بسبب ارتفاع الأسعار..حلويات “بِير السِلم” على موائد المصريين في ذكرى المولد النبويّ

- ‎فيتقارير

 

ارتفاع أسعار حلاوة المولد النبوي تسببت في حالة من الاستياء والحزن بين المصريين الذين يحرصون على الاحتفال بالمولد النبوي، ومن ضمن الطقوس السنوية التي اعتادوا عليها شراء حلاوة المولد للأسرة والأطفال، ليدخلوا عليهم الفرحة في تلك المناسبة العظيمة، لكنهم لم يتمنكنوا من الحصول على حلاوة المولد هذا العام، بسبب الارتفاع الجنوني في الأسعار التي طالت كل شيء في زمن الانقلاب .

يشار إلى أن أسعار علبة حلاوة المولد تتراوح هذا العام بين 400 جنيه للعلبة البسيطة وحتى 100 جنيه للعلب المعبئة بالمكسرات الفاخرة.

ورغم فرحة المصريين بموسم المولد النبوي وما يحمله من طقوس وعادات اجتماعية راسخة، فإن هذه المناسبة تحولت في كثير من الأحيان إلى باب خلفي لتسلل الغش التجاري إلى موائد المواطنين، خاصة مع انتشار ما يعرف بـ«حلاوة تحت السلم» – منتجات تُصنّع في الخفاء، بلا رقابة، ولا تراخيص، ولا أدنى درجات السلامة الغذائية، ويضطر بعض المصريين لشرائها، من أجل مسايرة أجواء الاحتفال رغم علمه بما قد يترتب عليها من أضرار .

كان قد تم ضبط مصنع غير مرخص في محافظة المنوفية به 4 أطنان من «حلاوة المولد» الجاهزة وتحت التصنيع، بالإضافة إلى 4 أطنان أخرى من خامات غير معروفة المصدر، مُدرجة عليها علامات تجارية وهمية، وفي أسوان، تم ضبط 91 كجم من حلوى المولد مجهولة المصدر، بالإضافة إلى أقراص «مشبك» غير صالحة للاستهلاك، وتم غلق بعض المحال لعدم توفر التراخيص الصحية.

 

فَرْشَات الرصيف

 

من جانبها قالت سماح عبد الغني، ربة منزل وأم لأربعة أبناء: إنها "حاولت شراء بعض حلاوة المولد من إحدى فرشات الحلوى المنتشرة على الرصيف".

وأشارت إلى أنها طلبت من البائع «عروسة وحصان وعلبة حمصية على قد الميزانية» مؤكدة أنها لم تعد قادرة على دخول المحلات الكبرى، بعدما ارتفعت أسعار العلب الجاهزة إلى 800 و1000 جنيه .

وأضافت: «إحنا على قدنا، بس مش معقول العيال يعدي عليهم المولد كده من غير أي حاجة، حتى لو بسيطة». معربة عن قلقها من جودة هذه الحلوى، لكن رؤية الفرحة في عيون أولادي تستحق المجازفة.

 

قطعة سمسمية

 

وقال عم شعبان، موظف بالمعاش : إنه "اعتاد في شبابه شراء العلبة الكاملة وتوزيعها على أولاده وجيرانه، مشيرا إلى أنه اليوم، في ظل ارتفاع الأسعار يكتفي بقطعة صغيرة من السمسمية يتناولها مع كوب شاي في المساء، ليستعيد بها طعم زمن مضى ".

وأضاف : إحنا كبرنا والفرحة صغرت، بس بنحاول نعيش الذكرى .

 

المواد الخام

 

وأكد بائع شاب ثلاثيني، أنه يحاول بيع ما تبقى لديه من حلوى جلبها من ورشة صغيرة، مشددا على أنه لا يغش ولا يبيع فاسدًا، لكنه يعترف بأن المنتجات ليست بالجودة العالية التي يراها الزبائن في المحلات الفخمة، وبرر ذلك بارتفاع أسعار المواد الخام، مشيرا إلى أن السكر وحده أصبح عائقًا أمام الاستمرار.

وأوضح أنه رغم ذلك، يفضل البيع للناس البسيطة، الذين يبحثون عن «حاجة حلوة تفرّح الولاد»، حتى وإن كانت من الرصيف.

 

تسمم غذائي

 

من جانبها حذّرت الدكتورة أمل السفطي، مدير مركز السموم الأسبق، من مخاطر تناول حلوى المولد بشكل غير آمن أو مفرط، مشددة على ضرورة معرفة المخاطر المصاحبة للإفراط في تناولها، وأهمها الارتفاع الحاد في مستوى السكر بالدم، عسر هضم، انتفاخ أو آلام بالمعدة .

وأكدت أمل السفطي في تصريحات صحفية أن نسبة السكر المرتفعة تؤثر مباشرة على صحة الأسنان واللثة يجانب زيادة الوزن، بسبب السعرات الحرارية العالية.

وطالبت المستهلكين بضرورة التأكد من المصدر الآمن والموثوق فيه لتصنيع الحلويات، لإنه مع انتشار الأنواع المغشوشة لرخص ثمنها يتم استخدام مكونات غير آمنة أو طرق تصنيع غير مطابقة للمواصفات، موضحة أن من أبرز أضرار تناول الحلويات المغشوشة التسمم الغذائي لتلوثها بالميكروبات أو استخدام الألوان الصناعية والمواد الحافظة التي تتراكم وتؤثر على وظائف أغضاء الجسم مثل الكبد والكلى والجهاز العصبي، كما تؤثر على الجهاز الهضمي وتسبب تحسس الجلد والجهاز التنفسي.

وأوضحت أمل السفطي، أن النهج الأمثل لتناول حلاوة المولد دون أضرار صحية يتمثل في الاكتفاء بقطعة واحدة فقط يوميًا، على أن تُقسّم إلى أجزاء صغيرة تُستهلك على فترات متباعدة، مع ضرورة تقليل محتوى الوجبات الأخرى خلال اليوم لتفادى الإفراط في السعرات الحرارية.

 

مصادر مجهولة

 

وشددت على ضرورة تحديد توقيتات لتناول الحلوى، حيث يُفضل أن تتناول الحلوى بعد الطعام، وليس على معدة فارغة لتجنب ارتفاع السكر المفاجئ بالدم، كما يفضل تناولها خلال النهار ومع ممارسة الرياضة.

وحذرت أمل السفطي، من شراء «حلاوة المولد» من مصادر مجهولة أو ما يُعرف بـ«حلاوة تحت السلم»، مؤكدة أن اكتشاف وجود مواد سامة في هذه المنتجات لا يتم إلا بعد ظهور الأعراض والمضاعفات، ما يجعل الوقاية ووعي المستهلك أمرًا بالغ الأهمية.

وأكدت أنه في حال ظهور أعراض حادة كالإسهال أو القيء أو فقدان التركيز، يجب التوجه فورًا إلى المستشفى لإجراء الإسعافات الأولية ومتابعة الأعراض وضرورة إحضار عينة من الحلوى التي تم تناولها لعرضها على الأطباء لتحديد نوع المادة المسببة للتسمم.

وأشارت أمل السفطي إلى ضرورة مراقبة الأطفال عند تناول الحلوى، وعدم اللجوء إلى إسعافات منزلية في حال الاشتباه بالتسمم، بل التوجه مباشرة لأقرب مركز طبي، لأن التأخير قد يؤدي إلى تفاقم الحالة ووصولها إلى مراحل خطيرة.