الأجيال جيلا بعد جيل .
حالات الطرد
حالات الطرد في قانون الإيجارات القديمة أصبحت حديث الشارع المصري بعد إدخال تعديلات جوهرية على بنود القانون الذي ظل مجمدا لعقود طويلة ويعتبر الملاك هذه التعديلات خطوة لاسترداد حقوقهم..بينما يرى المستأجرون أنها تهدد استقرار أسر عاشت داخل هذه الوحدات جيلا وراء جيل وتتركز أبرز الحالات التي تسمح بالإخلاء في ترك الشقة مغلقة مدة تتجاوز عاما كاملا دون مبرر وهو ما يمنح المالك حق التوجه إلى المحكمة للمطالبة بإنهاء العلاقة الإيجارية وطرد المستأجر على الفور .
شقق مغلقة
من أكثر النقاط المثيرة للجدل مسألة الوحدات المغلقة حيث يزعم الملاك أن هناك آلاف الشقق مغلقة منذ سنوات في وقت يواجه فيه السوق أزمة سكنية خانقة وبالتالى لابد من وجهة نظرهم استعادة هذه الشقق لتوجيهها لاستفادة من يحتاج إليها .
فى هذا السياق أكد المستشار القانوني أحمد عبدالحميد المحامي أن القانون الجديد منح المالك الحق في طلب الطرد إذا ثبت أن الوحدة غير مستخدمة لمدة تزيد عن اثني عشر شهرا مشيرا إلى أن المشرع يعتبر ذلك يحقق توازنا بين مصلحة المجتمع وحماية حقوق الملكية .
امتلاك وحدة أخرى
وأشار عبدالحميد إلى أن القانون ينص أيضا على إمكانية طرد المستأجر إذا تبين أنه يمتلك هو أو أحد أفراد أسرته وحدة أخرى صالحة للسكن وهو ما اعتبره المحامي محمود عثمان أداة لمنع التحايل مؤكدا أن الهدف من وجهة نظر حكومة الانقلاب هو توجيه الدعم الحقيقي لمستحقيه ومنع الاستفادة المزدوجة من الامتيازات القديمة في ظل حاجة ملحة إلى إعادة توزيع الموارد السكنية .
إنذار رسمي
الإجراءات القانونية تبدأ عادة بإنذار رسمي يوجهه المالك إلى المستأجر موضحا أسباب المطالبة بالإخلاء سواء بسبب الامتناع عن دفع القيمة الإيجارية الجديدة أو إساءة استخدام الوحدة السكنية .
فى هذا السياق قال المستشار القانوني أمجد عبدالعزيز المحامي إن الامتناع عن السداد يضع المستأجر تحت طائلة القانون ويعطي المالك الحق في رفع دعوى إخلاء أمام المحكمة المختصة وإذا استمرت المخالفة قد يصدر قاضي الأمور الوقتية أمرا عاجلا بالإخلاء مع الاحتفاظ للمالك بحق التعويض .
وتشدد التعديلات أيضا على مسألة استخدام الوحدة في غير الغرض المتفق عليه فإذا تم تحويلها إلى نشاط تجاري أو جرى استغلالها في أعمال مخالفة للقانون يحق للمالك المطالبة بالطرد وهو ما أكدته المحامية نجلاء حسن التي أشارت إلى أن هذه الخطوة تستهدف ردع أي محاولات لاستغلال ثغرات العقود القديمة في أعمال تضر بالمجتمع .
خلع فجائي
فى المقابل يعتبر المستأجرون هذه النصوص القانونية تهديدا مباشرا لاستقرارهم الاجتماعي ويوجهون انتقادات عديدة للتعديلات التى أدخلتها حكومة الانقلاب على قانون الايجار القديم .
ووصف المحامي أشرف ناجي هذه الخطوات بأنها تشبه الخلع القانوني الفجائي للمستأجرين محذرا من غياب بدائل مناسبة في السوق العقارية خاصة في المناطق الشعبية التي لا يتوفر فيها سكن بأسعار مقبولة .
هكذا أشعلت حكومة الانقلاب قضية الايجار القديم لأهداف غير معلومة على وجه التأكيد حتى الآن لتعكس القضية في مجملها صراعا قديما بين الملاك الراغبين في استرداد أملاكهم والمستأجرين الذين يخشون فقدان المأوى ولا تدرك حكومة الانقلاب أنها مطالبة اليوم بطرح حلول وسطية تضمن حقوق الطرفين مثل التوسع في الإسكان الاجتماعي أو منح مهلة زمنية أطول قبل تنفيذ أحكام الطرد بما يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية وصون الملكية الخاصة .